|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث قانون الإيمان (دستور الإيمان) هو أساس عقيدتنا المسيحية. وتؤمن به كل الكنائس المسيحية في العالم أجمع.. والذين لا يؤمنون به لا يعتبرون مسيحيين، كشهود يهوه والسبتين. ومن اهتمام الكنيسة بقانون الإيمان، جعلته جزءا في كل صلوات الأجبية بالنهار و الليل. لآن الإيمان هو عنصر أساسي في حياتنا الروحية وليس فقط في معتقداتنا لذلك رأينا أن نصدر هذا الكتاب، ليكون تفسيرا موجزا ومركزا لقانون الإيمان يدرس في الكلية الإكليريكية بكل فروعها في مصر والمهجر, ويدرس في مدارس اجتماعات الشباب. وقانون الإيمان يشمل عقائد متعددة: مثل التثليث والتوحيد ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس، والتجسد والفداء، المعمودية، وحياة الدهر الآتي. وبهذا فإن الدارس له يكون مستوعب عددا كبيرا من العقائد الإيمانية. وكانوا يدرسونه قديما لفصول قبل عمادهم. |
20 - 02 - 2014, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
قانون الإيمان مقدمة الحقائق الإيمانية الأساسية في قانون الإيمان موجودة من قديم الزمان. عاش المسيحيون بها في الأجيال الثلاثة الأولى. ووجدت صيغ منها في قوانين الرسل، أبو ليدس، وبعض أقوال الآباء الأول. وأهمية قانون الأيمان هو أن جميع كنائس العالم المسيحي تؤمن بقانون إيمان واحد تقره جميع الكنائس ولذلك كان لابد أن يضعه مجمع مسكوني يضم ممثلي كل الكنائس المسكونة. القانون الذي بين أيدينا صيغ في مجمع نيقية المسكوني سنة 325م وهو أول المجامع المسكونية، وذلك ردا على البدعة الأريوسية التي أنكرت لاهوت المسيح. وكان يمثل الكنيسة القبطية في ذلك المجمع البابا ألكسندروس بابا الأسكندرية التاسع عشر. ومعه شماسه أثناسيوس الذي قام بصياغة كل بنود القانون وأضيف الجزء الخاص بلاهوت الروح القدس في مجمع القسطنطينية المسكوني الذي عقد سنة 381 م. ردًا على مقدونيوس الذي أنكر لاهوت الروح. كل كنائس العالم -وإن اختلفت في بعض العقائد- تؤمن بكل بنود قانون الإيمان. هذا وأية طائفة لا تؤمن بكل ما في قانون الإيمان لا تعتبر مسيحية. مثل شهود يهوه والسبتيين، الذين يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه (حسب ترجمه خاصة بهم). ولكنهم لا يؤمنون بكل العقائد المسيحية التي وردت في قانون الإيمان. ويشمل قانون الإيمان الحقائق الإيمانية الأساسية وهي:
|
||||
20 - 02 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
بالحقيقة نؤمن والإيمان يشمل الاعتقاد و الثقة والاقتناع القلبي والتسليم الكامل عقلا وقلبًا. وقد عرفه القديس بولس الرسول بأنه الثقة بما يرجى، والإيقان بأمور لا ترى" (عب 11: 10). فنحن نؤمن مثلا بالمعجزة. وليست هى ضد العقل، بل هى مستوى أعلى من مستوى العقل. و سميت معجزة لأن العقل يعجز عن تفسيرها إلا بأن الله صانعها. إنه يقبلها، حتى إن كان لا يفهمها. وفي حياتنا العملية، من جهة العلم مثلا ومخترعاته الحديثة: توجد أشياء يقبلها العقل وإن كانت كثير من عقول الناس لا تفهمها ولا تستوعبها. ليس كل إنسان يفهم مثلا ما هى الكهرباء واللاسلكي. ولكنة يقبل ذلك دون أن يفهمه. ولا كل إنسان يفهم كيف يعمل على الكومبيوتر. ولكنه يقبله.. الإيمان لا يتعارض مع العقل. ولكنه مستوى أعلى منه. فنحن جميعا نؤمن بوجود الروح كسبب لحياة الإنسان، دون أن نراها. فإذا حدث أن إنسانا فارقته روحه يموت. العقل يقبل هذا، ولكنه لا يدرك كنه الروح. ولا يستطيع أن يعرف كل التفاصيل الخاصة بها. مثل شكلها ومعرفتها ومصيرها. ولكنه يقبل ما يقوله الإيمان عنها. قيامة الأجساد نقبلها بالإيمان. دون أن يدرك العقل كيف تتم؟ وكيف تعود الأجساد بعد أن تتحول إلى تراب. لا نفهم ذلك. وليس من المهم أن نفهم. إنما المهم أن نقبل ذلك بالإيمان. العقل يقبل ما يسلمه الإيمان لنا. الإيمان يوصلنا إلى مرحلة أعلى من العقل. ثم يأخذ العقل هذه المرحلة ويشرحها. والأمور التي هى فوق العقل، يتسلمها الإيمان من الوحي، من الكتب المقدسة، حسبما كلم الله الأنبياء. |
||||
20 - 02 - 2014, 07:01 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نؤمن أي أنه ليس مجرد إيمان ورثناه عن آبائنا لأنهم كانوا مؤمنين، ولا عن أمهاتنا. وإنما نحن نؤمن بالحقيقة، باقتناع قلوبنا. بكل حق وبكل صدق. والإيمان يحتاج إلى تسليم، وبساطة. بعض الناس كبرت عقلياتهم ففقدوا بساطة الإيمان! الطفل يؤمن، لأنه لم يصل إلى مرحلة الشك التي تسأل عن كل شيء، وتجادل في كل شيء. تعلمه الصلاة فيصلى معك، و يكلم الله في صلاته، دون أن يسألك: من هو هذا الإله الذي أكلمه وأنا لا أراه لذلك أنا أتعجب من البروتستانت الذين يقولون: لا نعمد الطفل لأنه غير مؤمن. ليتكم لكم إيمان الأطفال!! عجيب أن ينمو العقل على حساب الإيمان. و كلما ينمو، يشك ويناقش.. لذلك من الأفضل أن نغرس كل قواعد الإيمان في نفس الطفل منذ حداثته. الطفل الذي يكون الإيمان عنده أقوى من العقل، أو الإيمان عنده يسبق العقل في درجاته. مسكين العقل الذي يعيش بدون إيمان. في إحدى المرات كان أحد الفلاسفة الملحدين سائرًا، فمر على مزرعة، ورأى فلاحًا راكعا على الأرض ورافعا يديه إلى فوق، يصلى بكل حرارة. فتعجب الفيلسوف وقال: أنا مستعد أن أتنازل عن فلسفتي، لمن يعطيني إيمان هذا الفلاح البسيط، الذي يكلم كائنا لا يراه.. ! وبكل حرارة ومن كل قلبه.. |
||||
21 - 02 - 2014, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نؤمن بإله واحد إننا نؤمن بالثالوث القدوس، ومع ذلك نؤمن بإله واحد. وحينما نقول "باسم الأب والابن والروح القدس، نقول بعدها "إلهٌ واحد أمين" والإيمان بإله واحد، هو في أول وصية من الوصايا العشر، إذ يقول الرب " أنا الرب إلهك.. لا تكن لك آلهة أخرى أمامي" (خر20:3) (تث5: 6،7). وما أكثر الآيات الخاصة بوحدانية الله في سفر أشعياء النبي، إذ يقول" أنا الرب وليس غيري. قبلي لم يصور إله، وبعدى لا يكون" (أش 44: 6،9) (أش 46: 9) (أش 48: 12). و العهد الجديد يتحدث أيضا عن التوحيد. فيقول "الذين يشهدون السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدوس. وهؤلاء واحد" (1يو 5:7). وفي رسالة يعقوب الرسول "أنت تؤمن بإله واحد. حسنا تفعل، والشياطين أيضا يؤمنون و يقشعرون" (يع 2: 19). ويقصد هنا الإيمان العقلي وليس القلبي والفعلي. فالذي لا يؤمن بإله واحد هو في مستوى من الإيمان أقل من الشياطين! والسيد المسيح حينما قال ".. وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدوس" (مت 28: 19)، قال باسم وليس بأسماء.. نحن لا نؤمن بتعدد الآلهة، إنما بإله واحد. فإن قال أحد كيف يكون الثلاثة واحدا؟! أليس الحساب يقول إن 1+1+1=3 وليس واحدا. نقول: ولكن 1 ×1×1 =1 وليس ثلاثة. فالابن مثلا يقول أنا في الآب والآب في (يو10: 14) ويقول "أنا و الآب واحد" (يو10: 30) نحن لا نشرك بالله. لا نجعل له شريكا في لاهوته والثالوث القدوس لا يعنى تعدد الآلهة. وإنما يعنى فهم التفاصيل في الذات الإلهية الواحدة. فالله له ذات إلهية، وعقل، وروح. والله بعقله وروحه كيان واحد. كما أن الإنسان الذي خلق على صورة الله، له ذات بشرية وعقل وروح، والثلاثة واحد. كذلك النار: نلاحظ فيه ذات النار، وما يتولد منها حرارة وما ينبثق منها من نور. والنار وحرارتها ونورها كيان واحد. وكذلك الشمس بحرارتها ونورها كيان واحد. الآب هو الذات الإلهية، والابن هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل، هو حكمة الله (1كو23، 24). والروح القدس هو روح الله. وواضح أن الله وروحه كيان واحد. والله وعقله كيان واحد.. والذي يؤمن بتعدد الآلهة، يتعارض مع المنطق في فهم اللاهوت. فإن كان هناك عدد من الآلهة، فمن منهم الأقوى. إن كان واحد منهم أقوى يكون هو الله، والباقيان ليسا إلهين. وإن كان الكل في قوة واحدة، يكون كل منهم محدود بقوة الآخرين. أي يقوى على كل الكائنات، ما عدا من يشاركه في الألوهية. وهكذا لا يكون أحد من هذه الآلهة إلهًا، لأنه لا يوجد واحد منهم قادرًا على كل شيء. ونفس الوضع بالنسبة إلى الخلق: إن وجد عدد من الآلهة، فمن منهم الخالق؟ إن كان واحد منهم هو الخالق وحده، يكون هو الله، والخليقة كلها تتبعه لأنه هو خالقها، ولا تكون الآلهة الأخرى آلهة.. وإن كان هذا الخالق هو خالق الكل، فهل خلق باقي الآلهة؟ إن كان قد خلقهم، لا يكون آلهة. وإن كان لم يخلقهم، تكون قدرته على الخلق محدودة بباقي الآلهة. وإن كان هو محدودًا، لا يكون إلهًا. وهكذا في تطبيق باقي الصفات الإلهية.. ونخرج بنتيجة منطقية حتمية، وهي الإيمان بإله واحد. |
||||
21 - 02 - 2014, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله الآب هنا يبدأ قانون الإيمان في التحدث عن كل أقنوم على حدة من الثلاثة أقانيم للثالوث القدوس. ويبدأ بالله الآب. الله الآب، هو آب في الثالوث القدوس، وهو أب لكل المؤمنين به. هو الذات الإلهية الذي لم يره أحد. فقد ورد في (يو1: 18) "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر"، أي أعطى خبرًا عنه. فنحن لا نرى الأب، إنما نراه في ابنه الذي تجسد وصار في الهيئة كإنسان في شبه الناس (في 2: 7، 8) ولذلك فإن كل الظهورات في العهد القديم، كانت للابن. لأن الآب لم يره أحد قط. قد يخطئ البعض ويظن أن الله أعطانا البنوة في العهد الجديد فقط. أما في العهد القديم سيدًا لا أبًا. و هذا خطأ. فالله في العهد القديم أعلن لنا أبوته أيضا. فهو يقول في سفر إشعياء النبي "رَبَّيت بنين ونشأتهم. أما هم فعصوا على" (أش1: 2) والمؤمنون به قالوا له "والآن يا رب أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا" (أش 64: 8) بل قبل قصة الطوفان مباشرة يقول الكتاب: "رأى أبناء الله بنات الناس أنهن حسنات" (تك 6: 2). فأبناء شيث دعوا أبناء الله، تميزًا لهم عن نسل قايين، الذي دعيت بناته بنات الناس.. وفي سفر الأمثال يقول الرب "يا ابني أعطني قلبك" (أم 23:26) الله في العهد القديم كان سيدا وأبًا. وفي العهد الجديد كان كذلك أيضًا. هو هو لم يتغير علاقته بالبشر.. على أن أبوته لنا، غير أبوته لأقنوم الابن في الثالوث القدوس، كما سنشرح عندما نتعرض لعبارة (الابن الوحيد) وما دام هو أب لنا يعاملنا كما يعامل الأب أولاده، كذلك يجب أن نعامله كأب بكل حب واحترام وخضوع.. إنه أب لنا منحنا البنوة له حينما ولدنا له في الماء والروح " بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تي3: 5) إنه الله الآب ضابط الكل. |
||||
21 - 02 - 2014, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله ضابط الكل أي أنه يضبط كل الكائنات. لا يخرج شيء عن رقابته وعن تدبيره. وعبارة (الكل) تشمل السمائيين والأرضيين، سواء كانت الكائنات العاقلة أو الجامدة، الكل تحت ضبطه. كما تشمل أيضا الملائكة والشياطين. و لكن الله من فرط رحمته و حنانه، وهبنا حرية الإرادة. و بحرية الإرادة يمكننا أن نطيع أو نعصي وصاياه. ولكن أعمالنا كلها تحت ضبطه، مكتوبة أمامه في سفر التذكرة (مل 3: 16) وسوف يحاسبنا عليها يوم يأتي ليجازى كل واحد حسب أعماله (مت16:27). وقد يجازى عليها علي الأرض أيضا، كما سجل لنا الكتاب عقوبات كثيرة لله، منها عقوبة الطوفان (تك6) وعقوبة سادوم وعمورة (تك 19). ومعاقبة قو رح وداثان وأبيرام (عد16) ومعاقبته لفرعون مصر بضربات كثيرة، ثم بالغرق في البحر الأحمر (خر16). بل ذكر الكتاب أيضا معاقبة الله لأحبائه الذين أخطأوا مثل عقوبته لداود (2صم12). الشيطان أيضا ليس إلها للشر، بل هو مخلوق تحت سيطرة ضابط الكل. إن أراد الله أن يوقفه عن العمل، أو يضع له حدودا لا يتجاوزها فإنه يستطيع ذلك. وفي قصه أيوب الصديق، نجد الشيطان يأخذ إذنا بتجربة أيوب. ولا يجرب أيوب إلا في الحدود التي يسمح بها الله. ففي التجربة الأولي سمح له الله أن يمد يده إلي مال أيوب وبيته، فلم يتجاوز ذلك (أي1). وفي التجربة الثانية سمح له أن يمد يده إلي جسد أيوب، ولكن لا يمس نفسه (أى 2: 6). وكان كذلك. في قصه لجيئون، طلب الشياطين من الرب أن يأذن لهم بالدخول في الخنازير " فأذن لهم (مر 5: 12، 13). إذن لم يكن في سلطانهم حتى أن يدخلوا في الخنازير إلا بإذنه. ويحكي لنا سفر الرؤيا أن الله أرسل ملاكه فقيد الشيطان ألف سنة وبعدها حله من سجنه (رؤ20: 2، 7). و نري أن الرب أعطي تلاميذه السلطان أن يخرجوا الشياطين (مت 10:1). وفرح التلاميذ قائلين له "حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" (لو 10:17). وقد أعطانا الرب "السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 10: 19). و المقصود بالعدو هنا: الشيطان. إذن لا نخاف من الشيطان، مادام تحت سيطرة ضابط الكل. و لكن لعل إنسانا يسأل: إن كان الله ضابط الكل، فلماذا تحدث كل المتاعب والأضرار في الكون؟! ولقد سأل ارميا النبي سؤالا مشابها، فقال للرب "أبر أنت يا رب من أن لأخاصمك. ولكني أكلمك من جهة أحكامك. لماذا تنجح طريق الأشرار؟! اطمأن كل الغادرين غدرا" ( أر 12: 1). أو كما قال جدعون للملاك " أسألك يا سيدي: إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه؟! (قض6: 13). نقول إنه ربما تكون للرب حكمة في ذلك، ليعطي البعض بركة من التجربة أو نعمة الاحتمال فيسمح بالتجربة ويكون معنا فيها، كما حدث ليوسف الصديق.. هنا ونقول: إن هناك فرقًا بين إرادة الله وسماحه. إرادة الله هي خير مطلق. ومع ذلك فهو يسمح للكائنات العاقلة بحرية التصرف في حدود. وقد يخطئون ويسببون أضرارا، وهذا كله بسماح من الله وفي كل ذلك فإن الرب يرقب كل تصرفاتهم، و يحاسب ويعاقب كضابط للكل. ويصحح. وقد يطيل أناته عليهم. وقد يتدخل الله، ويوقف عمل الأشرار. فحرية الإرادة الممنوحة لهم ليست حرية مطلقة بل هي حرية تحت رقابة ضابط الكل الذي صرخ إليه داود وأصحابه مرة قائلين "حمق يا رب مشورة أخيتوفل" (2صم 15: 31). وفعلا بطلت مشورة أخيتوفل. وقد تدخل الرب مرارًا فأنقذ قديسيه من مؤامرات الأشرار. وقد تغني داود بهذا فقال "لولا أن الرب كان معنا -حين قام الناس علينا- لابتلعونا و نحن أحياء.. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ أنكسر ونحن نجونا. عوننا من عند الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز124). لقد تدخل الرب ونجي داود من مؤامرات شاول الملك، ونجي مردخاى من مؤامرة هامان (أش 7: 10). ونجي الكنيسة كلها من الدولة الرومانية. وأمثلة تدخل الله لإيقاف مؤامرات الأشرار. كثيرة، سواء في الكتاب أو التاريخ. الله يسمح للظالم أن يظلم. و مع ذلك لا يفلت الظالم من يده. والرب يحكم للمظلومين. سمح الله لشاول الملك أن يظلم داود ولم يفلت شاول من قضاء الله فمات هو وبنوه في جبل جلبوع وقطعوا رأسه، ونزعوا سلاحه. وسمروا جسده علي سور بيت شان (1صم 31: 8- 10). وأبشالوم ظلم داود أباه. ولم يفلت أبشالوم من قضاء الله. ففي الحرب تعلق شعره بالبطمة. وضربه موآب بثلاثة سهام في قلبه وهو بعد حي وأحاط به. عشرة غلمان حاملوا سلاح يوآب بثلاثة وضربوا أبشالوم ومات ((2صم 18: 9- 15)) لقد سمح الله أن يقوم قايين علي أخيه هابيل ويقتله. ومع ذلك لم يترك الله قايين بدون عقاب، فلعنه وتركه تائهًا وهاربًا في الأرض. كل من وجده يقتله ((تك 4: 10-14)). لو قرأنا عن نهاية مضطهدي الكنيسة، لرأينا عجبًا.. الله ضابط الكل، لا يفلت أحد من مراقبته ومن معرفته. ولا يفلت أحد من سلطانه ومن دينونته ومعاقبته ومن معرفته. ولا يفلت أحد من سلطان ومن دينونته ومعاقبته.. إنه يضبط كل شيء، ليس الأفعال فقط، بل أيضًا الأفكار والنيات. يضبط حتى الجنين في بطن أمه يضبط الخفيات والظاهرات، ما يري وما لا يري فلا تحزن لأجل ضيقات حلت بك. الله لابد سيتدخل ويقيم العدل علي الأرض ويحكم للمظلومين. أنه هو الذي عاقب آخاب وايزابل علي قتل نابوت اليزر عيلي (1مل 21). ومع ذلك فإن ضيقات كثيرة وبلايا وتجارب وأضرارًا، منعها الله عنا قبل وصولها إلينا، ونحن لا ندري. إننا للأسف نشكر فقط علي المتاعب المرئية التي ينقذنا الله منها. ولكننا لا نشكر علي منعه للمتاعب غير المرئية قبل وصولها إلينا، وربما تكون أكثر. منعها عنا ضابط الكل. أما التجارب والمتاعب التي يسمح بها، فلعله ينطبق عليها قول الكتاب ((كل الأشياء تعمل معًا للخير، للذين يحبون الله)) ((رؤ 8: 28)) أو قول الكتاب أيضًا "احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2). فإن عرفت أن الله ضابط الكل، اعرف أنه ليس فقط يضبط ما يحدث لك، وإنما أيضًا ما يحدث منك: إنه يقرأ أفكارك. ويفحص قلبك، يعرف نياتك، وكل مشاعرك. وليس شيء خافيًا عليه الذي قال لكل واحد من ملائكة (رعاة) الكنائس السبع ((أنا عارف أعمالك)) ((رؤ 2، 3)) إن عرفت هذا، لابد أن يدركك الاستيحاء من كل عمل خاطئ تعمله، ومن كل فكر في قلبك الله عالم به وهكذا تخجل من الله ضابط الكل، خالق السماء والأرض. |
||||
21 - 02 - 2014, 05:46 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله خالق السماء والأرض كلمه (خالق) هى صفه لله وحده. وتعني أنه يوجد مخلوقات من العدم، من اللاموجود. أقصى ما يصل إليه العقل البشرى أن يكون صانعًا لا خالقًا. نعم، هذا الإنسان في قمة ذكائه وعمله ومعرفته. هذا الذي صنع سفن الفضاء ووصل بها إلى القمر، والذي نبغ في التكنولوجيا إلى أبعد الحدود. إنه مجرد صانع لا خالق. صنع كل ما اخترعه، من المادة التي خلقها الله. وصنع الإنسان كل ما صنع، بعقل خلقه الله. لذلك إن أثبتنا أن السيد المسيح خلق أشياء، إنما بهذا نثبت لاهوته. لأنه لا يوجد خالق إلا الله وحده. وهنا نسأل: حتى في بدء قصه الخلق (في تك1، 2) من الذي خلق هذا الكون؟ هل هو الآب أم الابن؟ ونجيب: الآب خلق كل شيء بالابن. مادام الابن هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل، ومادام هو حكمه الله وقوه الله(1كو1: 23،24) إذن الله قد خلق كل شيء بعقله بنطقه بكلمته بحكمته، أي بالابن. وهكذا يقول القديس بولس الرسول عن الابن "الذي به أيضا عمل العاملين" (عب 1:2) "الكل به وله قد خلق" (كو1: 16) ويقول القديس يوحنا في بدء إنجيله " كل شيء به كان. وبغيره لم يكن شيئا مما كان" (يو1: 3) أليس هو عقل الله الناطق. والله وعقله كيان واحد.. فأنت مثلا إن حللت مشكله، هل تكون أنت الذي حللت أم عقلك؟ أنت حللت المشكلة، وعقلك حلها. وأنت حللتها بعقلك. مادام الله قد خلق كل شيء فكل شيء تحت سلطانه وطبعا الذي خلق من العدم يمكنه أن يقيم من الموت. لقد خلق الله السماء والأرض منذ البدء (تك 1: 1) |
||||
21 - 02 - 2014, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
السماء والأرض السماء لغة هى كل ما يسمو، أي ما يرتفع. وقد أطلقت اصطلاحا علي أعلى ما ترتفع إليه أبصارنا.. وهنا نسأل: هل هناك سماء واحدة أم عدة سماوات؟ ورد في أول آية في الكتاب المقدس "في البدء خلق الله السماوات والأرض" (تك 1: 1). أي أن هناك سموات ونحن نصلى ونقول" أبانا الذي في السموات" (مت6: 9) ويحكي لنا القديس بولس الرسول إنه "أختطف إلى السماء الثالثة" (2كو12: 2). وذكر أن هذه السماء الثالثة هي الفردوس (2كو12: 4). إن كانت الفردوس هى السماء الثالثة، فما هى السماء الأولى والثانية؟ السماء الأولي هي هذا الغلاف الجوى المحيط بالأرض. نسميها سماء الطيور أي التي تسبح فيها الطيور كما قيل "كالنسر يطير نحو السماء "(أم23:5). وكذالك الطائرات التي تمخر عباب السماء. أما السماء الثانية فهي الفلك الذي توجد فيها الشمس والقمر والنجوم والمجرات وسائر الكواكب. ولا تستطيع طائره أن تقترب من الشمس، وإلا فإنها تحترق. وإن كانت سفن الفضاء استطاعت أن تصل إلى القمر، فإن مناطق عديدة جدًا في الفلك لا يستطيع الإنسان أن يصل إليها. والحديث عن النجوم والشهب والمجرات، هو حديث مذهل ومبهر، مع أن الإنسان لم يصل إلا إلى قليل من المعرفة في هذا المجال. فوق هذه السماوات الثلاث توجد "سماء السموات". وهي التي يوجد فيها عرش الله. وعنها قال السيد الرب "لا تحلفوا ألبته: لا بالسماء لأنها كرسى الله" (مت5: 34) أي عرشه. وهى التي قال عنها لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلي السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13). لقد صعد إيليا إلي السماء. ولكن ليس إلي هذه "سماء السموات "، الخاصة بالله وحده.. وقد ذكر سليمان الملك سماء السموات في صلاته يوم تدشين الهيكل. فقال للرب "هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك. فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (1مل 8: 27). وهنا نذكر سماء السموات في التسبحة. فنقول مع داود النبي في المزمور "سبحوا الرب من السموات، سبحوه في الأعالي.. سبيحه يا سماء السموات.." (مز148: 1، 4). ومع كل هذه، أطلق علي كل هذه السموات، لقب سماء. لسموها كلها وارتفاعها. وهكذا قيل في الوصايا العشر عن الراحة في اليوم السابع: "لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها. واستراح في اليوم السابع" (خر 20: 11). وقيل عنها (صنع). لأنه خلق أولا المادة. ومنها صنع هذه السماء التي نراها،وهذه الأرض التي نسكنها.. وعبارة "خلق الله السموات والأرض" تعني خلقها وكل سكانها تعني أنه خلق السماء وكل الملائكة والأجناد السماوية، وكل صفوفها وطبقاتها وطغماتها.. الملائكة، ورؤساء الملائكة، والأرباب والعروش والسلاطين" (كو1: 16). والشار وبيم و السارافيم وكل الجمع غير المحصي الذي للقوات السمائية. (وخلق الأرض) تعني أيضا كل ما عليها. خلق الكل "ما يري وما يري" (كو 1: 16) |
||||
21 - 02 - 2014, 05:52 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله خالق ما يُرى وما لا يُرى عبارة "ما يُرى" سهلة الفهم. فماذا تعني عبارة ما لا يرى"؟ المقصود بعبارة ما لا يرى، الذي لا يرى بواسطتنا نحن، بحواسنا البشرية. لذلك لأن حواسنا البشرية ترى المادة فقط أما ما يخرج عن نطاق المادة فلا نراه. 1- فمثلا من ضمن "ما لا يُرى" الأرواح. ومن الأرواح: الملائكة (مز104: 4). فملائكة كثيرون يحيطون بنا ونحن لا نراهم. ولكن إذا اتخذ الملاك شكلا، فنحن نرى هذا الشكل. أما الملاك من حيث طبيعته كروح، فإننا لا نراه. و بنفس الوضع: الشياطين لأنها هي أيضا أرواح، أرواح شريرة، أو أرواح نجسة (مت10: 1، 8). فهي تحاربنا ولكننا لا نراها. أما إذا ظهر الشيطان في شكل معين، فإننا نراه في هذا الشكل. ولكننا لا نراها بطبيعته كروح أنت أيضا كإنسان: فيك ما يرى وهو الجسد، وما لا يرى أي الروح التي لا نراها وهى تخرج من الجسد وقت الموت. أما إذا ظهرت لنا روح قديس (في معجزه مثلا). فلابد أن يتخذ القديس شكلًا تدركه حواسنا المادية.. 2-هناك أيضا أشياء دقيقة جدا أو بعيدة جدا، لا تستطيع أبصارنا المادية أن تراها، ولكنها ترى بأجهزة. مثال ذلك الميكروبات التي لا ترى بالعين المجردة، ولكن يمكن أن نراها بالميكروسكوب أو بأجهزة أخرى. نشكر الله أن بصائرنا لا تراها، وإلا ما كنا نستطيع أن نعيش، وبخاصة في أجواء يكثر فيها التلوث. حتى الهواء مملوء بذرات. من حسن حظنا أننا لا نراها. أشياء أخرى بعيدة، لا نراها بسبب بعدها. ولكن يمكن رؤيتها بأنواع من التيلسكوبات. وبخاصة بالنسبة إلي الأجرام السماوية وما فيها. ومركبات الفضاء استطاعت أن ترى في رحلاتها ما لم يكن يرى من قبل ولكن ما رأته الأقمار الصناعية ومكوكات الفضاء هو شيء ضئيل جدا جدا من عالم الفلك الذي تدخل تفاصيله في نطاق ما لا يرى. 3- هناك أشياء أخرى لا ترى حاليا، لأنها مخفاة. ولكن بعضها يمكن أن نراه بطرق الكشف: مثال ذلك كل ما يوجد في باطن الأرض من المعادن، التي بعض منها أمكننا أن نراه بوسائل الاستكشاف العديدة والحفر. وهكذا أمكننا أن نستخرج من باطن الأرض ومن صخورها الذهب والنحاس والمنجنيز والماس، وما إلى ذلك مما كان لا يرى من قبل. يضاف إلي ذلك ما كشف عنه البحث من آبار البترول والغاز الطبيعي. كذلك ما لم يكن يرى في أعماق البحار، وأمكن استخراجه. وأصبح الآن يرى. وكان قبل ذلك لا يرى. يمكننا أن نضيف إلي هذا البند أيضا أشياء كانت في جوف الإنسان لا ترى. أصبحت ترى بواسطة الأشعة والكاتسكان والـMRI وغير ذلك من الأجهزة الطبية. 4- هناك خواص أوجدها الله في طبيعة الإنسان، وهي لا ترى. ولكن عملها يظهر. مثال ذلك العقل: أنت لا تراه، ولكن عمله يظهر ويدل عليه. والضمير أيضًا لا نراه، ولكن عمله يدل عليه. 5- كذلك المواهب التي يمنحها الله للإنسان. أنت لا ترى الموهبة، ولكنك ترى عملها.. فالله قد يهب بعض الناس الحكمة أو الإيمان (1كو 12) ونحن لا نرى الحكمة ولا الإيمان. ولكن نرى عملهما الذي يدل علي وجود كل منهما.. إلى هنا ينتهي الجزء الخاص بالآب في قانون الإيمان. |
||||
|