منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 03 - 2024, 12:01 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,294

اكتشف بولس محبَّة الله في قلب حياته







محبَّة الله

اكتشف بولس محبَّة الله في قلب حياته، لا انطلاقًا من فهمٍ قرأه في العهد القديم، أو في الآداب اليونانيَّة التي عرفها كما يعرفها كلُّ جامعيّ في طرسوس، المدينة التي وُلد فيها. كان يضطهد »كنيسة« الله بلا رحمة، ويحاول تدميرها« (غل 1: 13). ومع ذلك يقول: الله أحبَّني. »بنعمته اختارني وأنا في بطن أمّي« (آ15). لو كنّا في إطار العهد الأوَّل، لقلنا: يعاملنا الله كما عاملناه. نسيناه فنسانا. ابتعدنا عنه فابتعد عنّا. هي صورة بشريَّة ناقصة، فيها يقوم الله بتربية أبنائه، فيعاقبهم ويحرمهم بانتظار أن يعود إليهم. »كيف أهجركم؟ كيف أتخلّى عنكم؟ كيف أعاملكم؟« (هو 11: 8) أمثل مدن عرفت الخراب والدمار؟ ويواصل الربُّ كلامه: »قلبي يضطرب في صدري، وكلُّ مراحمي تتَّقد«. الله أب بقلب أم يقول لأبنائه: »جذبتكم بحبال الرحمة وروابط المحبَّة، وكنتُ لكم كأبٍ يرفع طفلاً على ذراعه، ويحنو عليه ويطعمه« (آ4).

بمثل هذه العاطفة، عامل الربُّ بولس، أو شاول، »ذاك الذي كان مضطهدًا وشتّامًا« (1تم 1: 13). ما عاقبه، ما لاحقه وإن هو لاحق المؤمنين، لا في أورشليم فقط، بل في دمشق ولو أنَّه وصل إليها »بالغيرة الشديدة على تقاليد آبائي« (غل 1: 14). قال: »رحمني لأنّي كنت غير مؤمن، لا أعرف ما أفعل، ففاضت عليَّ نعمةُ ربِّنا وما فيها من إيمان ومحبَّة في المسيح يسوع« (1تم 1: 13-14).

وما اختبره بولس في حياته، اختبره المؤمنون في أفسس. كانوا غرباء، يقيمون خارج البيت ولا يحقُّ لهم أن يشاركوا سكّانه في حياتهم. كانوا ضيوفًا يُسمَح لهم بمرور عابر (رج أف 1: 19). أمّا الآن، فما عادوا غرباء ولا ضيوفًا. كانوا بعيدين، بل مُبعَدين لأنَّهم لم ينالوا الختان، تلك العلامة الخارجيَّة التي تدلُّ على انتماء إلى الله وإلى شعبه. ما عادوا بعيدين، صاروا قريبين بعد أن نالوا البشارة (آ17). لا عهد يجمعهم مع الله، لأنَّهم لم يعرفوه ذاك الإله الواحد والذي أرسل ابنه إلينا. فقال في يوحنّا: »هكذا أحبَّ الله العالم، فأرسل ابنه الوحيد، لئلاّ يهلك كلُّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديَّة« (يو 3: 16).

وحدَّث بولس أهل أفسس عن حبِّ الله الكبير، عن رحمته الواسعة (أف 2: 4). من أين انتشلنا؟ قال: »كنّا نحن كلُّنا نعيش في شهوات الجسد، تابعين رغباته وأهواءه. ولذلك كنّا بطبيعتنا أبناء الغضب« (آ2-3). والآن صرنا أبناء الحياة »بعد أن كنّا أمواتًا بزلاّتنا« (آ4)، صرنا أبناء الخلاص (آ8)، ومرافقين يسوع في موته، في قيامته وفي صعوده وجلوسه عن يمين الآب (آ6).

كثرت الخطيئة، لا شكّ. ولكن فاضت النعمة (روم 5: 20). ويتحدَّث الرسول في الرسالة عينها عن »نعمة الله التي تفيض علينا، والعطيَّة الموهوبة بإنسان واحد هو يسوع المسيح« (آ15). لا شكَّ في أنَّ بولس أبرز الخطيئة في أبشع مظاهرها، ولاسيَّما لدى الوثنيّين، فقال: »غضبُ الله معلن من السماء على كفر الناس وشرِّهم« (روم 1: 18). ولكن ما كان ليقدِّم هذه الصورةَ البشعة، لو لم يكن مقيمًا في محبَّة الله. خرج الإنسان من هذا المستنقع بعد أن أمسكه الله بيده، فنظر إلى الوراء ليكتشف عمل الله من أجله، وليأخذ العبرة على ما قال الرسول: كيف ترجعون؟ فخبرة الشعب العبرانيّ حاضرة في ذهن بولس: تطلَّعوا دومًا إلى الوراء، إلى مصر وعبوديَّتها، إلى »قدور اللحم التي تشبعهم« (خر 16: 3)، إلى »القثاء والبطّيخ والكراث والبصل والثوم« (عد 1: 5). ما عاد يهمُّه المنّ، ذاك الطعام الذي منَّ به الله عليهم.

والمؤمنون في زمن بولس، يمكن أن يعودوا إلى شهواتهم، إلى ما في العالم »من شهوة الجسد، وشهوة العين، ومجد الحياة«، كما يقول يوحنّا في رسالته الأولى (2: 16). وهكذا ينسون محبَّة الله التي أفيضت في قلوبهم (روم 5: 5). تلك المحبَّة التي برهن الله عنها حين أرسل ابنه، حين »المسيح مات من أجلنا ونحن خاطئون« (آ8). فيا لعمق هذه المحبَّة التي لا تنظر إلى أعمال الإنسان، بل تعبِّر عن قلب الله. قال في النبيّ هوشع: »أنا إله، لا إنسان« (هو 11: 9). أنا هو القدُّوس، البعيد عن الإنسان، اللامحدود بالنسبة إلى المحدود. قال بفم أشعيا: »بمن تشبِّهونني وتعادلونني؟ بمن تمثِّلونني فنتشابه؟« (أش 46: 5). وتابع: »أنا الله ولا إله غيري، أنا الله ولا إله مثلي« (آ9). ولماذا يتميَّز الله عن كلِّ قوى الأرض والسماء؟ لأنَه محبَّة كما دعاه يوحنّا (1يو 4: 8، 14). وبما أنَّه المحبَّة، لا تفيض منه سوى المحبَّة. لهذا خَلق، لهذا خَلَّص، لهذا كوَّن في الإنسان قلبًا يحبُّ بحيث نصبح شبيهين به، على ما قال الرسول: »اقتدوا بالله كأبناء أحبّاء، وسيروا في المحبَّة سيرة المسيح الذي أحبَّنا وضحّى بنفسه من أجلنا« (أف 5: 1-2).
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بولس فـي حياته وأسفاره
القديس بولس | السر الباطني في حياته
قالت مريم | الله محبَّة، ولزامًا علينا أن نكشف هذا الحُبِّ
الله محبَّة وهو يجدِّد مراحمه وخيراتهِ كل سنة وكل يوم
ما مِن قوَّةٍ أعظم من محبَّة الله


الساعة الآن 02:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024