|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صلاة من جوف الحوت فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ الْحُوتِ ( يونان 2: 1 ) يا له من تباين مع العاصفة الهائجة ذات الضجيج الصارخ التي نراها في الأصحاح الأول من سفر يونان! فنحن نرى هنا في الأصحاح الثاني صمت القبور! هناك كان صوت الله القدير في هدير العاصفة والأمواج المزمجرة مختلطًا مع صرخات البحارة المتضايقين، بينما كان النبي نائمًا في جوف السفينة في عدم مبالاة وأنانية. أما هنا فنرى سكون الموت في قاع البحر والنبي مدفونًا في جوف الحوت، ليس نائمًا بل متنبه الضمير لكي يتعلَّم الحقيقتين الهامتين جدًا اللتين سيعلِّمهما الله له هناك، بعيدًا عن أعين الناس، وهما: (1) أن «الذين يُراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم». (2) وأن «للرب الخلاص». ويا لها من دروس! ومن أعماق القبر الساكن صعدت إلى الله صلاة النبي وصرخته «من جوف الهاوية ... في العُمق في قلب البحار». إن صلاته تُذكِّرنا بعض الشيء بصلاة الملك حزقيا في إشعياء 38 حينما أعلن الله له دنو نهايته. والفرق أنه في حالة يونان كان صراع النفس أكثر عمقًا، وهو تعبير نبوي عن التدريب العميق لنفوس البقية اليهودية المؤمنة في المستقبل، في أيام ضد المسيح، مثل أصدقاء دانيآل في آتون النار. لقد طرح الله نبيه العاصي «في العُمق في قلب البحار»، حيث ”أحاطَ به نهرٌ. جازت فوقه جميع تيارات الله ولُجَجِِهِ“، وحيث دُفن حيًا. ومن العمق الصامت صعد صوت النبي المتضايق إلى أُذن الله صارخًا: «قد طُردت من أمام عينيك»! لكن هل تخلى خادم الله عن رجائه في الله؟ لو كانت هناك حالة ميئوس منها فهي هنا. هل استسلم النبي لليأس؟ كلا. إن الله نفسه؛ المُنعِم والقدوس أيضًا، الذي وضع نبيه في هذا القبر الفريد، ليس ليقتله، ولكن ليُصيّره من خلال التدريب العميق أكثر لياقة لخدمته. لقد عرف الرب كيف يُقوي إيمان خادمه المتروك بحسب الظاهر، ويملأ قلبه بالثقة في رحمته. هذه هي طرق الله وأفعاله العجيبة، قديمًا وفي وقتنا الحاضر. إن نفس الصوت الذي صرخ في عمق الضيق «قد طُردت من أمام عينيكَ»، استمر في نفس اللحظة قائلاً: «ولكنني أعودُ أنظرُ إلى هيكل قُدسِكَ». ولا شك أن عين إيمان النبي كانت تنظر من أعماق سجنه وضيقه باستقامة إلى فوق، إلى هيكل أعظم؛ إلى أقداس الله. لقد ”رفع عينيه إلى العلاء، من حيث تأتي معونته“. |
|