حوار لتدمير الانسان

[جوزيف فتحى]

جلسة صاخبة في جامعة سلطان الظلام - البابا شنوده الثالث


جامعة سلطان الظلام


كانت الليلة حالكة السواد. وترتطم في تلك القاعة الرهيبة موسيقى صاخبة، بعضها مثير، وبعضها مفزع ومخيف. وقد علقت في أعلى المنصة على جدران القاعة لافتات مكتوب على بعضها: "هذه ساعتكم وسلطان الظلام" (1) - وعلى الأخرى "أحبوا الظلمة أكثر من النور" (2) مع لافتات أخرى مكتوب عليها: يحيا إبليس -يحيا التنين- تحيا الحية القديمة (3). وخلف عرش إبليس على المنصة مكتوب"إله هذا الدهر" (4). ولافتات أخرى مكتوب عليها: الويل للإكليروس -الويل للأبرار- الويل للنساك..

وقد اجتمع إبليس رئيس الشياطين، وحوله كبار أتباعه من أساتذة جامعة سلطان الظلام، كل منهم في تخصصه، وهو مستعد أن يعرض نشاطه وإنجازاته، ويحاور ويرد.

وكان إبليس يشتعل غضبا، وعيناه تقدحان كلهيب من نار، ويخرج الكلام من فمه كأنه شظايا جمرات تنتشر هنا وهناك، وهو ثائر على أعوانه الشياطين، يقول لهم في حدة وبصوت عال:

**(إبليس):

متكاسلون كلكم متكاسلون (5). ما هذا الخمول الذي أشاهده في مملكتنا المترامية الأطراف، المشهورة بالحيلة وبالنشاط، منذ بدأنا ثورتنا إلى الآن؟!

**(أصوات): ما الذي حدث أيها الزعيم الجبار؟ لماذا يحمو غضبك على عبيدك؟!

(أصوات) نحن نبذل كل جهدنا - إننا ننشر الفساد في كل مكان.. كما ترى.


**(إبليس) يقول في حزن شديد ومرارة قلب:

أنظروا، كيف خسرنا في ميادين أساسية كانت عامرة بضحايانا من البشر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. .. أين هو تعدد الآلهة الذي خسرنا ميدانه؟ أين الآلهة الذين اخترعناهم ونشروا عبادتهم على مدى أجيال: أين رع وآمون في أرض مصر؟ أين عبادة البقرة حتحور، والعجل أبيس، والحية بوتو؟! ما أشد خسارتي في انقراض عبادة إيزيس وأوزوريس وست؟ أين جوبتر كبير آلهة الرومان، وزيوس كبير آلهة اليونان؟ أين مارس إله الحرب؟ وأين فينوس إلهة الجمال؟ أين أرطاميس الإلهة التي في أفسس (6)؟ وأين عشتاروت وملكوم (7) وأين الأصنام التي كانت تملأ أثينا (8).

ثم صمت لحظة في حزن وقال: أين عبادة الفراعنة والملوك؟ أين شريعة مادي وفارس (9)؟ أين..؟ أين...؟ يا له من ماض جميل ورائع، تولى وكأنه حلم...

** وساد القاعة صمت حزين إلى لحظات.. ثم تابع إبليس كلامه فقال:

وأين ميدان الإلحاد، الذي فقدناه أيضا. وحتى الشيوعية التي نشرناها في روسيا والاتحاد السوفيتي على مدى سبعين عاما، انتهت هي الأخرى..!
وبعد قليل من الصمت، احتراما لحزن إبليس..

وقف شيطان المجد الباطل والافتخار، وقال:

عفوا سيدي الزعيم الجليل. نحن لا ننسى أعمالك الطيبة منذ خدعت الأم حواء، ودفعت قايين لقتل هابيل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ومنذ نشرت الوثنية في كل العالم حتى في دولة إسرائيل، ودولة يهوذا وسط ما يسمونه شعب الله المختار.

(أصوات هازئة): شعب الله المختار؟! هذه أسطورة. لا يوجد لله شعب على الإطلاق..

ويتابع شيطان المجد الباطل كلامه فيقول:



نعم يا إبليس العظيم، نحن لا ننسى إنجازك العجيب مع يربعام بن ناباط (10) ومع آخاب الملك وزوجته إيزابل (11). وقبل أولئك عملك المعجزي مع الذين عبدوا العجل الذهبي في سيناء (12). ولكن أبناءك النجباء من الأبالسة لهم مجهودات قيمة تستحق منك التشجيع لما يبذلونه من نشاط.

(أصوات): نعم، نحن نشطاء/ نحن ناجحون ومبتكرون / مازلنا نعمل وسنعمل.


يتابع شيطان المجد الباطل حديثه ويقول:

نحن وإن كنا خسرنا أيام عبادة رع وجوبتر وزيوس، فمازالت موجودة عبادة بوذا وبراهما وكنفوشيوس، ومازال تحت سلطاننا غالبية الشرق الأقصى. كما أن الشيوعية لم تنقرض تماما، ومازالت لها بقايا. وهناك الكثير من المجالات التي تدل على أن مملكة الشيطان باقية، وسوف تستمر وتسود.

(أصوات عديدة): برافو شيطان المجد الباطل. ما أروع دفاعك.

(أصوات أخرى) إننا نعمل وسنظل نعمل حتى نفنى الإيمان كله.

(أصوات) لا إيمان بعد اليوم.

(أصوات): سنحطم كل العقائد وكل الثوابت التي في عقول البشر المخدوعين بأقوال الأنبياء.

وعلى الرغم من كل هذا، وقف إبليس وقال في أسى:

أيعجبكم أن (ذلك الناصري) شمت فينا وقال "أبصرت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء" (13). ولكنى أقول: كلا، لن نسقط أبدا.

(أصوات) لن نسقط أبدا. لن نسقط.

(أصوات أخرى) نحن الذين سنسقط المؤمنين.


ثم يتابع إبليس كلامه ويقول في غضب:

ألم تقرأوا ما كتبه ذلك (الرائي الموهوم): "وإبليس الذي كان يضلهم، طرح في بحيرة النار والكبريت" (14) مع باقي كلامه الرديء..! وأنا أقول له: إن تلك النار سوف لا يدخلها إلا أولئك المخدوعون الذين يسمون أنفسهم بالمؤمنين.

(أصوات) يسقط ذلك الرائي ورؤياه.

(أصوات) النار لهم وليست لنا.

(أصوات) النار ستحرق المؤمنين.

(أصوات) وتحرق إيمانهم معهم.

(احد الأتباع) أيتحدثون عن النار؟! ألم نجعلهم يعبدون النار في بعض العصور؟
4- كلام شيطان الفساد



وهنا وقف شيطان الفساد مع تلاميذه وقال:

اطمئن أيها الزعيم الكامل الحكمة والجمال (15). فعلى الرغم من أننا خسرنا الكثير، إلا أننا نعمل في ميادين أخرى عديدة في مجال الفساد، الذي منه الفساد الخلقي، ونعمل في بعض أفلام السينما، وفي أماكن الرقص، وفي ميادين متعددة من اللهو. كما نعمل أيضا في بعض وسائل التكنولوجيا الحديثة، وفي الانترنت، وفي ميادين أخرى خدعنا فيها البشر تحت اسم الزواج. كما عملنا في بنوك البويضات المخصبة، وفي أنواع الاستنساخ. وفيما يسميه البشر المساكين بالفساد! بينما نقدمه نحن لهم كمجال للمتعة، ونقدمه لبعضهم كمجال من الربح والثراء.

ونحن نعمل أيضا في مجال الفسق. وفي الشذوذ الجنسي الذي أتقن نشره أحد تلاميذي وسجله له التاريخ في قصة سادوم وعمورة.5- كلام شيطان الانحراف الديني



صورة في موقع الأنبا تكلا: غلاف مجلة برج المراقبة لطائفة شهود يهوة، عدد قديم

وهنا وقف شيطان الانحراف الديني وكان يتبعه بعض تلاميذه ومنهم (شيطان محبة التعليم، وشيطان التحريف، وشيطان استخدام الآية الواحدة، وشيطان الترجمة الخاطئة، وشيطان الشك، وشيطان العناد ومحبة الظهور) وخاطب إبليس قائلا:

اطمئن يا سيدي الزعيم،، إننا عوضًا عن مجال الإلحاد الذي فقدناه أو كدنا أن نفقده، قد قدمنا لهم فكرًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل، مثل عقائد شهود يهوه، والمورمون، والمذاهب العديدة التي لا تحصى والتي يحارب بعضها بعضًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهكذا جعلنا مؤمنين يحاربون مؤمنين. إلى جوار بعض الفلسفات التي قدمناها لهم، وفي بعضها أفكار تشبه الإلحاد أو تقود إليه.

وأنا يا سيدي الزعيم الذي اخترعت الهرطقات وزودت أصحابها بالبراهين وشكلت عقولهم، ومنعتهم من الاستسلام لأبطال الإيمان.6- كلام شيطان النبوءة وشيطان الخرافات



وهنا وقف شيطان النبوءة يسنده شيطان الخرافات وقال:

أنا الذي كنت أوحى لنبية السبتيين الأدفنتست، حتى صارت نبوءاتها عقائد ثابتة عندهم، وما أكثر ما قدمت لغيرها من نبوءات.. ولى تلاميذ من الأبالسة الصغار يعملون في مجالات التنجيم، والرؤى، وقراءة الكف، وقراءة الفنجان، وضرب الرمل ووشوشة الودع. ومن أدل البراهين على نجاحي ما ينشره البعض عما توحي به النجوم. ومن تلاميذي أيضا شيطان الوهم، وشيطان المعجزات والخيالات. ونحن جميعا نمهد لمجيء (المقاوم) الذي ذكره بولس في رسالته إلى تسالونيكى (16).. ومعنا أيضا شيطان الخرافات.


صورة في موقع الأنبا تكلا: لوجو كنيسة مجيئيو اليوم السابع الأدفنتيست السبتيين

(أصوات) برافو شيطان النبوءة - استمر معهم في نبوءاتك.


وهنا تحمس شيطان النبوءة والخرافات، وقال لإبليس:

إنني وكل تلاميذي نعد بكافة الوسائل لمجيء ذلك المقاوم المرتفع على كل ما يدعه إليها، حتى أنه سيجلس في الهيكل كإله (17) هذا الذي سيكون بداية للارتداد العظيم. وعندئذ ستصدق عبارة "عندما يأتي ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض"؟! (18). وهذا بالطبع يحتاج إلى تدخلك يا سطانائيل العظيم، ليكمل عمل هذا المقاوم لأننا نعرف أنه سيكون مرسلا من عندك.


وهنا قال إبليس: نعم سوف أزود ذلك المقاوم بالآيات والعجائب وبكل لون من الخديعة. وسيصدق الناس أنه الإله، ويبعدون عن أتباع ذلك الناصري، ويزول الإيمان. وسوف أكمل العمل الذي بدأته مع أريوس، وأحيى ذكرى لينين.

(أصوات) سوف يكمل انتصارنا / ويكررونها.

(أصوات) لا إيمان لا إيمان / تهانينا لإبليس وخضوعنا له.

(أصوات) أيسمونه بالمسيح الدجال ها.. ها.. ها.. وتسمع ضحكات هستيرية في أرجاء جامعة الظلام.

وهنا أنبرى إبليس وقال:

ولكنني أرى للأسف الشديد دور العبادة مزدحمة بالناس، والآلاف يذهبون للصلاة والتسبيح. حتى أنهم علموا الأطفال أيضا أن يصلوا!!

فما هو عملنا إزاء هذا النشاط المنحرف من أولئك المخدوعين أي المؤمنين.


صورة في موقع الأنبا تكلا: كليبارت أشخاص مشغولين و يعملون، مشغولية

وهنا وقف شيطان العبادة الشكلية وقال:

إننا لم نتركهم يا سيدي الزعيم، بل تدخلنا لنبطل صلواتهم أو نشتتها، أو لكي ترفض هذه الصلاة ولا تصير مقبولة. نعم هناك طرق قد أتقنتها في تشتيت الصلاة، وفي إدخال فكر آخر إليها مع ألوان من السرحان، وتذكير الإنسان بمسائل هامة ومشغوليات يفكر فيها ولا ينسى أثناء الصلاة أنه يصلى.، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكم من صلوات جعلناها باللسان فقط، حتى أن إلههم قد عاتبهم قائلا: "هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدا" (19).

نعم لم تعد الصلاة صلاة، لأن ليس فيها صلة. أصبحت كلاما بلا روح، ولم تعد مقبولة. وحلت محلها المشغولية والتشتت والسرحان.. وهكذا فعلت مع الصوم.

(أصوات) السرحان أفضل من الصلاة / ليكن الدوام للتشتت والمشغولية.




وهنا وقف شيطان المشغولية وقال:

أنا يا سيدي الزعيم، بالمشغوليات جعلت الناس يبعدون عن محبة الله بمحبة العالم، وعن الاهتمام بما يسمونه "بناء الملكوت على الأرض"، لكي ينشغلوا بأمور هذا العالم الذي يقولون "إنه يبيد وشهوته معه" (20). فهناك من جعلته مشغولا بوظيفته أو ببيته وأسرته، أو مشغولًا باللهو أو الجنس، أو مشغولا بالمال.. وأين الله؟! لا يوجد في اهتمامهم. حتى العابدون انشغلوا ببيت الرب، وتركوا رب البيت.. حتى الرهبان.

نعم، حتى الرهبان أمكنني أن أشغلهم بأمور كثيرة، فلم يبق لهم وقت للصلاة إلا ما يرددونه من الصلوات الطقسية. وحتى هذه جعلتهم يقولونها بسرعة لأجل الوقت. ولم تعد لهم فرصة للتأمل ولا للعبادة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وضاعت حياة الوحدة والتفرغ لله. وفي ميدان العمل، أوقعتهم في الاحتكاكات والغضب والخصومة وفي إدانة بعضهم بعضًا، وفي كثرة الأحاديث التي لا تخلو من أخطاء.. وحتى الذين توحدوا، أرسلت إليهم الزوار يشغلون وقتهم ويمجدون وحدتهم..

(إبليس) برافو شيطان المشغولية. استمر في عملك، وأنا معك أؤيدك وأوحى إليك بأنواع مشغوليات أخرى.

(أصوات) المشغولية أفضل لهم من الصلاة.

(أصوات) الانشغال بالعمل أفضل من الانشغال بالله.
9- كلام شيطان الغضب والحدة




وهنا وقف شيطان الغضب والحدة تتبعه مجموعة من أتباعه، وقال لإبليس:

أنا يا سيدي الزعيم من أعظم أتباعك نشاطا، ومن أكثرهم توسعا في إنجازات أعمالي. لذلك لي كثير من المساعدين هم: شيطان الشجار، وشيطان الخصام، وشيطان الحروب، وشيطان الفتن والدسائس.. ثم قال:

وأنا أيضا أتعاون مع صديقي شيطان الكرامة الشخصية وابنه الروحي شيطان الحساسية الزائدة. وهما يساعدانني في إيقاد النار، وأنا أشعلها.. ونحن نعمل معا بالعمل الجماعي Team Work.

(أصوات) حسن هو تعاونكم في العمل الجماعي يا شيطان الغضب والحدة.

(أصوات) حدثنا عن خبراتك في هذا العمل الجماعي.


وهنا تابع شيطان الغضب والحدة حديثه فقال:

أنا أوحى إلى شيطان الفتن والدسائس أن يتدخل بين اثنين بدسيسه من عنده، ويوغر صدر أحدهما ضد الآخر، ويجعل أحدهما يهين رفيقه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وحينئذ يتدخل شيطان الكرامة الشخصية ليهيج الموقف. ثم يتدخل ابنه شيطان الحساسية الزائدة، فيقول للشخص الذي أهين "كيف تقبل هذا على كرامتك؟".

وهنا أبدأ أنا في إثارته، وأرسل بينهما شيطان الشجار يتبعه شيطان الخصام. وكل واحد من أتباعنا هؤلاء أخصائي في عمله، وذو خبرة طويلة المدى. وينتهي الأمر بين الشخصين إلى أن يستسلما لشيطان العداوة الذي يطيل مدة عمله في قلبيهما. وفي جو العداوة يضطران إلى الابتعاد عن التناول ثم البعد عن الجو الديني كله..10- كلام شيطان الزنا



وهنا انبرى شيطان الزنا وقال:

أنا أيضا - مثل شيطان الغضب، من أكثر الشياطين نشاطا، بل ومن أكثرهم نجاحا وسيطرة على بنى البشر الضعفاء. أثير غرائزهم من الصبا وبخاصة في مرحلة المراهقة، واستمر معهم في مراحل عمرهم. أوقع غالبيتهم في سقطات عديدة شملت حتى الكبار منهم. بل أحيانا شمل نشاطي المدن بأكملها مثل سادوم وعمورة. وقد أوقعتهم أيضا في الشذوذ الجنسي بأنواعه، وأغرس فيهم عدم الاكتفاء بالزوجة الواحدة. وبعضهم اتخذ أعدادا لا تحصى من الزوجات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد أحدرت كثيرًا من النساء في البغاء. والبعض وقعوا في علاقات جنسية محرمة، وفي أمراض جنسية مثل السيلان والزهري، وأخيرا مرض الإيدز الخطير، الذي ينقلونه إلى الزوجات وإلى الأطفال من نسلهم.

وأنا أخدعهم بأن هذا ليس زنى، وإنما هو متعة، وهو في صميم الطبيعة البشرية، لأنه غريزة في الإنسان. ساعدني في ذلك أصدقائي الأعزاء شيطان الخداع، وشيطان الشذوذ، وشيطان الإغراء، وبعض شياطين اللهو..

ومن خطورة عملي، قال سليمان الحكيم (21) عن إغراءاتي إنها طرحت كثيرين جرحى.. وكل قتلاها أقوياء".


(إبليس) أهنئ شيطان الزنى على نشاطه وعلى نجاحه. وقد قررت أن أمنحه هو وشيطان الغضب وسام سطانائيل الأعظم.

وعليه أن يحكى خبراته لتلاميذه في جامعة سلطان الظلام.

: "And as I knew that I could not otherwise be continent, except God gave it, and this also was a point of wisdom, to know whose gift it was: I went to the Lord, and besought him, and said with my whole heart" (Wisdom 8:21)
آية "ولما علمت باني لا اكون عفيفا ما لم يهبني الله العفة وقد كان من الفطنة ان اعلم ممن هذه الموهبة توجهت الى الرب وسالته من كل قلبي قائلا" (سفر الحكمة 8: 21)

صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "ولما علمت باني لا أكون عفيفا ما لم يهبني الله العفة وقد كان من الفطنة ان اعلم ممن هذه الموهبة توجهت الى الرب وسألته من كل قلبي قائلا" (سفر الحكمة 8: 21)

(أصوات): دام شيطان الزنى، ودام شيطان الغضب.

(أصوات): إلى مزيد من النجاح / إلى مزيد من إسقاط البشر.


(شيطان الزنى): يتابع تقريره ويقول في حماس:

أنا الذي كنت مع أوغسطينوس في بدء حياته. وكنت مع مريم القبطية أيضا في بدء حياتها.

وكنت مع كثير من الزناة طوال حياتهم، وحتى في ساعة وفاتهم كانوا يتمنون الحياة لمتابعة زناهم. وها هم الآن معنا.

ومن عمق شهرتي نادى شهود يهوه بأن الملائكة قد وقعوا بالزنى مع نساء البشر، وأنجبوا منهم نمرود. وبعض فلاسفة الوثنية نادوا بإله للخصوبة أي للزنى وعبدوه.. لهذا كله فأكبر عدو لي هو البتولية التي أخترعها أولئك البشر المحرومون من المتعة لذلك فأنا بكل قوتي أحارب هذه البدعة وزميلتها العزوبية.

حتى هناك الرهبان الذين أوقعت بعضهم في حبائلي فكسر بعضهم نذره وتزوج. وها كاسيان الشهير جعل حروبي من أهم الحروب الروحية. وقد حاولت إغراء أنطونيوس الكبير بصور النساء ولكنه للأسف لم يقبل إغرائي ومع ذلك فأنا لا أيأس مطلقا، ومازلت أجاهد في حربنا الجامعة عند البشر.. وأنا أعلم تلاميذي كل الحيل اللازمة لنجاحهم ضد العفة.

وأشكر السيد الزعيم على تهنئته لي ووسامه العالي القيم وأعاهده على دوام العمل. وختم شيطان الزنا تقريره وسط تصفيق حاد...

(أصوات): استمر يا شيطان الزنا في نشاطك / وليكن بعلزبول معك.

(هتافات): لتسقط العفة / لتسقط البتولية / لا عفة بعد اليوم / لا بتولية بعد اليوم / شجعوا الزنا وشجعوا الإغراء.


(إبليس): أنا مازلت متضايقا من وجود الإيمان في الأرض. لابد أن تبذلوا جهودكم للقضاء عليه. هل صار شيطان الإلحاد بلا عمل؟! لماذا لا يعمل وينشط؟! هل تنتظرون أن يقضى الإيمان على مملكتنا فتزول بعد أن زالت الوثنية أو كادت؟! أنظروا كيف انتهت الشيوعية من روسيا وحل الإيمان محلها وجاهر الناس بإيمانهم. لماذا لم تخرج جامعة سلطان الظلام عمالقة يحطمون الإيمان بالله كما في أيام ازدهار عبادة الأصنام؟!

يا للأسف هل كان تعبي فيكم بلا ثمر؟!

وهنا انبرى شيطان الإلحاد وقال:

عفوا سيدي الزعيم، أيها الحية القديمة الماكرة.. لقد كان أبطال الإيمان أقوى منا. وكانت لهم معجزات كثيرة خدعوا بها البسطاء فآمنوا على أيديهم. على أنى أريد أن أطمئن الزعيم بأن الشيوعية لم تندثر تماما، فمازالت لنا معسكرات منها في بلاد أخرى غير روسيا ورومانيا. كما أن هناك بلادا يعبد أهلها بوذا وكونفوسيوس وبراهما في الشرق الأقصى وليس لهم دين سماوي ولا شريعة إلهية موحى بها، . ويوجد فيها تماثيل لبوذا كما توجد معابد لبراهما. وتلك الشعوب يصل تعدادها إلى مليارين. توجد وثنية مقنعة.. كما أنني وزميلي العزيز شيطان التشكيك (الشك) نعمل على إزالة الإيمان قدر المستطاع.

وهنا وقف شيطان الشك وقال:

يا زعيمي الجبار، أيها الحية القديمة (22) يا أكثر المخلوقات حيلة وحكمة، يسرني أن أخبرك أنني وأعواني الذين يعملون معي، نبذل كل جهدنا في إزالة الإيمان أو على الأقل زعزعته. وافرح قلبك بأن واحدا من أعواني، وهو شيطان النقد الكتابي Biblical Criticism قد أوجد هذا العلم ونشره في كثير من الكتب الدينية والمعاهد اللاهوتية، وكان له مفعوله الأكيد، حتى أن بعض الطوائف المسيحية حذفت سبعة أسفار من العهد القديم (في كتابهم) (*).

ومما يزيدنا فخرا أننا غرسنا علم النقد الكتابي في عقلية بعض رجال الإكليروس وكان له تأثيره عليهم وعلى تلاميذهم.


صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس - اضغط للدخول لصفحة البحث في الإنجيل

وهنا قال له إبليس: ولكن ألا ترى أن بعض علماء كليات اللاهوت قد تصدوا لمدرسة النقد الكتابي بردود قوية جعلت تأثير نقدها محدودا.


وهنا قال شيطان التشكيك: إن ما لم ندركه كله، يكفينا تأثيره الجزئي، وهو مكسب لنا نستحق عليه التقدير. ثم تابع كلامه فقال:

وهناك أعوان آخرون لي قد ساهموا في عملنا العظيم في التشكيك، وهم شيطان التفسير الذي قدم غير ما نادى به الأقدمون، ومعه مساعده شيطان الاعتماد على الآية الواحدة، الذي قدم منهجا خاصا وهو التركيز على إحدى الآيات ليتخذها مجالا لاختراع عقيدة خاصة، متجاهلا باقي الآيات التي تتعلق بنفس الموضوع.. وساعدنا أيضا في التشكيك شيطان الترجمة المحرفة الذي يترجم عن الأصل اليوناني أو العبراني أو غير ذلك بترجمة مخالفة، مثل "ترجمة العالم الجديد للكتاب بالمقدس New World, Translation of the Scripture وما في هذه الترجمة من الخروج عن الإيمان بحيث تتناسب مع عقائد شهود يهوه التي أوحينا لهم بها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. وقد ساعدنا أيضا في التشكيك شيطان الحرفية وشيطان المبالغة في التفسير الرمزي الذي أوقع العلامة أوريجانوس في بعض الأخطاء.

ثم أليس انتصارًا لنا في التشكيك، ما ظهر بمساعدتنا في تعدد الطوائف التي يحارب بعضها بعضًا. وأحدث ذلك انقسامًا ساعد أيضا في التشكيك.. وقد ساهم فيه أحد معاونينا، وهو شيطان الفكر الخاص في التفسير.. ونتيجة للصراع بين المذاهب ظهرت بدع جديدة نحن صانعوها، مثل بدعة أريوس، وبدعة مقدونيوس، وبدعة نسطور، وبدعة أوطاخي، وبدع عديدة في العصور الوسطى والعصور الحديثة توجد اختلافًا ومزيدًا من الانقسام والتشكيك، وكلها من صنعنا.

ألا ترى في كل هذا يا سيدي الزعيم ما يستحق منك تشجيعنا وتهنئتنا على ما استطعنا الوصول إليه..

إبليس: وهنا هنأه إبليس وشجعه. ووعده بوسام الاستحقاق الإبليسي.

(أصوات): استمر يا شيطان التشكيك، وتطور في عملك إلى ما هو أزيد.

_____

(*) كلمة "في كتابهم" من إضافة الموقع، لعدم اللبس لبعض البسطاء.13- كلام شيطان التحديث والتطوير



وهنا انبرى شيطان التحديث والتطوير، وقال:

أنا -يا زعيمي العظيم سطانائيل- استحق قبل الكل "وسام التفوق الإبليسى". فقد أمكنني تطوير وتحديث بعض الهجمات القديمة على الإيمان، التي يسمونها بالهرطقات. وأعطيتها شكلا مقبولا يتفق مع الحضارة ومع النهضات الدينية وروح العصر..

(أصوات): أعطنا مثالًا لما تقول يا شيطان التحديث.

شيطان التحديث يتابع كلامه فيقول:




إن الأريوسية التي حاربها أثناسيوس بكل جهده هي الهبوط بالمسيح إلى مستوى البشر. وأنا وأتباعي نطور الأريوسية بأسلوب التحديث. وننادى بصعود البشر إلى مستوى المسيح. وتكون المحصلة واحدة، إذ يتساوى البشر مع المسيح ويصبح لا فرق بينهم وبينه: هو طبيعة إلهية اتحدت بطبيعة بشرية. والبشر-حسب تعليمنا- طبيعة بشرية تتحد بطبيعة إلهية، أو تتأله.. ونكون قد وصلنا إلى نفس النتيجة التي يهاجمون بها تلميذنا أريوس - نعم هذا ما يمكن أن نسميه الأريوسية الحديثة...

(أصوات): ما أعجب هذا الذكاء منك. وكيف فعلت ذلك:

(شيطان التحديث) ناديت بتأليه الإنسان، وقدمت لهم تفسيراتنا الخاصة عن مشاركة الطبيعة الإلهية، . فصدقوا ما قلناه ونادوا به. بدأ ذلك ببعض لاهوتيين الغرب. ثم انتقل إلى الشرق أيضا بعد أن حوروا أفكار الآباء الأولين.

وأكثر من هذا، جعلنا الذين قبلوا أفكارنا يحاربون المؤمنين علنا ويتهمونهم في إيمانهم..

(أصوات): استمر في تطويرك للفكر الديني يا شيطان التحديث.

(شيطان التحديث) عندي خبرات أخرى كثيرة سوف أعلنها لكم إذا شاء إبليس:

(تصفيق حاد في قاعة سلطان الظلام)

(أصوات كثيرة): استمروا جميعا في محاربة الإيمان بكافة الطرق.
وهنا وقف شيطان النبوءة الكاذبة وقال:

لقد سمعنا من شيطان الإلحاد أنه مما ساعد على الإيمان، معجزات قادة المؤمنين، ونحن نشكرك يا سيدي الزعيم على وعدك الصادق، أنه في مجيء (المقاوم) المدعى الإلوهية، سوف تساعده برؤى وعجائب تمهد بها الارتداد العام (لأنه طبعا من تلاميذك ومرسل من عندك) فليتك تعطينا مثل هذه الموهبة لنخدع بها المؤمنين.

ونحن من واجبنا قد قمنا بتقديم بعض الرؤى والأحلام لنقيم بها توازنا مع الرؤى والأحلام الإلهية وكانت بعض هذه الأحلام تحمل إرشادًا يتيههم، والبعض يؤدى بهم إلى الفخر والكبرياء فتتخلى عنهم نعمة الله.15- كلام شيطان السحر



وهنا وقف شيطان السحر وقال:

وأنا أيضا قمت بواجبي، وصدقني الكثير من البشر، بل لجأ إلى الكثيرون طالبين تدخلي. وظهر نشاطي من أيام موسى النبي. ومن تلاميذي شيطان (العمل) الذي يوحى لبعض اليائسين من البشر بأن هناك (عملا) يقف في طريقهم فيلجأون إلينا أي لجنودنا الأرضيين لإنقاذهم من هذا (العمل) وتدور دائرتنا حولهم.16- كلام شيطان الذات



ووقف شيطان الذات وقال:



لماذا تغضب أيها الزعيم ظانا أن عبادة الأصنام قد زالت من العالم؟! كلا يا سيدي أنا الصنم الجديد الذي يتعبد له غالبية البشر. فلم يعودوا يحتاجون إلى أصنام من الخارج، إنما بإيحاءاتنا وأفكارنا، جعلنا ذات كل إنسان هي صنمه. فكل جهاده هو من أجل الذات الـEgo ورفعتها وكرامتها ومكانتها وسط الناس. حتى أن خدمة الله أدخلنا فيها الذات أيضا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كذلك المناصب التي هى من أجل خدمة المجتمع أدخلنا فيها الذات. حتى الوعظ دخلت فيه الذات، فأصبح لإظهار معلومات الذات وبلاغتها وتأثيرها وليست لبناء الملكوت كما يدعون.

(أصوات): برافو شيطان الذات.


وهنا تحمس شيطان الذات وقال:

وبعض أتباع من تلاميذي الشياطين، منهم شيطان اللذة، وشيطان محبة العالم، ومحبة النصيب الأكبر، وشيطان الطمع وزملاء لهم. وكلنا نعمل في محيط الذات.

وهنا صاح شيطان المتعة وصاح متفاخرا: أنا الكبير وسطهم وما أكثر الميادين التي أعمل فيها. أنا الذي يوحى لشيطان الزنى ما يفعله. أنا الملهم لشيطان محبة المال ومحبة العالم ومحبة النصيب الأكبر. أنا المؤثر الأول على شيطان الطمع والجشع أنا الذي يمنع الصيام بلذة الطعام.. أنا الذي...17- كلام شيطان السلطة والنفوذ





وهنا قاطعه شيطان السلطة والنفوذ وقال:

بل أنا الكبير وسط كل شياطين الذات. أنا الذي أجعل الكبير يتسلط على الصغير، وأجعل الرجل يتسلط على المرأة، والحاكم يتسلط على المحكومين. وأنا الذي يجعل الكثيرين يبذلون المال للحصول على الوظائف المرموقة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بل أنا محيط الرعاية الدينية، أجعل الراعي يتسلط على رعيته، وينسى أنه خادم لهم. وبالسلطة أحول المناصب إلى الكبرياء والتعالى على الآخرين. وأنا الذي يلد لذة العظمة.


وهنا تدخل إبليس وقال:

أنتم أعواني البارزين. فاتحدوا كلكم معا في إهلاك البشر بإسقاطهم فكلكم تعملون في ميدان واحد.

(أصوات): نرجو مكافأة شيطان الذات وأعوانه.

(أصوات): حقا أصبحت الذات هي الصنم الأول.

وحينئذ قال إبليس: لقد قررنا أن نمنح شيطان الذات وكلا من العاملين معه وسام الاستحقاق الإبليسي، ونهنئهم على نشاطهم.

(أصوات): تصفيق حاد / برافو شياطين الذات والزلات واللذات.18- كلام شيطان القسوة






وهنا وقف شيطان القسوة وقال لإبليس:

بعد إذنك يا سيدي العظيم الذي من أسمائه التنين (23): أنا خادمك القوى الأمين، أنا شيطان الشياطين. إن كان واحد من جنودك قد أهلك عشرات من البشر، فأنا قد أهلكت عشرات الألوف، بل أهلكت الملايين. أنا الذي سكنت في قلب الإمبراطور نيرون، أنا الذي سكنت في قلب دقلديانوس. أنا الذي أوحيت بصنع القنبلة الذرية. أنا الذي أوحيت بصنع القنبلة الهيدروجينية. أنا الذي أوحيت بصنع أنواع من المتفجرات الخطرة. أنا الذي أوحيت بصنع الصواريخ البعيدة المدى. أنا الذي أثرت الحروب الفتاكة. أنا الذي أثرت الحقد والبغضاء في محيط المجتمع. أنا الذي دبرت الخصومة بينهم. أنا الذي هيجت الزوج على الزوجة ليطلقها. أنا أول من وسوس في قلب قايين ليقتل هابيل أنا... أنا....

(أصوات) يحيا شيطان القسوة / إلى مزيد من إهلاك البشر / لا رحمة بعد اليوم / الرحمة من عمل الضعفاء / القسوة من صفات الأقوياء / نريد مكافأة شيطان القسوة..19- كلام إبليس الرئيس في ختام المؤتمر




حينئذ وقف إبليس ليختم تلك الجلسة الصاخبة. ولكنه سمع أصواتًا تتصايح وسط جمهرة من أساتذة جامعة الظلام..

إذ وقف شيطان التمرد والعصيان، وطلب إلقاء الكلمة.

ثم وقف شيطان الإغراء، ومعه شيطان الكبت، وطلبا الكلمة.

وصاح شيطان الخيانة وقال عندي كلمة لأقولها.

وصاحت مجموعة من شياطين أخطاء اللسان وقالوا عندنا كلام كثير لنقوله..

وكان من بينهم شيطان الشائعات، وشيطان التجديف.

ثم وقف شيطان تأجيل التوبة، وقال عندي خبرات شيقة لأقولها.

وهنا وقف شيطان اليأس، وقال أنا الذي أضرب البشر بالضربة القاضية..

ووقف شيطان الفزع والخوف والخيالات، وقال: بل أنا الذي يزعجهم..

ثم وقف شيطان الفساد وبعض أعوانه ومنهم شيطان الرشوة وقالوا بل نحن الأكثر انتشارًا.

ثم وقف شيطان الإهمال والنسيان وقال: وهل نسيتم دوري الهام.

وتعالت أصوات كثيرة: نريد الكلمة. نريد أن نشرح إهلاكنا للبشر / نريد أن نقدم خبراتنا.


وهنا وقف إبليس وقال:

موعدنا في جلسة مقبلة تتحدثون فيها جميعا.

وحدث بعض الشغب وتعالت الأصوات ثم انصرفوا على وعد باللقاء.