|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رسالة يوحَنَّا المَعمَدانُ: التَّوبة لم يكتفِ يوحَنَّا المَعمَدانُ في إعلانه أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله، إنما أعَدَّ الطَّريق إلى قبول يسوع المسيح ابن الله بكرازته بالتَّوبة. فكانت رسالة يوحَنَّا مبنية على التَّوبة: " توبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّموات " (متى 3: 2). وقال للّذين جاؤوا ليعتمدوا منه: " أَثمِروا إِذًا ثَمَرًا يَدُلُّ على تَوبَتِكم، ولا تُعَلِّلوا النَّفْسَ قاِئلين: إِنَّ أَبانا هوَ إِبراهيم)). فإِنِّي أَقولُ لَكم إِنَّ اللهَ قادِرٌ على أن يُخرِجَ مِن هذهِ الحِجارَةِ أَبناءً لإِبراهيم" (لوقا 3: 8). ويسوع بالذَّات افتتح دخوله في العَالَم بكلمات التوبة: "تُوبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّمَوات " (متى 4: 17). بناء على دعوة من الله، بدأ يوحَنَّا يُكرز بالتَّوبة في منطقة الأُردُنِّ مستخدمًا المَعْموديَّة علامة للتَوبة، مُتمِّمًا بذلك نبوءة أشعيا (40: 3-5). إنَّه حذَّر الجماهير الذين جاؤوا ليعتمدوا بالماء أن يصنعوا ثمارًا تليق بالتَّوبة، وأعلن أنَّ المسيح المُنتظر آتٍ بعده من جهة الظهور التَّاريخي، ولكن كان قبله من جهة المَقام والأسبقية، وأنَّه سيُعمِّد بالرُّوح القُدُس مُشيرًا إلى الفَرق بين مَعْموديته بالماء ومَعْموديَّة المسيح بالرُّوح القُدُس، وهذا ما ورد في كل الأناجيل (متى 3: 11، مرقس 1: 8، يوحَنَّا 1: 33). شهادة يوحَنَّا هي أفضل وسيلة للإعداد لمَجِيء يسوع المسيح ابن الله. فقد شهد بسيرة حياته وتعليمه وعلاقته بالمسيح. وأضح الملاك الذي بشّر زكريا الكاهن بولادة يوحَنَّا أن هذه الطَّفل سيكون نذيرًا لخدمة الله. وقد ظلَّ يوحَنَّا أمينًا لهذا النَّذر. ورسالته في العَالَم هي إعلان لمَجِيء يسوع المُخلص والمُناداة به، وقد شحذ كل طاقاته من أجل هذه المُهِمَّة فشهد أن يسوع هو المسيح ابن الله " فهَتف: "هذا الَّذي قُلتُ فيه: إِنَّ الآتيَ بَعْدي قد تَقَدَّمَني لأَنَّه كانَ مِن قَبْلي"(يوحَنَّا 1 :15) وأنَّه حمل الله بقوله "هُوَذا حَمَلُ اللهِ الَّذي يَرفَعُ خَطيئَةَ العَالَم" (يوحَنَّا 1: 29). وقد طلب يسوع من يوحَنَّا أن يُعمّده، لا لأنَّه كان مُحتاجًا إلى التَّوبة، بل ليكون دليلا على اندماجه في الجنس البشري وصيرورته أخًا للجميع مُعلنّا بذلك بداية تبشيره العَلني. ما رسالة يوحَنَّا المَعمَدانُ؟ ما هي إلاَّ إعداد النَّاس بالتَّوبة لمَجِيء يسوع المسيح، ابن الله. كان يوحَنَّا المَعمَدانُ يدعو النَّاس إلى ما هو أكثر من مجرد كلمات أو طقوس حيث طلب منهم أن يُغيّروا حياتهم. كانت المَعْموديَّة علامة خارجية، أمَّا العلامة الحقيقية الدَّاخلية هي التَّوبة. وللتوبة جانبان: البُعد عن الخطيئة، والاقتراب من الله. ولكي لننال المغفرة يجب أن ننفِّذ كلا الأمرين، فلا يمكن القول إننا نؤمن بالله ثم بعد ذلك نحيا كما نشاء (لوقا 3: 3: 7-8). فلا بُدَّ أن ترتبط التَّوبة بالعمل، وإلاَّ فلا تكون توبة ً فعليَّة. ويُعلق الرَّاهب الطَّوباويّ غيريك ديغني "يوحَنَّا المَعمَدانُ هو أوّل مَن ثقَّفَ الكنيسة، وبدأ بتنشئتها على التَّوبة، وحَضَّرَها من خلال المَعْموديَّة؛ وبعد أن انتهى من تهيئتِها على هذا الشَّكل، سلَّمَها للرّب يسوع المسيح وضمَّها إليه (يوحَنَّا 3: 29). لقد علَّمَها كيفيّة العيش في الزُّهد، وبموته منَحَها القوّة على الموتِ بشجاعة. بهذا كلِّه، أعدّ يوحَنَّا "لِلرَّبِّ شَعبًا مُتأَهِّبًا" (لوقا 1: 17)" (العظة الأولى عن مولد القدّيس يوحَنَّا المَعمَدانُ). تقوم شهادة يوحَنَّا المَعمَدانُ على المناداة " يُنادي بِمَعْموديَّة تَوبَةٍ لِغُفرانِ الخَطايا" ومعنى هذا أن نحوّل وجوهنا إلى الجهة المقابلة، أن نتحول 180 درجة، أي من حياة التَّركيز على الذَّات، التي تقوم على تصرفات خاطئة مثل الكَذب، والخِداع، والسِّرقة، والنَّميمة، والانتقام، والفساد وخطايا الجِنس، إلى حياة التَّركيز على الله بإتباع طرقه ووصاياه. وأول خطوة في طريق العودة إلى الله، هي الاعتراف بالخطايا. كانت المَعْموديَّة في مفهوم يوحَنَّا المَعمَدانُ علامة منظورة على أنَّ الشَّخص المُتعمِّد قد قرّر تغيير حياته متخليًا عن حياة الخطيئة والأنانية، والرُّجوع إلى الله. وبهذا أعدَّت مَعْموديَّة يوحَنَّا النَّاس لَقَبول يسوع مسيحًا وابن الله. والنَّاس الذين لا يعرفون المسيح، قد يحتاجون إلى إعدادهم لمقابلته، بتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تعطلهم عن الاقتراب من المسيح وبتوضيح لهم حاجتهم إلى الغفران، وأنَّه يستطيع أن يعطي حياتهم معنى. يدعونا الله من خلال مناداة يوحنا المعمدان للدخول في شركة معه تعالى. لكن تلبية نداء الله يتطلب التَّوبة. والتَّوبة تتطلب منَّا "البحث عن الرَّبّ" (عاموس 5: 4)، "البَحث عن وجهه" (هوشع 5: 15)، "الاتِّضاع أمامه" (1 ملوك 21: 29،)، "توطيد القلب فيه" (1 صموئيل 7: 3) تغيير الطَّريق، والعودة، والتَّراجع. وبكلمة أخرى، نحيد عما هو شرير ونتَّجه نحو الله. والعودة إلى الله، مما ينجم عنها تغيير في السلوك اليومي. إذا عرفنا أن نستقبل سيدنا يسوع المسيح بالتَّوبة وحِفْظ الوصايا، نُعدَّ الطَّريق له ونشهد له على مثال يوحَنَّا المَعمَدانُ فسيكون مجيئه قوتنا وراحتُنا وفرحنا وعزاؤُنا وسلامنا. أعطى الله لكلِّ واحدٍ فينا هَدفًا يحيا لأجله، ورسالة يؤدِّيها في الحياة. والهَدف الأسمى لكلِّ واحد فينا هي "بِشارَة يسوعَ المسيحِ آبنِ الله " حيث أنَّ الخلاص قد تمَّ به تعالى. فهل نؤمن ببِشارَة الإنجيل، بِشارَة الخلاص، بِشارَة مَجِيء يسوع مسيحًا على الأرض لخلاصنا. هذا هو هدفنا الأسمى في الحياة. فهل نتمِّم رسالتنا تجاه مَجِيء يسوع المسيح مُخلصًا لنا، ثم ديانًا بقبول بالإيمان والتَّوبة والشَّهادة لذاك الذي "جاء إلى العَالَم ليشهد للحَق (يوحَنَّا 37:18)؟ |
|