|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فاطمة ناعوت تكتب مسافة السكة لـي المنيا الشقيقة يا ريّس! بقلم فاطمة ناعوت أعلمُ، ويعلمُ الجميعُ، أن مصرَ واقعةٌ بين فكّى وحش أعمى اسمُه الإرهاب. وأن جيشنا المصرى العظيمَ يقفُ لهذا الوحش بالمرصاد، يُثخنه الجراحَ وينالُ منه كلَّ منال، ولا يغفلُ عنه لحظةً وإلا أطبقَ الوحش فكّيه على أوصال بلادنا، فأتى على الأخضر والثمر. يعلمُ كلُّ مصرى أننا ننامُ ليلَنا آمنين ملء جفوننا، لأن عيونًا لا تعرفُ النومَ تسهرُ تحرسُ أمنَنا عند كل بقعة من حدود مصر شرقًا وغربًا وشمالا وجنوبًا. وأن غولَ الإرهاب البغيض يتشوّف أن يلتهم قلبَ مصر الذى يُخبئه جيشُنا بين راحتيه القويتين، ويحميه. كلُّ ما سبق حقائقُ لا تخفى على عاقل. لكننا كذلك نعلمُ ونتذكّر ما تعهّد به الرئيسُ عبدالفتاح السيسى، مطمئِنًا الدولَ العربية الشقيقة أن جيشنا المصرى الباسلَ جاهزٌ للذود عن أية بقعة عربية يطالُها التهديد، قائلا: إن جيشنا فى مسافة السِّكة إذا تعرضت دولةٌ شقيقةٌ لأى خطر. ذاك أن القوات العسكرية المصرية هى جيشُ العرب والعروبة. واليومَ، نرفعُ إلى الرئيس مطلبَنا، نحن عقلاء مصر، بأن يكون جيشُنا العظيم على مسافة السكّة من بقعة عزيزة يطالُها الخطرُ المباشر، والتهديد اليومى الغاشم. ونُعلن، نحن المصريين، بكلّ حزن وخجل، أن تلك البقعة المحزونة مصريةٌ قبل أن تكون عربيةَ شقيقة، تقعُ على مرمى حجر من قلب كلّ مواطن مصرى. كما نعلن مطرقى الرأس خجلا، أن ذاك الويلَ الذى يُصبِّحُها ويُمسّيها تُشعلُه للأسف أياد مصرية غارقة فى الدماء ملوّثة بالإثم. أياد سوداءُ لم تتعلّم الوطنية، ولم يمرّ ظِلُّها يومًا تحت مظلّة الإنسانية. بقعةٌ غارقةٌ منذ دهرٍ فى وحل الطائفية والاستقواء والهمجية اسمُها: محافظة المنيا. تلك المحافظة المرزوءة بالفواجع منذ سنواتٍ، لا تخضعُ للقانون المدنى الذى نعرفُ، ولا تنضوى تحت مظلّة المدنية التى ننشدُ، إنما يحكمُها قانونُ القبيلة الأعمى، وقانون الجلسات العرفية الظالم، وقانون الغاب الهمجى، وقانون الغلبة بالأكثرية البلهاء التى تستضعفُ أقليةً لا يحميها إلا تضرّعاتٌ للسماء وصلواتٌ، عسى اللهَ أن يمدّ يده بالرحمة والعدل. مواطنون مسيحيون من عزبة الفرن مركز أبو قرقاص/ المنيا، أرادوا أن يرفعوا صلواتهم فى أعيادهم، كما نرفعُ نحن المسلمين صلواتِنا خمسًا فى كل يوم. فهل تتطلّب الصلاةُ رخصةً يمنحُها إنسانٌ لإنسانٍ؟! سؤالٌ يبدو ساذجًا إجابتُه القاطعةُ بالنفى، عند كلّ عاقل راشد. لكنْ، فى بلد العجائب مصر، يحدثُ أن يأتى رجلُ دولة، برتبة محافظ، ليقول إن الصلاةَ لله تستوجبُ ترخيصًا! أعلن هذا اللواء عصام البديوى محافظُ المنيا متحجّجًا بأن قرى الصعيد تخضع للعادات والتقاليد القِبلية التى تمنعُ فتح الكنائس فى القرى للأقباط، لأن المتشددين الإسلاميين يرفضون هذا، وإنهم يرون أنهم الأكثر عددًا والأبطشُ قوة! وأن تغيير ذلك النهج يتطلّب إعادة تأهيل المجتمع ثقافيًّا حتى يسمح شخصٌ ما لشخصٍ ما أن يُصلّى! فهل يُعقلُ أن يعترف رجلُ دولة باستجابته للبلطجة العصبية إلى أن يتأهلُ المجتمعُ ثقافيّا؟! ما دوره إذن كمسؤول يمتلك صلاحيات تمكنه من تطبيق القانون بحسم على الخارجين عن القانون؟! هل تقبلُ الدولةُ المصريةُ أن تترك حفنةً من الأشرار يفرضون قانونَهم العنصرى ودستورهم التمييزى على قانون مصر ودستورها الذى منح كلّ مواطن حقوقًا متساوية مثلما فرض عليه واجبات متساوية؟!. فى تلك الدولة المصرية الشقيقة: المنيا تعرّت سيدةٌ مسيحية وسُحلت فى عرض الطريق ولم يأت حقُّها. وفى تلك الدولة المصرية الشقيقة قُصّت جدائلُ طفلات مسيحيات أمام زميلاتهن، ولم تأت حقوقهن. وفى تلك الدولة المصرية الشقيقة تتمُّ كلّ نهار ويلاتٌ طائفية سافرةٌ على أقباط مصر الذين هم منذ ألفى عام مواطنون أصلاء لهم حقوقٌ على مصر، لم يعرفوها منذ دهور. المصرى المسلمُ يُصلّى فى بيته وفى مسجده وتحت ظلّ شجرة وعلى ضفاف نهر وفى عرض الطريق، فتُحترَمُ خصوصيتُه وتُحمى مساحتُه الأثيرية التى يُصلّى فيها، وينالُ بعدما ينتهى مباركاتِ المارّة ودعواتهم: حرمًا. جَمَعًا. فلماذا لا يحقُّ للمسيحى ما يحقّ للمسلم فى أن يُصلّى أينما شاء فى كنيسة أو فى بيتٍ أو فى عرض الطريق؟!. يا سيادة الرئيس، إن من يرتكب فعلا فاضحًا علنيًّا، بأن يقضى حاجته فى الطريق العام لا يوقفُه الناسُ، إنما يمرّون عليه مرور الكرام ولا يستنكرون بذاءته، وهذا أمرٌ عجيبٌ لا يحدث إلا فى مصر، فهل نسمحُ بما هو أعجب بأن يُحارَبُ من يرفعُ للسماء صلواتِه ونجواه، سواء فعل هذا فى كنيسة أو فى بيتٍ أو فى حقل أو فى الطريق العام؟! وهل نسمحُ بأن يتمّ هذا العسفُ الطائفى بيد مسؤول يقول بملء الفم إن المصلّين لم يحصلوا على ترخيص بالصلاة، ومن ثم يحقُّ لمواطنين من غير ذوى صفة أن يمنعوهم؟!. سيادة الرئيس، إن لم تسارع إلى إطفاء جمرة الطائفية المشتعلة فى المنيا، والضرب بيد القانون على أيدى الإرهابيين ومن يُشعل أتون الفتنة، فاعلمْ أن مصرَ تتصدّع من داخلِِِها. أعداءُ الوطن خصوم السلام من داخل مصر، ليسوا أقلّ خطرًا ممن هم خارجها، إنما هم الأشدُّ خطرًا على الإطلاق. سيادة الرئيس: المنيا الشقيقة تستغيثُ بك، فهل تكون قوّاتنا المسلحة على مسافة السكّة؟. |
|