عيد أحد الزعف:
ب) البُعد اللاهوتي - البعد الروحي للعيد
أولًا: البعد اللاهوتي للعيد: من أحداث ذلك اليوم يظهر ما يدل على لاهوت السيد المسيح... 1) معرفة السيد المسيح بالغيب: إذ هو الإله الحقيقي الذي يعرف المستقبل...
+ (مت 21: 2، 3) "اذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتانًا مربوطة وجحشًا معها فحلاها وإتياني بهما. وإن قال لكما أحد شيئًا فقولا الرب محتاج إليهما فللوقت يرسلهما"... وقد تم كل ذلك.. مع ملاحظة تعبير (الرب) دلالة على لاهوته...
+ (لو 19: 42 – 44) أعلن الرب ما سيحدث لأورشليم فقال (إنك لو علمت أنت أيضًا حتى في يومك هذا ما هو لسلامك ولكن الآن قد أُخْفِيَ عن عينيك فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرًا على حجر لأنك لم تعرفِ زمان افتقادك"... وقد حدث كل ذلك على يد تيطس القائد الروماني سنة 70 ميلادية... أي بعد حديث الرب بحوالي 40 عامًا... 2) تحقيق النبوات عن هذا اليوم: نبوة (زكريا 9: 9) "ابتهجي جدًا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وجحش ابن أتان"...
وكما ورد في (لو 19: 45، 46) عن تطهير الهيكل وقول الرب للناس "إن بيتي بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة للصوص"... نرى نبوة (إش 56: 7) "آتي بهم إلى جبل قدسي وأخرجهم في بيت صلاتي وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحي لأن بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب".. وهكذا في نبوة (إرميا 7: 11) "هل صار هذا البيت الذي دعي اسمي عليه مغارة لصوص في أعينكم". وكذلك ما ذكر في (يو 2: 17) عن عبارة أنه مكتوب أن غيرة بيتك أكلتني...
3) تطهير الهيكل: طرد الباعة والمشترين وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام مت 21: 12 ولم يدع أحد يجتاز بمتاع (مر 11: 16) وهذا سلطان غير عادي سأله الفريسيون عنه... وقد صنع الرب ذلك معلنًا عن وجوده كذبيحة حقيقية فلماذا الرمز إذن..؟! كما قال أحد القديسين: إن طرد باعة الحمام يحمل عملًا رمزيًا فقد جاء السيد المسيح فصحنا ليبذل نفسه فدية عنا لذا كان يجب إبطال الذبيحة الحيوانية الدموية فلا حاجة للبيع والشراء... وفي سؤال الفريسيين عن السلطان وإجابة الرب (مت 21: 24 – 27) ما يؤكد أنه هو المخلص فقد شهدت السماء عنه من خلال معمودية يوحنا المعمدان ولم يستطيعوا إنكار ذلك وهذا دليل آخر على لاهوت السيد المسيح... 4) حديث الرب عن نفسه: "بيتي بيت الصلاة يدعى" – "من أفواه الأطفال والرضعان هيأت تسبيحًا" – "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو 18: 26)... "إن سكن هؤلاء لنطقت الحجارة" (مت 21: 16)... 5) كذلك شهادة الأطفال والرسل والناس: "أوصانا لابن داود" – "أوصانا في الأعالي" – "مبارك هو الآتي باسم الرب" – "مباركة هي مملكة داود أبينا" – (مت 21: 9) 6) شهادة من خلال طقس اليوم: إذ نقرأ البشائر الأربعة في أركان الكنيسة الأربعة شهادة أن ذبيحة المسيح كافية للعالم كله وأن الكرازة بالإنجيل وبالخلاص للعالم كله... وكفاية الذبيحة إشارة إلى لاهوت المسيح... (ملاحظة بناء القبة على 4 عمدان ورسم الأربع مخلوقات غير المتجسدين على أركان القبة بطريقة فيها ترتيب عكس اتجاه عقارب الساعة ومدلول ذلك لاهوتيًا)...
ثانيا: البعد الروحي للعيد: المعنى الانتصاري للعيد في دخول الرب ليحقق النصرة على الموت وعلى الخطية... وهذا هو مفهوم الخلاص الذي ذُبح الرب من أجله... لذلك في التسابيح يذكرون مملكة داود لأنه رمز للسيد المسيح حين انتصر على الشيطان (جليات / جلياط)...ويعلق ق. أغسطينوس على لو 19: 10 قائلًا عن لأن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك لقد جاء الرب يبحث عن المفقودين الذين اختفوا بين الأشواك وتشتتوا بين الذئاب لذلك حمل الأشواك في جبينه فخلصهم منها بذبحه لأجلهم...
والمعنى الثاني: التسبيح: دليل الفرح الحقيقي الذي ينتج عن الخلاص... ويقول الأنبا موسى: "لا يقدر على التسبيح إلا من تمتع بالخلاص والحياة الأبدية... أما من دخلوا في مملكة إبليس فلا يقدرون على التسبيح بل يرفضونه... ليس في الجحيم من يشكرك ولا في الهابطين إلى الجب... أما نحن الأحياء فنباركك إلى الأبد".. فكرة التطهير: التطهير من الخطية والشكلية والعبودية المرة للشر... يقول القديس أمبروسيوس الله لا يريد أن يكون هيكله موضعًا للتجارة لأن هيكله مقدس مؤكدًا على خدمة الكهنوت أنها لا تتم بالاتجار بالدين بل بالبذل الإرادي مجانًا... فالتجارة تشير إلى روح العالم (مغارة لصوص)، والتطهير يتم بالتوبة والاعتراف، والحِل والتناول (الحياة السرائرية) بالمسيح من خلال خدمة الكهنوت... والتطهير له بعد الصلوات، والعبادات لتقديس الهيكل، وبالصوم كذلك.