رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
- القس بيشوي فايق
إن كان ليس عند الله محاباة؛ فلماذا جاء الرب يسوع ابن الله الحي إلى اليهود، ولماذا اعتَبَر الوحي الإلهي اليهود خاصة للرب يسوع بحسب قول الكتاب المقدس: "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله"؟ ولماذا وجه الرب يسوع رسالته لهم أولًا، كما هو ثابت في هذا النص الإنجيلي؟! الإجابة: نجيب على هذا السؤال بنعمة الله من خلال النقاط التالية: أولًا: اهتمام الله ببني البشر جميعهم دون محاباة لأحد. ثانيًا: أهمية ومقاصد الله من تكوين خاصة له. ثالثًا: ومواصفات هذه الخاصة. رابعًا: نجيب عن سبب تجسد الرب وتأنسه وولادته من العذراء مريم وكرازته لخاصته من اليهود أقربائه: أولًا: ليس عند الله محاباة: â—ڈالله محب البشر المعتني بالجميع: يُعِدُّ الله للإنسان كل ما يلزم لمعيشته على الأرض، وليس ذلك فقط فهو يرعى كل نسمة من بني البشر على حدة دون تمييز، بل يهتم أيضًا بالطير والحيوان، وبكل ما يدب على الأرض من خليقته غير العاقلة التي جبلها لأجل الإنسان حبًا ، واهتمامًا به. إن الله يهتم ببني البشر جميعهم كقول الكتاب: "مِنَ السَّمَاوَاتِ نَظَرَ الرَّبُّ. رَأَى جَمِيعَ بَنِي الْبَشَرِ. مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ" (مز33: 13- 15). وأيضًا قوله: "مَا أَعْظَمَ جُودَكَ الَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ، وَفَعَلْتَهُ لِلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ تُجَاهَ بَنِي الْبَشَرِ!" (مز31: 19). â—ڈليس عند الله محاباة: الله لا يحابي أحدًا، لأنه يُقَدّر قيمة كل نفس، فالجميع له، لأنهم أبناء أب واحد هو أبونا آدم كقول الرب: "هَا كُلُّ النُّفُوسِ هِيَ لِي. نَفْسُ الأَبِ كَنَفْسِ الابْنِ، كِلاَهُمَا لِي. اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ" (حز18: 4). إن دارس الكتاب المقدس يلحظ بسهولة اهتمام الله بكل الأمم؛ فقد أرسل الله يونان النبي لمدينة نينوى، وأرسل رسائل للممالك القديمة على يد أنبيائه أمثال إشعياء، وإرميا، وحزقيال، وغيرهم. ثانيًا: مقاصد الله من تكوين خاصة له: لم يشأ الله أن يظل بعيدًا عن البشر، يرسل لهم فقط الوصايا والنواهي، ويراقبهم عن بعد. ذلك لأن الله محبة كما شهد الكتاب. إن الاقتراب والتعامل مع الآخر من أهم دعائم المحبة، وكيف تتحقق المحبة عن بعد، دون معاملة من نحبه؟! لقد كوَّن الرب خاصة له من البشر حتى يمكنه التعامل معهم، وبالتالي يعرفوه من خلال معاملاته معهم؛ فيمتلئوا من حبه وصلاحه، وهكذا يفيضون على من حولهم بالحب الإلهي الشافي. وقد أدرك موسى النبي بركة وثمار حضور الله وسط شعبه وتعامله المباشر معهم، واعتبر ذلك امتياز لأمته فخاطب الله قائلًا: "فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ" (خر33: 16). وهكذا أمكن لهذا الشعب أن يعبد الله، ويطيعه، ويتكل عليه كإله حي بسبب حضوره وسط حياته اليومية. فيما يلي نلخص المقاصد السامية من وراء تكوين الله خاصة له: â—ڈتكوين عائلة يربطها الحب الإلهي: لقد لقَّب الرب تلاميذه بلقب أحبائي، وأيضًا قرّب إليه كل من يصنع مشيئته قائلًا: "لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي" (مر3: 35). â—ڈتكوين مملكة مقدسة للرب: إن خاصة الرب الذين تميزوا بحضوره، وسكناه في وسطهم هم الذين خضعوا له، وقبلوه ملكًا لهم، فصاروا شعبه، وهم أيضًا الذين يحفظون وصاياه، وهكذا صارت خاصة الرب مملكة مقدسة تُخبِر بفضائل الله كقول معلمنا بطرس الرسول: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ" (1بط2: 9). â—ڈتكوين مملكة كهنوت: إن ما يميز خاصة الرب المقدسة أيضًا أن لها كاهنًا عظيمًا قُدِّم نفسه ذبيحة مقبولة عن شعبه، ودخل إلى الأقداس العلوية، وهو يشفع في الضعفاء من شعبه، كي لا يهلك المؤمنين باسمه كقول الكتاب: "فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى "الأَقْدَاسِ" بِدَمِ يَسُوعَ، طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ، وَكَاهِنٌ عَظِيمٌ عَلَى بَيْتِ اللهِ" (عب10: 19- 21). لقد أقام الرب يسوع المسيح ملكنا وكاهنا الأعظم من خاصته وكلاء له (كهنة) يقّدمون باسمه ذبيحته على الدوام، لتكون غفرانًا لخطايا شعبه وحياة أبدية لهم. ثالثًا: من هم خاصة الرب (مواصفاتهم)؟ â—ڈخاصة الله (أحباؤه المقربون لديه) لا تقتصر على شعب بعينه: أكد الرب على فم إشعياء النبي، أن خلاصه مقَّدم لجميع أجناس البشر قائلًا: فَلاَ يَتَكَلَّمِ ابْنُ الْغَرِيبِ الَّذِي اقْتَرَنَ بِالرَّبِّ قَائِلًا: "إِفْرَازًا أَفْرَزَنِي الرَّبُّ مِنْ شَعْبِهِ". وَلاَ يَقُلِ الْخَصِيُّ: "هَا أَنَا شَجَرَةٌ يَابِسَةٌ". لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِلْخِصْيَانِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ سُبُوتِي، وَيَخْتَارُونَ مَا يَسُرُّنِي، وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي: "إِنِّي أُعْطِيهِمْ فِي بَيْتِي وَفِي أَسْوَارِي نُصُبًا وَاسْمًا أَفْضَلَ مِنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ. أُعْطِيهِمُ اسْمًا أَبَدِيًّا لاَ يَنْقَطِعُ. وَأَبْنَاءُ الْغَرِيبِ الَّذِينَ يَقْتَرِنُونَ بِالرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَلِيُحِبُّوا اسْمَ الرَّبِّ لِيَكُونُوا لَهُ عَبِيدًا، كُلُّ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ السَّبْتَ لِئَلاَّ يُنَجِّسُوهُ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي، آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي، وَأُفَرِّحُهُمْ فِي بَيْتِ صَلاَتِي، وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، لأَنَّ بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ". يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ جَامِعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ: "أَجْمَعُ بَعْدُ إِلَيْهِ، إِلَى مَجْمُوعِيهِ" (إش56: 3- 8). â—ڈهم مدعُّوو الله: الله هو الذي يبادر ويدعو البشر ليُكوّن له خاصة، لأنه هو محب البشر الصالح، لذلك فهو يكرر دعوته للشعوب والأمم والأفراد بطرق كثيرة على مدار نهار البشرية، وحتى نهاية نهار أيامها. إن الله على الدوام يدعو البشر، لأنه لا يمكنهم أن يعرفوه بمفردهم كقول إشعياء عن دعوة الله للأمم الذين لم يسموا باسم الله: "أَصْغَيْتُ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا. وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي. قُلْتُ: هأَنَذَا، هأَنَذَا. لأُمَّةٍ لَمْ تُسَمَّ بِاسْمِي." (إش65: 1). لهذا أخبرنا الرب يسوع أيضًا (في مَثَل صاحب الكَرم) عن صاحب كرم صالح وكريم يشفق على الفعلة. خرج ربُّ ذلك الكرم مع بداية النهار في الساعة الأولى ليستأجر فعلة، ثم خرج في الساعة الثالثة من النهار، ثم في الساعة السادسة، ثم التاسعة وخرج أيضًا عند غروب الشمس (الساعة الحادية عشر). لم يكن صاحب الكرم يريد أن يترك الفعلة بدون عمل بطالين، لا قيمة لهم. إنه دائمًا يدعو البشر لشركة ملكوته السماوي، كقوله في مَثَلِ عشاء صاحب العرس: "فَأَتَى ذلِكَ الْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذلِكَ. حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجِلًا إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ" (لو14: 21). ولكن هل يقبل البشر الدعوة الإلهية، أم يظلون بطالين؟! â—ڈهم الذين قبلوه: ليس من المنطقي أن يرغم الله الإنسان، أو أن يدخل في علاقة خاصة معه دون إرادته. إن أبسط تشبيه لذلك هو تكوين الإنسان خاصة له بالزواج. فقد يُكوِّن الإنسان خاصة له (أُسرة) من خلال ارتباطه بزوجة، ولكن ذلك لا يتحقق دون إرادتها وموافقتها على الدخول في شركة زيجة معه. إن خاصة الرب هم تابعوه، الذين قبلوا دعوته لهم بالحياة معه، وهم الذين قبلوا أن يخصهم الرب بعنايته كقول معلمنا يوحنا الرسول: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ" (يو1: 12- 13). لقد آمن أب الآباء إبراهيم بالله في وقت كان فيه الكثيرون مبتعدون ورافضون لله، لأنهم أحبوا الشر والضلال أكثر من الحق الذي هو الله، ولكن الله ظل يُعيد دعوته للبشر على مر العصور منتظرًا من يقبل دعوته. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لا محاباة لدى الله |
هكذا ليس لدى الله محاباة |
ليس عند الله محاباة |
لأن ليس عند الله محاباة |
ليس لدى الله محاباة |