13 - 07 - 2015, 11:40 AM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
العظة علي الجبل .. تأملوا طيور السماء..تأملوا زنابق الحقل مت6 : 26 , 28 (2)
بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح: قداسة البابا شنودة الثالث ١١ يوليو ٢٠١٥
4- الطبيعة أيضا تعطينا درسا في الطاعة.
إنها تنفذ مشيئة غيرها لا إرادتها الخاصة سواء الطبيعة السمائية التي للملائكة أو طبيعة أرضنا الكل يسير وفق نظام إلهي موضوع له,ما عدا الإنسان الذي يستخدم عقله وحريته أحيانا في التمرد علي مشيئة الله,لذلك نقول للرب في صلواتنا لتكن مشيئتك:كما في السماء كذلك علي الأرضمت6:10
مثال لهذه الطاعة ما ورد في قصة يونان النبي.. أعد له حوتا عظيما ليبتلع يونان فابتلعهيون1:17وأمر الرب الحوت:فقذف يونان إلي البريون2:10وبنفس الوضع سلكت اليقطينة التي ظللت علي يونان لكي تخلصه من فمه والدودة التي نفذت الأمر فضربت اليقطينة فيبست والشمس التي ضربت علي رأس يونان فذبل يون4.
الشخص الوحيد في تلك القصة الذي لم يكن مطيعا هو الإنسان يونان:عقله أتعبه وكذلك إراداته..!
الطبيعة الجامدة تعطي مثالا في طاعة الله وكذلك الملائكة الذين قال عنهم المزمورباركوا الله يا ملائكته الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه(مز103:20)ليت الإنسان يأخذ درسا حينما يتأمل الطبيعة في طاعتها.
5- الطبيعة تعطينا درسا آخر في الحركة والنشاط.
خذها مثالا من الأرض في دورانها حول نفسها مرة كل يوم وحول الشمس مرة كل عام.منذ خلقها وهي تدور لاتتوقف ومازالت تدور حتي في هذه اللحظة التي أكتب لكم فيها وستظل تدور إلي نهاية العالم,في حركة لاتنقطع لاتتذمر ولايقل نشاطها تري لو فكرت الأرض أن تستريح قليلا من هذا الدوران ماذا كان سيحدث لليل والنهار وللفصول الأربعة؟طبيعة جسدنا أيضا هي درس في الأشياء التي لاتتوقف القلب في عمله وكذلك المخ والكبد والدم.لو توقف أحد من هذه الأعضاء لتعرض الإنسان للضياع ,نفس الوضع في الشجر والنبات دروس في الحركة.
مثال عجيب آخر في الحركة والنشاط هي النملة في حياتي كلها لم أر نملة واحدة واقفة هي دائما تعمل وتتصل بغيرها وتوصل رسالات!
6- الطبيعة تعطينا أيضا درسا في العطاء.
الشمس تعطينا حرارة ودفئا ونورا والنجوم والكواكب والقمر تعطينا ضوءا المطر يعطينا ريا,والأشجار تعطينا ظلا الورود والأزهار تعطينا رائحة وعطرا وتعطينا فرصة للتمتع بألوانها وجمال منظرها والنباتات تعطينا طعاما وكثير من الأشجار تعطينا فاكهة وثمرا الماء من أجلنا يجري في النهار ويجري في عروق الأشجار الجبال تعطينا معادن نافعة لنا,وتعطينا أحجارا لمبانينا وتعطينا حدودا وبعضها يصلح للزرع وللسكني والهواء يعطينا ما نستنشقه لنحيا بل حتي ظلام الليل يعطينا فرصة لنغفو ونستريح.
كل الطبيعة لاتعمل لأجل نفسها,بل لغيرها لأجلنا نحن,الأرض لماذا تتعب لتنتج وتثمر؟أليس لأجلنا؟إنها درس لنا بلا شك.
7- والطبيعة تعطينا كذلك درسا في إنكار الذات.
ولعلني في هذا أعطيكم مثالا بالجذر الذي يحمل الشجرة كلها وهو مختف لايظهر إنه يمتص العصارة من الأرض ويقدمها للشجرة فتنمو وتزهر وتثمر ويمتدح الناس زهرها وثمرها وظلها ولاتنال الجذور شيئا من هذا المديح بل تحيا في إنكار ذات دائم هي لاتظهر ولكن تعطي للجذع في أن يعلو شامخا وللفروع فرصة في أن تمتد وأن تهتز وتعطي فرصة للزهر والثمر أن يظهر أما هي فنكرة لذاتها.
والجذور لاتحسد الفروع علي علوها ولاتحسد الزهر علي ظهوره ولا الثمر علي طعمه بل هي تبذل جهدها لأجل الكل وتمتد وتتعمق في الخفاء تحت الأرض لكي تعطي للشجرة علوا إلي فوق.
نفس الوضع بالنسبة إلي الأساسات في الأبنية هي أيضا تحمل البناء كله ولكنها لاتظهر وقد تري ناطحة سحاب فتمتدح علوها الشاهق وجمال ما فيها من مساكن في أحسن رونق وفي منظر وطلاء خارجي أما الأساسات فلا يتحدث أحد عنها!إنها في أعماقها منكرة لذاتها تقول عن المبني العاليينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقصيو3:30.
8- الطبيعة أيضا تعطينا درسا في الجمال وفكرة عن محبة الله للجمال.
ما أعجب جمال السمك الملون وجمال الفراشات كلها بألوان عجيبة ومجموعات نادرة يصعب علي فنان أن يرسم بعضا منها,وكلها تدل علي قدرة الخالق في تنسيق وتنويع وترتيب تلك الألوان جميعها وتلك الأشكال المتعددة نراها فنؤمن أن الله هو الفنان الأول.
أراني البعض باقة من ورد وأزهار صناعية وعلي الرغم من محاولة تقليدها للورد والأزهار الطبيعية إلا أنني رأيت بين النوعين فارقا كبيرا فالورد الطبيعي له الرائحة والنضرة والحيوية,وحتي اللون أيضا شتان بين الطبيعي والصناعي حقا إن الطبيعة لها جمالها.
ونحن نري ذلك فنأخذ درسا أن الجمال هو الوضع الطبيعي.
نضيف إلي ذلك مديح الرب إذ قال عن زنابق الحقل ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها(مت6:29).ماذا نقول أيضا عن جمال الأصوات وتنوعها في طيور السماء؟!.
|