رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِنْ وَصِيَّةِ شَفَتَيْهِ لَمْ أَبْرَحْ. أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَتِي ذَخَرْتُ كَلاَمَ فَمِهِ [12]. يعلن أيوب أنه لم يتراجع إلى الوراء عن الوصية الإلهية الصادرة عن الفم الإلهي، بل يتقدم إلى الأمام بمقتضاها، ويسعى دومًا نحو الغرض. لقد تمسك بالوصية حاسبًا إياها أفضل من طعامه الضروري، إذ لا يقدر أن يعيش بدونها، فهي طعام نفسه وشرابها. يتطلع أيوب إلى الوصية الإلهية بكونها صادرة عن شفتي الله، وأنها كلام فمه، فهي ليست أوامر يلتزم بها لكي توجه سلوكه فحسب، لكنها عطية عذبة وثمينة تصدر من فم ذاك المحب! لهذا لا تمثل ثقلًا يود أن يهرب منه، إنما في عذوبة لا يبرح عنها، وفي شوق يدخرها في أعماقه. وكما يقول المرتل: "بطريق شهاداتك فرحت كما على كل الغنى. بوصاياك ألهج وألاحظ سبلك. بفرائضك أتلذذ لا أنسى كلامك... شريعة فمك خير لي من ألوف ذهب وفضة... كم أحببت شريعتك اليوم كله هي لهجي. سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي. ورثت شهاداتك إلى الدهر لأنها هي بهجة قلبي. يغني لساني بأقوالك، لأن كل وصاياك عدل" (مز 119: 14-16، 72، 97، 105، 111، 172) *إن كان أيوب قد وضع لنفسه فريضة وهي أن يسلك كما يليق به كإنسانٍ، لكن ما هو أثمن من هذه الفريضة الوصية الإلهية، بكونها كنزه الذي يقتنيه ويحرص عليه، ويحفظه في قلبه. "أخفي كلمات فمه في حضن قلبي". فإننا نخفي الكلمات في حضن قلوبنا عندما نسمع وصاياه، لا بطريقٍ عابرٍ، بل نتممها عمليًا. مكتوب عن الأم العذراء نفسها: "كانت مريم تحفظ كل هذه الأمور متفكرة بها في قلبها" (لو 19:2). البابا غريغوريوس (الكبير) العلامة أوريجينوس القديس أغسطينوس |
|