رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عظمة التدبير الإلهى لو أن فضولك يدفعك للبحث عن معرفة مقدار عظمة التدبير الإلهى، يكفيك فقط أن تعرف أن الأمر الإلهى ليس محصورًا فقط في بعض الخيرات أو أنه صلاح محدود، بل كل ما هو ممكن أن تصل إليه، من قدرة، وبر، وصلاح، وحكمة، وكل الألقاب والقيم التي تحمل معنى لائقًا ومناسبًا لهذا الأمر الإلهى، فذاك هو (هذا الصلاح). إذًا فلنتنبه ربما أن كل ما قلناه لم يصل إلى مستوى الإحسان الذي صار لنا، متمثلاً في الصلاح والحكمة، والقدرة، والبر. فهو كصالح أحب العاصى، وكحكيم وجد طريقة لعودة المستعبدين، وكبار لا يقمع ذاك الذي استعبد الآخر وامتلكه وفقًا لقانون السوق، لكنه قدم ذاته عوضًا عن المستعبدين، حتى أنه يتعهد المدين كضامن له، ويحرر السجين. وكقادر لم يُمسك من الجحيم، وجسده لم يرى فسادًا. وأيضًا لم يكن ممكنًا أن يهزم رئيس الحياة من الفساد أو الفناء. ولكن هل قبوله الميلاد بحسب الجسد، وخبرة الآلام الجسدية، يعد أمرًا يدعو للخجل؟ إن قبوله كل هذا هو إفراط في الإحسان. حقًا لأنه إذ لم يكن ممكنًا أن يتخلص الجنس البشرى من هذا القدر الكبير من المآسى والشدائد، فقد قبل الملك طبيعتنا الإنسانية المائتة، وأن يُبدل مجده الذاتى بحياتنا. هكذا اخترق النقاء حياتنا الملوثة، بينما لم يستطع التلوث أن يمس هذا النقاء، كما يقول الإنجيل "والنور يضىء في الظلمة والظلمة لم تدركه"[40]. الظلام تلاشى بظهور النور، والشمس لا يسود عليها الظلام، والمائت أُبتلع من الحياة[41] كما يقول الرسول بولس، وانهزم الموت أمام الحياة. وكل ما فسد خلُص في ذاك الذي لا يفنى. والفساد لا يستطيع أن يؤثر في الخلود، ولهذا صار تسبيح الكون كله، تسبيحًا مشتركًا، حيث الجميع يرفعون معًا تمجيدًا لخالق الكون. إن كل فم سمائى، وأرضى، وأسفل الأرض، يصرخ أن يسوع المسيح مخلّصنا هو رب لمجد الله الآب، وينبغى أن يُبارك إلى أبد الآبدين آمين. |
|