رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لكن رغم وجود قلةٍ ممن يتكلمون هكذا، هنالك بالحقيقة آخرون يعزفون لحناً آخر. فليس أهل العلم على وفاق، بأي حال من الأحوال، حول أسباب الموت وطبيعته. إذ في مقابل أولئك الذين يرون في الموت نهاية للحياة طبيعية وضرورية، كثيرون يجدون الموت لغزاً أكثر تحييراً حتى من الحياة، ويعلنون صراحةً أنه لا يوجد سبب واحد يحتم الموت على الكائنات الحية لضرورة ما داخلية. بل إنهم يقولون أيضاً إن الكون كان في الأصل كائناً حياً ضخماً إلى ما لا نهاية، وإن الموت أدخل عليه ملامحه فيما بعد، وإن هنالك بعض الحيوانات ما تزال غير ميتة. كلام يتشربه بشغف في الزمن الحاضر من يعتقدون أن النفوس كان لها وجود سابق ويعتبرون الموت تغييراً في الشكل يجتازه الإنسان في سبيل الارتقاء إلى حياةٍ أسمى - كاليُسروع الذي يصير فراشة. واختلاف الآراء في حد ذاته بينةٌ على حقيقة كون العلم غير قادر على النفاذ إلى علل الأشياء الأساسية والنهائية، ولا قدرة له على تفسير الموت أكثر من قدرته على تفسير الحياة. فكلا هذين يظل لغزاً أمام العلم. ولحظة يحاول العلم أن يقدم تفسيراً، يتعرض لخطر قائم في ألا يُنصف إما حقيقة الموت وإما حقيقة الحياة. فإذا قال العلم إن الحياة في الأصل أزلية، يتعين عليه عندئذ أن يقدم جواباً عن السؤال: من أين جاء الموت؟ فهو يتحدث عنه كما لو كان مجرد مظهر أو تغيير في الشكل، وإلا فإنه يحاول فهمه كأمر طبيعي بجملته. وفي هذه الحال لا يدري ماذا يقول في الحياة، ويُلفي نفسه مضطراً إلى إنكار الخلود. وفي كلتا الحالين يمحو الخط الفاصل بين الموت والحياة، كما بين الخطية والقداسة. |
|