أجرى يسوع في الأراضي الوثنيَّة أعجوبة لصالح أصم اخرس في قلب بلد بحاجة إلى تبشيره. كان لهذه المعجزة طابعٌ خاص، إذ أشرك يسوع إنسانيّته في عمله الإلهي: أشرك فمه الذي تكلّم، وقلبه الذي تنهّد، وعينَيْه اللتين وجّه بصرهما نحو السَّماء، وإصبعَيْه اللتين ادخلهما في أُذُنَيْ الأصَمّ، ولسانه الذي أعطى الأصَمّ شيئًا من لعابه. تُعيدنا هذه الحركات إلى رواية خلق الإنسان (تكوين 2: 7)، حيث يقوم الله بتشكيل مخلوقه بيديه، يجبله بالماء الّذي خلقه، ينفخ في أنفه نَفَس الحياة. وبهذا فقط يُصبح الإنسان كائنًا حيًّا. ومن هذا المنطلق يرى مرقس الإنجيلي في المعجزة معنى رسالة يسوع المسيح بين البشر، وهي بداية جديدة، وحياة جديدة يحملها ويَمنحها للجميع، حياة شركة كاملة مع الكون والله (مرقس 1: 13). وبشكل عام ، هذا النص يعكس قوة يسوع في الشفاء ويؤكد انه يجلب الشفاء الروحي والجسدي للأفراد، كما يظهر العلاقة العميقة بين يسوع والآب السَّماوي ودعوة يسوع إلى الإيمان.