رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدّيس بَتابيوس البار لا نعرف تماماً متى عاش القدّيس بَتابيوس. بعض الدارسين يجعل رقاده في القرن السابع الميلادي. ولد في صعيد مصر لعائلة تقية. أحسّ ببطلان العالم بقوة منذ نعومة أظفاره فمال عن الحياة الدنيا إلى الحياة الرهبانية الملائكية. خرج إلى الصحراء لا يدري كيف يتدبر ولا ماذا يعمل ولا إلى أين يتجه. شوقه أخرجه إليها كما أخرج الكثيرين من قبله. وهج النور الإلهي الساكن في مقتحمي البرّية الأبرار، في تلك الأيّام، جذب الكثيرين إليها. وإذ ألقى بَتابيوس بنفسه في أحضان الصحراء ظنّ، بكل بساطة، أنه إنما يلقي بنفسه، بالإيمان، في أحضان الله الحي. ولم يخيبه ربه، لأن من قال: "كل من يأتي إليّ لا أطرحه خارجاً"، و "لا أهملك ولا أتركك"، تلقّف عبده برحمته ورعاه بحنانه، فنما بَتابيوس في النعمة والقامة وتكمّل في الهدوء وكل فضيلة وماثل المعلم في الوداعة وتواضع القلب، فمّن عليه المعلم بمواهب جمّة حتى صار منارة لكثيرين ومشفى لأدواء العديدين. وسطع نور الرب في عبده فاهتدى إليه الناس وصاروا يتدفّقون عليه. وخشي بَتابيوس، من كثرة المقبلين إليه، أن يخسر سيرة الهدوء والصلاة المستمرة ففكر بالانتقال إلى مكان آخر لا يدري بأمره فيه أحد. ولكن، إلى أين؟ إلى عمق الصحراء؟ كلا، بل إلى عمق المدينة وصحراء الغربة فيها، إلى المدينة المتملكة، القسطنطينية! هذا ما أوحت به إليه عناية ربّه فانتقل إلى موضع قريب من كنيسة السيدة في ناحية بلاشيرن المعروفة في قلب القسطنطينية. نعِم قدّيسنا بالهدوء في "برّية القسطنطينية" ردحاً من الزمان. قسى على نفسه فيها أكثر من ذي قبل. عاد لا يبالي بالكلية لا بطعام ولا بلباس. صار كملاك في الجسد. وقد تقدّم في صلاة القلب إلى حد أنه تمكّن، بنعمة الله، من الارتقاء إلى السموات ومعاينة القوّات العلوية تمجّد الله على الدوام. |
|