رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كان السيد المسيح يجول يصنع خيرا بقلم : البابا شنودة الثالث الباب شنودة الثالث اخوتي وأبنائي ومواطني الأعزاء: يسرني أن أهنئكم جميعا ببدء عام جديد وبعيد الميلاد المجيد, راجيا لكم حياة سعيدة موفقة, ونجاحا في كل أعمالكم. وهذه المناسبة السعيدة, تذكرنا أيضا بمجيء العائلة المقدسة إلي مصر, وتنقلها بين بلاد عدة في الدلتا والصعيد, ومباركتها لكل شبر وطئته أقدامها. الأمر الذي نفخر به, كما نفخر بتلك النبوءة وقول الرب في سفر اشعياء النبي مبارك شعبي مصر( أش19:25). وفي هذه العبارة التي نطق بها الوحي الإلهي أمران نفرح بهما: أولهما أن الله اعتبرنا شعبه, وثانيهما منحه البركة لنا. وبمشيئة الله سنقيم احتفالات كبيرة بهذه المناسبة, نتعاون فيها مع وزارة السياحة التي تولي اهتماما كبيرا بهذا الأمر, وندعو الكل من جميع أقطار العالم لرؤية هذه المواضع التي عاش فيها السيد المسيح فترة طفولته المبكرة, مع أمه القديسة العذراء ويوسف النجار, وما تحمله تلك الأماكن المقدسة من آثار وذكريات. وتزايد الأمر أهمية تزامن هذه الاحتفالات مع الذكري الألفية الثانية لميلاد السيد المسيح, وما تقيمه كل بلاد العالم من استقبال مهيب لهذا العيد, عيد مرور ألفي عام علي ميلاد المسيح. إن ميلاد المسيح كان حدثا تاريخيا مهما, قسم التاريخ إلي قسمين أساسيين: ما قبل الميلاد, وما بعد الميلاد. وفي احتفالنا بميلاد المسيح له المجد. وفيما نذكر ما احتواه ميلاده وحياته من أعاجيب, أود أن أركز اليوم علي حقيقة مبهرة: وهي أنه كان دائما يجول يصنع خيرا( أع10:38) وكان مصدر رجاء وخلاص للمجتمع الذي عاش فيه, كما كان مصدر بركة لكل من يلاقيه, وللعالم أجمع. لقد ولد المسيح في عصر مظلم, انتشرت فيه الوثنية, كما انتشرت الفلسفة المنحرفة, والفساد الخلقي, والديكتاتورية الحاكمة. عصر خصومة مع الله, انقطع فيه الوحي, وامتنع ظهور الملائكة. ولم يعد الله يرسل فيه أنبياء لهداية الناس. حتي قادة الدين في اليهودية في ذلك الزمن ضلوا عن الطريق السليم, وفسروا كتاب الله حسب أهوائهم, وكان علي رأسهم الكتبة والفريسيون والصدوقيون, والشيوخ ورؤساء الكهنة, أولئك الذين تحقق فيهم قول الرب لإسرائيل مرشدوك مضلون( أش3:12) وسط هذا الظلام, ظهر السيد المسيح, ليكون نورا للعالم, يهدي ويعلم, ويضع أمامهم الأمثولة والقدوة لكي يتبعوا خطواته.. وظهرت معه أنوار أخري استمدت نورها من نوره, كانت مصابيح مضيئة في ذلك الزمن: منها القديسة العذراء مريم, والقديس يوحنا المعمدان وأسرته, وسمعان الشيخ, وحنة النبية, وآخرون. حقا, إن فساد العصر, لا يمنع أن روح الرب يعمل, ووجود الأرض الخربة الخاوية المغمورة بالماء والمغطاة بالظلمة, ما كان يمنع أن روح الله يرف علي وجه المياه( تك1:2) وفي كل جيل يستحق طوفانا يغرقه, لابد من وجود نوح يشهد للرب فيه. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد. وهكذا كان العصر الذي ولد فيه المسيح. وكان المسيح ينبوع حب للكل. وقد قيل عنه إنه كان يطوف كل الجليل, يعلم في مجامعهم, ويكرز ببشارة الملكوت, ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.. فاحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع متنوعة.. فشفاهم( مت4:24,23). كان يحمل أوجاع الشعب كله. وهو نفسه قال تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال, وأنا أريحكم( مت11:28). كان يعصب مفكري القلوب, وينادي للمسبيين بالعتق, وللمأسورين بالإطلاق, ويعزي كل النائحين( أش61:2,1). كان رجاء لمن ليس له رجاء, ومعينا لمن ليس له معين احتضن الفئات المنبوذة من الشعب اليهودي, وفتح أمامهم طاقة من رجاء. ومن أمثلة هؤلاء, العشارون والخطاة. فقبل إليه زكا رئيس العشارين, ودخل إلي بيته, واقتاده إلي التوبة. ولما تذمر عليه اليهود لأنه دخل بيت رجل خاطئ, قال لهم اليوم حدث خلاص لهذا البيت.. لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك( لو19:7 ـ10). ولما تذمروا عليه في قبوله متي العشار والاتكاء في بيته حيث عاشرون آخرون, قال لهم لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب, بل المرضي... لأني لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلي التوبة( مت9:9 ـ13). وأشفق أيضا علي النسوة الخاطئات, وأنقذهن من قسوة قادة اليهود. فلما أرادوا رجم امرأة خاطئة ضبطت في ذات الفعل, قال لهم من كان منكم بلا خطيئة, فليرجمها بأول حجر( يو8:7) وقال للمرأة وأنا لا أدينك.. اذهبي ولا تخطئي أيضا. وأشفق علي مريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين( لو8:2). فصارت من بين من تبعوه, وتتملذت معهم. والمرأة التي سكبت علي رأسه طيبا غالي الثمن. وتذمر البعض لأن ذلك الطيب كان يمكن أن يباع ويعطي ثمنه للفقراء, قال لهم: لا تزعجوا المرأة. اتركوها إنها فعلت ذلك لتكفيني( يو12:7).. وأشفق أيضا علي ا لمرأة الكنعانية وامتدح ايمانها. وأيضا كان يشفق علي الأطفال. ولما كان تلاميذه ينتهرونهم في زحامهم حوله, كان يقول لهم دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم. لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات( متي19:14). وكان يضع يديه عليهم ويباركهم. ولما حورب تلاميذه بفكر كبرياء, فيمن يكون الأعظم بينهم, أقام طفلا في وسطهم وقال لهم الحق أقول لكم إن لم ترحبوا وتصيروا مثل الأولاد, فلن تدخلوا ملكوت السموات( متي وكما رفع معنويات النساء والأطفال والخطاة, كذلك فتح باب الرجاء أمام الأمم( أي الشعوب الأخري من غير اليهود).. كان اليهود يكرهون الشعوب الأخري, ولا يتعاملون معهم. ولكن السيد المسيح قبل المجوس كأول باكورة من الأمم, وامتدح إيمان قائد المائة الأمي الذي طلب شفاء غلامه المريض. وقال عنه لليهود إني لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا.. وأقول لكم إنهم سيأتون من المشارق والمغارب, ويتكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات. وأما بنو الملكوت فيطرحون في الظلمة الخارجية( متي8:12,11). وقال للمرأة الكنعانية عظيم هو إيمانك( متي15:28). ودخل مدينة السامرة, فقبلوه وآمنوا به. بينمان كان اليهود لا يعاملون السامريين( يو4:39 ـ41). وكان مصدر رجاء للضعفاء يشفق عليهم. وقيل عنه في ذلك إنه قصبة مرضوضة لا يقصف, وفتيلة مدخنة لا يطفئ( متي12:20). كان يعطي الرجاء حتي للأيدي المسترخية والركب المخلعة. وهكذا قيل في الإنجيل اسندوا الضعفاء, تأنوا علي الجميع شجعوا صغار النفوس( اتس5:14). كان المسيح يسعي إلي خلاص الذين لا يهتمون بخلاصهم. لم يكن ينظر إلي خطايا ا لناس, بل إلي محبته هو لهم.. منح الخلاص للص اليمين, وهو في آخر ساعة من حياته. وكان رفيقا علي الضعفاء المخطئين, وحازما مع القساة. وقد علم الناس البساطة وقال كونوا بسطاء كالحمام( متي10:16). وما أجمل عبارته التي تدل علي عمق حنوه قلبه, حينما قال: يا أبتاه اغفر, لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون( لو23:34). إنه درس في أن نجول مثله نفعل خيرا مع الكل, مثل المسيح الذي فعل خيرا حتي ما شاول الطرسوسي ودعاه لخدمته.. فليكن تدريبنا في العام الجديد هو أن نجول نفعل خيرا.. يا اخوتي: كل يوم يمر عليكم لا تفعلون فيه خيرا, لا تحسبوه من أيام حياتكم. انه يوم ضائع. واعرفوا ان الخطية ليست هي مجرد فعل الشر, فهذا فقط هو الوجه السلبي, إنما أيضا عدم عمل الخير هو خطية. وقد قال الكتاب من يعرف أن يعمل حسنا ولا يفعل, فتلك خطية له( يع4:17). وقيل أيضا لا تمنع الخير عن أهله, حين يكون في طاقة يدك أن تفعله. لا تقل لصاحبك اذهب وعد غدا فاعطيك, وموجود عندك( أم3:28,27). ختاما نصلي إلي الله أن يعمل معنا خيرا باستمرار, ويعلمنا أن نصنع الخير مع بعضنا البعض. ونصلي إليه أن ينشر السلام في الأرض, وبخاصة مع شعب العراق الذي يشكو الجوع والمرض ونقص لوازم الحياة. كما نصلي من أجل الفلسطينيين لتكون لهم دولة مستقلة ذات سيادة. ونصلي من أجل سلام لبنان, ومن أجل استمرار السلام بين سوريا وتركيا. ونصلي من أجل بلادنا مصر, وسلامها وأمنها ورخائها. وأن يحفظ الرب قائدها الأمين الرئيس حسني مبارك وكل صحبه العاملين معه, وأيضا كل من يعمل خيرا لبلده في أي مجال.. وكل عام وجميعكم بخير. |
24 - 08 - 2016, 11:34 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كان السيد المسيح يجول يصنع خيرا
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كان يجول يصنع خيرا |
كان يجول يصنع خيرا |
كان يجول يصنع خيرا |
يجول يصنع خيرا |
كان السيد المسيح يجول يصنع خيرا |