أبرز 100 شخصية قبطية كرست حياتها في خدمة مصر في مجالات عديدة

[ريمون أنيس]

سجل موسوعى فريد له التقدير والامتنان إذ يحوى بين دفتيه سيرة حياة 100 شخصية قبطية نبتت على أرض مصر وقدمت حياتها من أجل الوطن فى كل المجالات الأدبية والثقافية والعلمية والكنيسة، وكانت ومازالت شموعا على الدرب، وخلال أكثر من قرنين من الزمان تلهم الآخرين وتسهم فى بنيان الوطن والإنسان بأرفع قيم الإنسانية والمبادئ الحياتية»، هكذا وصف البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، كتاب «مائة شخصية قبطية على أرض مصر» للكاتب ماجد كامل، فى مقدمته التى تعتبر مميزة ونادرا أن يشارك بابا الكنيسة بمقدمات للكتب القبطية، والكتاب صادر عن مطبعة مدارس الأحد فى حوالى 500 صفحة بالحجم الكبير، وغلاف مميز بصورة مفتاح الحياة، بمراجعة فنية من القس باسيليوس صبحى ود. سينوت دلوار شنودة ود.رامى عطا.

ووجه البابا تواضروس الشكر إلى الكاتب والباحث ماجد كامل وقال: «جامع هذه السير المباركة والأحباء الذين راجعوا وأعدوا هذا العمل الكبير للنشر، ويسرنا فى بطريركية الأقباط الارثوذكس بالقاهرة أن نقوم بالنشر عرفنا بالجميل لكل هذه الأسماء التى أثرت حياتنا على مدى الأجيال».

وأكد ماجد كامل مؤلف الكتاب فى مقدمة كتابه أن شعوب العالم المتحضر اهتمت بتخليد تاريخها ورجالها العظماء وعلمائها من خلال من وثقوا لتلك الفترات، وهناك عدد كبير وثق لشخصيات مهمة مثل كتابات الكاتب الكبير عباس محمود العقاد عن «العبقريات ورجال عرفتهم» ولمعى المطيعى صاحب موسوعة «هؤلاء الرجال من مصر» وموسوعة «1000 شخصية من مصر» وغيرهم الكثير.

أما عن جهود الكنيسة القبطية فى هذا المجال ذكر الكاتب الجهد الذى بذله القديس يوليوس الأفقهصى فى كتابة سير الشهداء وكتاب تاريخ البطاركة للقديس ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونيين فى القرن العاشر الميلادى، وكتاب نوابغ الأقباط لتوفيق إسكاورس فى القرن التاسع عشر، وكتاب تاريخ البطاركة للأستاذ كامل صالح نخلة وكتب الدكتور مينا بديع عبد الملك سلسلة أقباط فى تاريخ مصر وسلسلة تراجم قبطية للكاتب الصحفى مسعد صادق وغيرهم الكثيرون.

ويقول مؤلف الكتاب: «أساهم بجهد متواضع من خلال هذا الكتاب بعرض سيرة وأعمال 100 شخصية قبطية من العصر الحديث منذ عهد أسرة محمد على حتى وقتنا الحاضر، ولقد حاولت قدر طاقتى التنوع فى اختيار الشخصيات فى كافة مجالات الحياة ما بين الطب والهندسة والعلوم والأدب وعلم النفس والتاريخ والفن التشكيلى والموسيقى وقضايا المرأة وعلوم القبطيات، كما راعيت أن تتضمن السير بعض الشخصيات النسائية التى لعبت دورا كبيرا ومؤثرا فى المجتمع المصرى».

ويتميز الكتاب بشخصيات قبطية متنوعة من أكثر من مجال وقد لم يسمع عنهم كتيرون، ويقسم الكاتب الشخصيات الـ100 حسب الترتيب الهجائى للحروف، وكنت أتمنى من وجهة نظرى أن يقسم فهرس الشخصيات حسب المجالات أو التاريخ، بالإضافة لكتابة بعض السير بشكل يقارب كتابة السير الذاتية على ويكيبيديا دون حكايات مؤثرة، وربما كما نعرف جميعا لقلة المعلومات عن تلك الشخصيات العظيمة التى لم يكتب عنها أحد من قبل وهو مجهود يحسب للكاتب.

يبدأ الكتاب وبحسب ترتيب الحروف بشخصية آدم حنين وهو أحد رواد فن النحت فى مصر (1929 -2020) ويليه شخصية إدوارد الخراط (1926 – 2015) الأديب المصرى الكبير الذى اشتهر وسط كبار الأدباء المصريين، ورؤوف حبيب (1902- 1979) عالم المصريات والقبطيات والمدير الأسبق للمتحف القبطى وله أكثر من 18 مؤلفا أهمها دليل المتحف القبطى والعائلة المقدسة فى مصر ودير سانت كاترين وتاريخ حصن بابليون فى مصر وغيرها.

كما يشير المؤلف إلى واحدة من رائدات الحركة النسائية المصرية هى استر فهمى ويصا (1895- 1990) إحدى قيادات الحركة النسائية المصرية فى العصر الحديث، حيث كان لها دور قيادى ومؤثر خلال ثورة 1919 وما بعدها، والمؤرخة الكنسية الكبيرة إيريس حبيب المصرى (1910-1994) صاحبه موسوعة «قصة الكنيسة المصرية» التى يرجع إليها جميع الباحثين ورجال الكنيسة. ويذكر الكاتب أنه تتلمذ على يدها خلال فترة دراسته بقسم اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية سنة 1987 وتمنى أن تتولى أى جهة جمع مقالتها المجهولة والمتناثرة فى العديد من الدوريات، ‏ونظيرة نقولا (1902-1992) صاحبة أول موسوعة باللغة العربية فى فنون الطهى واشتهرت بلقب أبلة نظيرة ولعبت دورا كبيرا فى البيت المصرى واعتمد عليها معظم ربات البيوت.

ومن الشخصيات الرائدة فى أحياء الفن المعاصر إيزاك فانوس ( 1919 - 2007 )، ويروى سيرة عالم العمارة المصرية القديمة إسكندر بدوى (1913-1986) الذى يعتبر واحدا من أهم علماء الآثار المصرية خصوصا فى مجال العمارة المصرية القديمة، ومرقس باشا سميكة (1864-1944) مؤسس المتحف الذى جمع كل التحف والآثار القبطية فى مكان واحد.

‏ومن بين أشهر الصحفيين الأقباط ذكر الكاتب الصحفى أنطون سيدهم (1915-1995) مؤسس جريدة وطنى، الذى أخذ على عاتقه الملف القبطى بالعديد من المقالات ودخل فى صراع مباشر مع الرئيس الراحل أنور السادات، وذكر من بين الصحفيين الأقباط الذين لعبوا دورا كبيرا ومؤثرا فى خدمة قضايا الوطن والأقباط مسعد صادق (1916-2000) وله عدد كبير من المقالات نشرت فى جريدة وطنى وجريدة الفداء، كما ذكر أبرز الكتاب والمفكرين سلامة موسى (1887-1958) فهو يمثل أهمية كبيرة فى تاريخ الفكر المصرى، وأنيس عبيد (1909-1988) رائد ترجمة الأفلام الأجنبية المكتوبة على الشاشات.

ومن أبطال حرب أكتوبر ذكر الكاتب صاحب فكرة استخدام ضغط المياه لإحداث الصغيرات فى الساتر الترابى القائم أمام خط بارليف الذى كان يمثل عقبة كبيرة للجيش المصرى فى كيفية اختراقه، وهو الضابط المهندس العبقرى باقى زكى يوسف (1931-2018)، والذى كرم اسمه الرئيس عبد الفتاح السيسى سنة 2018 وأطلق اسمه على نفق التسعين بالقاهرة الجديدة، ‏والفريق فؤاد عزيز غالى الذى كان له دور كبير فى تحرير القنطرة شرق ورفع العلم المصرى عليها.

وضم الكتاب سيرة أول مصرى يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالى (1922-2016) الذى يعد واحدا من أشهر السياسيين الذين لعبوا دورا كبيرا ومؤثرا فى السياسة الخارجية المصرية، كما ذكر بطرس غالى الجد (1846-1910) الذى يعتبر واحدا من أهم وأشهر الشخصيات الوطنية التى كان لها دور كبير ومؤثر فى تاريخ مصر فى رئاسة وزراء مصر خلال الفترة من 1908 حتى 1910، و‏من المفكرين البارزين فى الدفاع عن حق مصر فى قضاء طابا المؤرخ الكبير الدكتور يونان لبيب رزق (1933-2008)، ولويس عوض (1914-1990) الذى أثرى الحياة الثقافية المصرية بالعديد من الكتب والمراجع القيمة وهو أيضا المفكر والباحث الجرىء الذى تميز بالكثير من الآراء الحرة والجريئة.

(نقلاً عن المصري اليوم)