05 - 07 - 2021, 01:01 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
سيرة القديس العظيم الانبا صرابامون الاسقف والشهيد
ميلاد القديس ونسبه
اسمه فى الاصل سمعان وكان اسما على مسمى فإسم سمعان هو اسم عبرى الاصل ومعناه سامع او مطيع وسوف تلاحظ قارئى المحبوب هذا فى سيرته ، إذ كانت حياته طاعة فى طاعة .
ولد قديسنا العظيم فى اورشليم فى منتصف القرن الثالث الميلادى تقريبا . كان والديه مسيحيان )سرا لسبب اليهود من عشيرتهما ) وهما من سبط يهوذا ذلك السبط الذى اشرق لنا منه شمس البر رب المجد يسوع .وكان أبيه يدعى ابراهيم وأمه مريم. وقديسنا ينتسب للشهيد اسطفانوس رئيس الشمامسة بأورشليم واول الشهداء فى الكنيسة المسيحية الاولى فى عصر الرسل .
نشأته والوسط الذى تربى فيه :
وبعد ان علمنا شرف نسب هذا القديس والذى يزداد سموا بالاكثر لانتسابه ليس لاورشليم الارضيه فحسب بل بالاكثر لاورشليم السمائية ، علينا الان ان نعرف الوسط الذى نشأ فيه قديسنا العظيم .فقد كانا والديه مسيحيين خائفين الله سالكين بمقتضى وصايا المسيح الكاملة المستقيمة . كانا يعيشان فى مجتمع يهودى يعج باغراءات الشر ..والبعد عن الايمان الحق برب المجد يسوع . وقبل الرابعة والعشرين من عمره كانا والداه قد تنيحا ومضيا الى المسيح الذى احباه تاركين فى العالم سيرتهم الحسنة وهذا النجم الساطع قديسنا ..نورا فى العالم.فاهتم سمعان عمه ، أخو أبيه ، بتربيته . فعلمه الناموس والوصايا وكتب الانبياء فكان كمثل شاول الطرسوسى الذى صار فيما بعد رسولا وخادما للروح القدس ، وكان يحدثه كثيرا عن السيد المسيح وصلبه وموته ومحبته وفدائه للبشرية وقيامته.وكثيرا كان يسمع عمه وهو يمتدح اسطفانوس على ايمانه بالسيد المسيح وعلى قبوله الالام والاستشهاد حباً فى المخلص فكان قلب قديسنا يلتهب بنار الشوق والمحبة الالهية والرغبة فى ان يكون مثل القديس اسطفانوس فى ايمانه ومحبته للمسيح.ومن هنا بدأ يفكر كيف يصير مسيحيا مثل القديس اسطفانوس ويمجد الله .
أسقفية اورشليم
وكان فى ذلك الوقت الانبا إيماناوس هو أسقف اورشليم الذى تولى الاسقفية من سنة 260 م الى 298 م ميلادية وهو الاسقف الذى كان معاصرا للبابا الاسكندرى البابا ثاؤنا الـ 16 الذى تولى الكرسى المرقسى سنة 273 م وايماناوس (أو هيمانايوس )هو الذى نقل اسمه من المخطوطات القبطية بطريق الخطأ "يوأنس" وترجمت فى اللغة العربية الى "يوحنا" . كان هذا الاسقف قديسا عظيما ووقف ضد هرطقة بولس الساموسطى وشجبها ، وكان الله يجرى على يديه معجزات وعجائب كثيرة.كان رجلا كاملا فى الفضائل فعلا و قولا .
ظهور ملاك الرب للقديس
وكان سمعان الشاب يفكر كثيرا ماذا يفعل ليصير مسيحيا ..ليصير تلميذا للمسيح .. ولم يكن هذا بالامر السهل لسبب اليهود ولا سيما اليهود من عشيرته فقد كانا والدا القديس كما ذكرنا آنفا مؤمنان سرا لسبب اليهود . وبينما هو متفكر في هذا الأمر إذ بملاك الرب يظهر له في رؤيا ووجهه مضيء ...فلما رأى هذه الرؤيا سقط على وجهه من الخوف فقواه الملاك وقال له
" تقو ولا تخف وامض إلى ايماناوس أسقف أورشليم وهو يعرفك ماذا ينبغي أن تفعل ".
ويتكلم البابا الكسندروس كاتب سيرة القديس وشاهد عيان لأحداث استشهاده يعلق على هذه الرؤيا قائلا :
"وفى الحقيقة – يااحبائى – إن هذه الرؤيا تشبه تلك الرؤيا التي رآها كرنيليوس(1) قائد المائة وفيها اعلمه الملاك بان يدعو القديس بطرس الرسول ليريه طريق الخلاص.
اللقاء مع الأنبا ايماناوس الأسقف
وفى الحال سمع سمعان كلام الملاك وأطاع لوقته وبدأ يستفسر باجتهاد حتى وصل إلى الأسقف وأعلمه بما تصبو إليه روحه المتوقدة بمحبة المسيح. وقال له "اننى أريد أن أكون مسيحيا" فلما سمع الأسقف هذا الكلام وأحس بصدق اشتياقات القديس سأله عن جنسه وقبيلته فرد سمعان عليه قائلا : "أنا من سبط يهوذا . وانتسب إلى القديس اسطفانوس رئيس الشمامسة الذي كان في هذه المدينة واستشهد على اسم الرب يسوع ." فاستفسر الأسقف عن هذا الكلام ليتحقق من صحة أقوال سمعان ( لان الأسقف كان غريبا عن المدينة) فعرفه الرؤساء و القدماء من القبائل بأن أقواله صحيحة.
فأخذه الأسقف ووعظه وعلمه الإيمان المستقيم وشرح له خبر تدبير الفداء الذي أتمُّه رب المجد يسوع وان خاصته من اليهود لم تقبله ولم تؤمن به وحدثه عن المعجزات والآيات التي كان الرب يسوع يعملها بسلطان لاهوته وعن ألامه وموته وقيامته مع أقوال كثيرة نافعة لخلاصه. فلما سمع القديس هذا الكلام امتلأ قلبه بالفرح اشتاق أن ينال نعمة الميلاد الفوقاني من الماء والروح القدس فى سر المعمودية المقدسة إلا أن الأسقف لم يستطيع ان يفعل هذا لسبب الخوف على القديس من اليهود عامة ومن اليهود من عشيرة القديس نفسه خاصة . فقد ابتهج سمعان بكلمة الوعظ والايمان التى سمعها من الانبا ايماناوس الاسقف الا انه حزن جدا لعدم نواله المعمودية المقدسة وبقى متحيرا حزينا لهذا الامر... ولكن هل يترك الرب طالبيه ؟؟ سنرى ما حدث بعد ذلك .
ظهور والدة الاله العذراء مريم له
وفيما كان القديس متفكرا ومهموما بسبب هذا الامر قام لوقته وذهب الى البيعة المقدسة وهناك نام ، نام من الحزن الشديد ، فالمزمور 119 يقول " من الحزن نعست نفسى " ..واثناء نومه ظهرت له كلية الطهر والقداسة والدة الاله القديسة مريم العذراء ...ظهرت بشكل بهى ..بشكل ملكة عليها عصابة من ذهب ومعها جماعة من الجند السماوى فضربته فى جنبه واقامته من النوم . فخاف خوفا عظيما من هذا المنظر وامتلأ من الحيرة .فقالت له: ما الذى اصابك ايها الشاب،واننى ارى هيئتك كأولاد العبرانيين ؟
اجاب القديس : انا ياسيدتى من جنس اسطفانوس رئيس الشمامسة الذى استشهد فى هذه المدينة . واننى اطلب باشتياق ان اكون فى ايمانه واصير عبدا للمسيح يسوع ومن اجل هذا اتيت الى هذا المكان التمس تعزية من السيد المسيح لكى يعطينى ان اكون مسيحيا .
فقالت له : لن تصير مسيحيا فى هذه المدينة ، وانا سوف ارسل رسولا الى الاسكندرية فقم وامض معه الى هناك عند ثاؤنا بابا الاسكندرية ليمنحك المعمودية المقدسة وتصير مسيحيا من يده ، وهاانا قد اعلمتك ماذا ينبغى ان تصنع.
فقام سمعان لوقته فرحا لسبب تلك الرؤيا ووقف امام المذبح وصلى قائلا " ايها الرب الاله ، الضابط الكل،الجالس على مركبة الشاروبيم وماسك الكل بابنه الحبيب يسوع المسيح مكمل كل شىء ومحييهم بروحه القدوس المساوى له ، الذى ارسل الكائن فى حضن ابيه كلمة الله الازلى الى العالم وجدد طبيعتنا دفعة اخرى بعد ان عشنا فى الخطية لاجل مخالفة ابينا ادم الاول ، وتجسد من الطاهرة العذراء مرتمريم ، التابوت الذى لايتغير ، اعدد طريقى انا عبدك لانال ختم المعمودية المقدسة كما هديت ابى يوسف الى مصر ودفعت له المملكة عوض العبودية الكائنة لى من قبل الناموس . الان يليق بك كل كرامة وكل موهبة تعطى من قبلك الى الابد امين ."
ولما انتهى من صلاته قبل المذبح وسار مع الملاك ، الذى كان فى شكل أمير بهى ( وهو لايعلم انه ملاك بل كان يظن انه مجرد رسول ذاهب الى الاسكندرية ) ومضى الى البحر قاصدا الاسكندرية ووجدا سفينة متجهة الى الاسكندرية وركباها واقلعا وكان الجو صحوا ولكن ارسل الرب ريحا فوصلا الى الاسكندرية بسرعة.
حينئذ ظهر الملاك السائر معه للبابا ثاؤنا وقال له " هوذا قربان عظيم أتيت به الى البيعة فاقبله اليك فانه اناء مختار ورجل الله وسوف يحتمل اتعابا كثيرة على اسم المسيح ." فقال البابا ثاؤنا للملاك : ما هى العلامة التى اعرفه بها؟ فأجابه الملاك قائلا " انه رجل جميل المنظر كامل فى شخصه أشقر العينين مثل موسى" ثم انصرف الملاك من عند الاب البطريرك.
وعندما رست السفينة الى الاسكندرية قال الملاك المرافق للقديس " ايها الشاب هذه هى مدينة الاسكندرية قم وسر الان فى طريقك " فاندهش الفتى ولم يكن يعرف الى اين يذهب لكونه غريبا ، فقال للملاك المصاحب له " يا سيدى اننى لم اتغرب قط ولا اعرف الى اين امضى فهل تعرف رجلا فى المدينة يمضى معى حيث يقيم الاب البطريرك كأوامر الملكة التى أمرتك بشأنى .." فقال له الملاك " هلم معى" وتبعه حتى وصلا الى قلاية الاب االبطريرك . فاعلما البواب انهما رجلان من اورشليم ويريدان مقابلة البابا البطريرك . فلما مثلا امامه نظر البابا - الناظر فى كل حين الى سرائر المسيح – الشاب ماشيا مع الملاك – الذى سبق وتراءى له من قبل- فقال " هذا اسرائيلى حقا لاغش فيه . فسأل الشاب باستغراب قائلا : أتعرفنى ؟ !
لانه خشى ان يكون البابا من اهل اورشليم . فرد ذاك الذى ينطق المسيح تبارك اسمه على فمه أى البابا ثاؤنا " من قبل ان ترى رؤيا السيدة العذراء مريم داخل الكنيسة وانت تتوسل وهذا الرسول يتبعك ، رايتك . ثم سأله : ما إسمك ؟ ومن أى جنس انت ؟ ولماذا اتيت الى هنا؟ فرد القديس قائلا :
" إسمى سمعان ، من اهل اورشليم بالجسد ، وانا من نسل القديس اسطفانوس رئيس الشمامسة باورشليم . ولقد اتيت من مدينتى اليك لكى اصير مسيحيا ، وانال صبغة المسيح من يديك الطاهرتين ومعى هذا الرجل البار التقى وهو الذى احضرنى اليك ايها الاب القديس" ولما انتهى من حديثه انصرف الملاك ، غير انه كان يصحبه فى كل حين .
فما كان من قداسة الاب البطريرك الا انه قبله لنبل مقصده ولوصية الملاك عنه ،و أعطاه مسكنا صغيرا خارج القلاية ، وكان بطرس الشماس يومئذ – فيما بعد اصبح البابا بطرس خاتم الشهداء – كإبن للبابا يطوب سمعان ويحسن له قبول الالام من اجل اسم السيد المسيح ، فكان يقبل الكلام كالارض العطشى الى الماء وكان يتوحد كعادته فى مسكنه ، ويدرس فى محفوظاته وما تعلمه منذ ان كان فى اورشليم.
وفى يوم الاحد نال سمعان المعمودية المقدسة بيد البابا الانبا ثاؤنا وأسماه " صرابامون" ومعناه " المولود فى ايمان ابائه" . وبعد نواله سر المعمودية المقدسة وتناوله من الاسرار المقدسة كان ينمو فى القامة الثابتة التى هى الميلاد الجديد وتجدد قلبه عند ذلك وصار يعلم ذاته وحده ويؤدبها بوصايا الانجيل واوجاع المسيح التى قبلها عنا جميعا.
وكان بطرس (2)الشماس يود القديس صرابامون كثيرا لانه كان يلاحظ نمو القديس وحكمته ووداعته واعتكافه وبشاشته وسعادة وجهه ، وكان يجتمع به كل ليلة ويمتحنه فى تفاسير الكتب المقدسة فكان القديس صرابامون يشرحها له باعلان.واحيانا كثيرة كان كُتّاب الاسفار الالهية يحضرون ويوضحوا له ما لزم توضيحه .فكان هذا الامر يزيد تعجب الشماس بطرس.
|