|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
الغني والمسكين ما وراء القبر
بقلم القس ميلاد يعقوب ان هذه القصة ليست مجرد مثَل، بل هي حادثة من واقع الحياة، اي مما يحدث كل يوم من حولنا. فالموت حقيقة وواقع، ولا احد يعرف ماذا يحدث بعد المنية وما وراء القبر، فيموت الاحياء ويدفنون وينتهي امرهم، ولن نراهم بعد.. لكن الذي حكى هذه الحادثة، هو اهم شخص في التاريخ، اي الرب يسوع المسيح، ولا يختلف فيه اثنان ان يسوع هو شخصية فريدة جدا... ولأن يسوع هو الله ذاته ظاهرا في الجسد وصائرا بشرا مثلنا، لكي يتمكن من تخليصنا من الهلاك الابدي، اقول بما ان المتكلم هو الله، فهو يعرف ما يحدث تماما بعد الوفاة، وهو يرى ما بعد القبر. لذلك فكلامه هام جدا للجميع، ولا يقدر احد ان يتجاهل اقواله، لانه هو ايضا الديّان للجميع، وهو يعرف سرائر البشر ومكنونات الانسان ومصائر المخلوقات.. في هذه الحادثة اراد يسوع ان يُظهِر لنا الفرق الشاسع بين ما يراه البشر وبين ما يراه الله، بين ما هو ظاهر لنا وبين ما هو مجهول وغير مرئي لنا، وتحدّث عن مقارنه ومباينة شاسعة بين نوعين من الناس، ويقصد يسوع الديان ان الناس اجمعين تنقسم فقط الى مجموعتين وفرقتين ولهما فقط مصيرين لا اكثر.. وقال يسوع ان رجلين الواحد غني يتنعم لا ينقصه شيء من الترف والبذخ والموارد المادية، فهو لا يحتاج الى شيء بل لديه الاساسيات والضروريات والكماليات التي يمكن ان تتكون لانسان.. والرجل الآخر كان فقيرا ومسكينا لا يملك شيئا، فهو معدم تماما تنقصه الضروريات والكماليات.... الاول يثير التعجب والتباهي والحسد والغيرة، اما الثاني فيثير الشفقة والرحمة والإشمئزاز والرفض... الاول يفتخر مَن يصاحبه ومَن يشاركه، والآخر يخجل الجميع برؤيته ويمتعضون من مشاهدته.... ويسوع بحكمته ذكر ان الاثنين كانا قريبين، احدها من الآخر، فلا يسكن كل واحد في بلد بعيد عن الآخر، بل يمكن ان تراهما في نفس المكان وفي نفس اللحظة، فيختلط شعورك بين التعجب والحزن والغيرة والشفقة. وبما انهما كانا في نفس الوقت وذات المكان، مع ان الفرق شاسع جدا بين كل واحد منهما، لذلك يثير الامر الكثير من الاسئلة والتساؤلات عن الحياة وعن العدالة وعن الله، وعن الحكمة السماوية وراء ذلك، واحيانا يتحول الى الاشتكاء والاتهام والتذمر... ما دمنا ننظر ونفكر جيدا في حالة كل منهما في هذه الحياة، لن نتمكن من فهم لغز المباينة بينهما، وسنشكك في عدل الحياة.. لكن يسوع يكشف اللغز ويبيّن الحقيقة، ويجيب على كل التساؤلات، ويثبت ان الله عادل، وان الحياة ليست مجرد السبعين سنة في هذا العالم، بل العمر في هذه الدنيا هو الجزء الضئيل جدا من الابدية، التي لا يراها ولا يصدقّها بشر....لنعطي مثالا يوضّح ذلك، لنفرض انك رأيت قضيبا من الحديد طولة 10 سم يبرز من حائط البناية، ورأيت قضيبا آخر طوله 200 سم.. فأيّ منهما هو الاطول؟؟. ربما تجيب بسرعة ومن دون تفكير، طبعا القضيب الذي طوله 200 سم... لكن هذا غير صحيح... لو ذهبنا الى الجانب الآخر من الحائط، ووجدنا ان القضيب القصير طوله 50 مترا ، والطويل طوله 3 امتار، فأيهما الاطول؟؟؟... هكذا ايضا نحن، لا نرى الا جانبا واحدا من الحقيقة، أي ما يحدث في هذا العالم، ولا نقدر ان نرى جانب الابدية، الذي هو امام السبعين سنة، ليس قابل للمقارنة ولا للمباينة.... ويسوع هنا يكشف الحقيقة الكاملة من الجانبين، ما نراه وما لا نراه، اي الانسان في هذه الدنيا، وما هو عليه في الابدية.. ومن غباء البشر ان يعتبروا ان الجانب الدنيوي في هذا العالم هو كل شيء، وعند القبر ينتهي كل شيء، لكن هذا ليس الحقيقة.. لنعط مثالا آخر، ان حقيقة اننا لا نعرف احيانا ماذا يوجد وراء جبل شاهق، هذا لا يعني انه لا يوجد شيء...وقال الرب يسوع ان الغني المتنعم والمترفّه الذي لا ينقصه امر، مات ودُفن... ولا يذكر اسمه، محاولا ان يقنعنا ان الانسان من دون الله، مهما كان غنيا وممجدا من الناس، هو بلا اسم، اي لا قيمة له في عيني الله، ولا معنى له في قاموس الابدية. وهذا المصير كان قد اختاره الغني بنفسه، اذ تجاهل الجانب الالهي واحتقر الجانب الابدي.. ودُفن اي ان كل مجده وثرائه وترفه العالميين قد انتهوا، ولم يعد يملك شيئا... ودُفن رغم كل ما له في هذه الدنيا، طمره التراب، على جسمه وعلى كل ما به، رمز للهوان المطلق... ومات المسكين في عيني البشر وغادر هذه الدنيا، لكن الكتاب المقدس لا يقول انه دُفن، بل مات وحملته الملائكه!... يا له من فرق صارخ بين الرجلين، وايضا بين حالهما بعد الوفاة! بين الغني والمستغني وبين المسكين والمحتاج... والكتاب المقدس ذكر اسم المسكين، وتجاهل اسم الغني، مع ان البشر اعتادت ان تذكر اسم الغني في كل مكان، وتجاهلت اسم المسكين في اي مكان، ربما لم يعرف احد اسمه البتة.. لكن الامر في عيني الله مختلفا تماما، فما يرفعه ويمجّده البشر، محتقر في عيني الرب، وتافه في نظر الابدية، وما يحتقره ويزدريه البشر، ممجد ومرفوع في الابدية ومقبول لدى خالق البشر.. وما هذه الدنيا الا غرفة لاتخاذ القرار، فأنت تحدد اين ستقضي الابدية، وما هو مصيرك بعد الانتقال من هذه الدنيا، ان كنت تعيش وانت مستغني عن الله، ومكتفي بالماديات، ومتجاهل للابدية، فقد اخترت الهلاك الابدي. اما اذا كنت محتاجا الى الله ونعمته ورحمته، وطلبتها وانت ما زلت في هذه الدنيا، فقد اخترت الحياة الابدية وقد كُتب اسمك في سفر الحياة. |
26 - 04 - 2017, 01:32 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الغني والمسكين ما وراء القبر....
اما اذا كنت محتاجا الى الله ونعمته ورحمته، وطلبتها وانت ما زلت في هذه الدنيا، فقد اخترت الحياة الابدية وقد كُتب اسمك في سفر الحياة. روووووووووعة يا قمر |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلطان يسوع لا يقتصر على المرض بل يمتد إلى ما وراء القبر |
الغني والمسكين ما وراء القبر |
الغني والمسكين ما وراء القبر |
“لا تُتعب نفسك وراء الغنى، |
رسالة من وراء القبر |