راحة الضمير
قد يقبل الإنسان تعب جسده من أجل راحة ضميره، أو راحة روحه.
كالشهداء مثلا والمعترفين، الذين تحملوا عذابات كثيرة احتملها الجسد، من أجل راحة ضمائرهم بالثبات في الإيمان.
مثال آخر ما احتمله القديس يوحنا المعمدان من سجن. وأخيرا قطع رأسه، لكي يشهد للحق، ويقول للملك المخطئ (لا يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك) مر 6: 18) ومثال آخر ما احتمله القديس أثناسيوس الرسولي من نفى وتشريد ومن أجل الدفاع عن الإيمان ضد الأريوسيين. كذلك ما أحتمله يوسف الصديق من سجن في سبيل راحة ضميره العفيف، وقوله (كيف أفعل هذا الشر العظيم، وأخطئ إلى الله) (تك 38: 9).
كذلك ما يحمله الرعاة من تعب في الجسد.
لكي يريحوا الشعب من جهة، ولكي تستريح ضمائرهم من جهة أدائهم لواجبهم الرعوي.
وينطبق على هذا أيضا كل من يسلك في أسلوب البذل والعطاء والأمانة في العمل.. يتعب جسديا، لكي يستريح ضميره، وتستريح روحه في أداء الواجب. إنه لا يبحث عن راحته الشخصية، إنما عن راحة غيره
أيضا طالب العلم الذي يتعب، فيريح ضميره من جهة مستقبله. ويكون مبتهجا بتعبه، لأنه أراح نفسه. وبنفس الوضع كل الذين يجاهدون، في تعب وكد، من أجل هدف كبير يسعون إليه. وكما قال الشاعر:
إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد
حتى في الجهاد الروحي أيضًا:
لابد أن يتعب الإنسان، ويجاهد الجهاد الحسن، ليريح ضميره الروحي، ولكي تستريح روحه في الله – وقد قال الرسول موبخًا (لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية) (عب 12: 4).
وهناك من يتعب جسده، وفي نفس الوقت يتعب روحه.
فلا هو أدرك سماء، ولا أرضا. كالذي يتعب أعصابه بالغضب، ويتعب صحته بالتدخين وبالخطايا الشبابية..
وبينما الإنسان الروحي يتعب من أجل البر، يتعب الخاطئ تعبا باطلا.. ومن هذا التعب الباطل، تعب الشياطين في إغراء البشر.