ما يقصده الله دائماً للخير يؤوله الشيطان دائماً للشر. فهو يُسئ استعمال الوصية الاختبارية ويُحيلها إلى تجربةً، يهجم بها بخدعة على طاقة الإنسان الأول، قاصداً بها كما هو واضح أن يحمل الإنسان على السقوط. فأولاً، يصور الشيطان الوصية الإلهية كأنها ثقلٌ اعتباطي نافل أو تحديد لا أساس له لحرية الإنسان. وهكذا يزرع في قلب حواء بذرة الشك في الوصية من حيث مصدرها الإلهي وعدالتها. وثانياً، يطور ذلك الشك إلى عدم إيمان معتمداً على فكرة كون الله قد أعطى الإنسان هذه الوصية لئلا يصير الإنسان مثله عارفاً الخير والشر. وعدم الإيمان هذا يثير بدوره المخيِّلة فيجعل التعدي يظهر، لا بوصفه السبيل إلى الموت، بل طريقاً إلى الحياة الأبدية وإلى المساواة بالله. ومن ثم يفعل التخيُّل فعله في ميل الإنسان وسعيه، بحيث تبدأ الشجرة المحرمة تكتسي حُلَّةً أخرى: فإذا هي شهية للنظر ومرغِّبة للقلب. وإذ حبلت الشهوة على هذا النحو عطّلت الإرادة ثم ولدت الخطية. وهكذا أخذت حواء من ثمر الشجرة وأكلت فعلاً، وأعطت رجُلَها أيضاً معها فأكل هو الآخر (تك 3: 1 – 6).