|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نصيحتها بأن الاتضاع وعدم التهاون يحمى من السقوط "وهذا الحديث يتحقق بالاتضاع وعدم التعالي. ولكي ينجو أحد من السقوط فعليه أن يرجع ويتوب ويئن من أجل الخلاص. وأرى أنك مثابرة من نفسك، لأن التزامك بمخافة الله مضاعفة، والتي لا تجعلك ترجعين إلى ما هو قديم، ولا تحتقرين العدو الذي يسعى لجر قدميك إلى الماضي. لأن عدونا يجر وراءه شياطين كثيرة، وينظر إلى النفس الكسولة لكي يفوز بها ويسقطها في حفرة، وقد يرتئي بها لكي تكون متحمسة وجادة في تحمل ألم النسك، وفجأة يدفعها بقوة نحو الضعف الخفي، الذي هو الكبرياء، وبهذه الطريقة يهلك حياة الرجال أنفسهم، وذلك هو سلاحه الأخير المؤذى على رؤوس الكل. فالعدو ينبذ البشر الأقوياء الذين يسعون إلى الطهارة والنقاء، فيأتي بحروب شديدة وعنيفة بعد أن يخسر قفزاته المفاجئة الأضعف، وفى ذلك الحين يصرخ بتوعد بالقتال مصوبًا ما كل سيوفه القوية على النفوس. إبليس بعد خسارته الأولى في صيد النفس، ساعتها يستعمل سيفه الأخير، ألا وهو الكبرياء والغرور. هي فخاخه الأولى؟ واضح أنها الشراهة، ومحبة اللذة، والزنا. وهذه الأرواح الشريرة تصيب الذين هم في سن الشباب. ويتبع هذه الضعفات محبة المال والجشع والبخل. والنفس المجاهدة حينما تتعرض لهذه الآلام فإنها تقهرها وتسيطر عليها وتتحكم في شهوة البطن وتهرب منها بالقداسة، واحتقار المال، وحينئذ تقطع كل ميل للشر وإثارة ما هو خفي في النفس ومنافي للأخلاق. إن مقاومة إبليس وهجومه العنيف ضد الأخوات غير لائق، قاسى ومميت هذا العدو المهلك. ومرات كثيرة يجتمعون معًا ليطرحوا النفس في الظلمة، وإثارته للزنا في النفس يسبب الموت، وفهم حركاته مجهولة من الكثيرين. لكن بالصوم نتفوق عليه، وبزيادة الفضائل برجولة نواجه كثرة أعداده.وما أخطأ به أحد تجاه البعض فليتحمل الإهمال، ويتغاضى عن الترفع على الآخرين. والذي يخضع للسرقة يخطئ بالفكر، ولا يستفيد من عمله هذا، وأيضًا لا يقوى على قول "لك وحدك أخطأت" (مز 51: 4)، و"ارحمني" (مز 51: 1)، ولا تتاح له الفرصة ليقول: "أعترف لك يا رب بكل قلبي" (مز 9: 1)، بل كأنه يقول: "أصعد إلى السموات أرفع كرسي" (أش 14: 13)، وهذه الحركات تقوده إلى المتكأ الأول، وما زال يطلب نعمة الشفاء. لذلك النفس التي تعيش بترف تفسد وتخسر وتهلك وجرحها صعب شفاؤه. 50- ماذا يجب أن نعمل مع هذه الأفكار الآن؟ يجب أن نسعى باستمرار ونهتم ونحن في العالم بالسماويات. الطوباوي داود صرخ قائلًا: "أما أنا فدودة لا إنسان" (مز 22: 6)، وفى مكان آخر يقول: "أنا أيضًا من الطين تقرصت" (أى 33: 6). وبالحقيقة استمعي إلى كلام أشعياء الذي قال: "كثوب عدة كل أعمال برنا" (أش 64: 6). وإذا تسللت هذه الأفكار إليك في وحدتك، فانضمي إلى حياة الشركة مع الأخوات، والتزمي بالطعام اليومي مرة ثانية، واخضعي للتدريبات السامية حتى تتخلصي من آلام الشهوة هذه، واقبلي التوبيخ واللوم المتزايد جدًا من الأخوات الذين في نفس عمرك، واشتركي في كل العبادات الكنسية، وبذلك لن تتعرضين للعظمة إطلاقًا. واجعلي قصص حياة القديسين المميزة جدًا قريبة منك، واشتركي في آلامهم الكثيرة من خلال النسك في أيام العمر القصيرة، وتفكري في عظمة الفضائل التي تعتقدين أنك تحتاجين إليها. 51- ومن تتغلب على مرض الكبرياء هذا بعمل شرير آخر، فإن هذا يعتبر معصية، لأن ذلك ضد الطاعة والخضوع، وبذلك تتضاءل قوة النفس وتزداد في القذارة، لأنه قال أن الطاعة تتطلب: "أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (رو 12: 1). 52- ويجب أن نتطهر من أي حائل يمنعنا من السمو في حينه. ويجب أن نسبح ونتعجب أيضًا في الوقت المحدد، لأنه إذا وجد الكسل والتهاون طريقه إلى النفس، فإنه حقًا يفقدها الحس تجاه أي نمو نحو الصلاح والخير. ومن هي التي تنسجم مع تلك التسابيح، وإذا عملت قليلًا من أجل أي شيء صالح ومفيد، تتعجب وتعتبره عملًا عظيمًا، من أجل مخافة الله التي تملأها. والإفراط في أمور فوق مستوى البشر يعتبر من الخطايا أيضًا، وليس أقل من خطايا اللسان. لأن إبليس يتوق أن يتغذى بالكل، ويحاول أن يخفى الخطايا السالفة عن النشطاء والمجتهدين، لأنه يتمنى أن يزداد الكبرياء فيهم، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما النفوس السامية فهي تعمل شيء آخر، وذلك بأن تجعل خطاياها أمام عينيها دائمًا. لأنه من يطرح نفسه في الزنا ويتوقع العفو في المستقبل! والعدو قد يحتال عليك بطريقة أخرى، ويقول لك فرصة خلاصك مستحيلة، وقد يواسى النفوس المترنحة، وبمثل هذه الأشياء يتكلم مع النفوس المترددة. راحاب التي كانت زانية ولكنها داخليًا كانت مملوءة بالإيمان، وبولس الذي كان مضطهدًا للكنيسة قد صار مختارًا، ومتى الذي كان عشارًا دعى رسولًا، واللص السارق الذي صلب مع المسيح صار أول الذين دخلوا من باب الفردوس. لا شيء يمنع النعمة عن أي إنسان أخطأ بجهل، وبالنظر إلى كل هؤلاء فإنه من الواضح أنه لا ينبغي على النفس قطع الرجاء عن ذاتها. 53- ولذلك يجب أن نهيئ الوسيلة لمثل هذه النفوس، ويجب أن نعمل على شفاء الذين يقعون في الكبرياء. ويجب أن أؤكد على شيء، وهو ما الذي يحفظ الغرائز الطبيعية فينا بلا ثورة؟ عدم أكل اللحم، وآخرون يرون ولا أكل السمك أيضًا، وعدم شرب الخمر، والاستمرار في ذلك، وآخرين لا يأكلون بالزيت إطلاقًا. وبينما يصوم البعض إلى المساء، فإن آخرون يظلوا صائمين يومين أو ثلاثة. وأيضًا البعض لا يهتمون بالاستحمام كثيرًا، وكثيرين لا يستخدمون هذه الأشياء حتى في آلامهم الجسدية. وتندهشين في داخلك لأن البعض ينامون في خندق عميق، أو على سرير من الشعر، وآخرون ينامون باستمرار على الأرض. وإذا فعلوا هذا لا يتعاظمون إطلاقًا، لأن البعض يسمو فوق كل هذه الأشياء وينامون على الحجر حتى لا يعطوا فرصة لأهواء الغرائز أن تتحرك، وآخرون يعلقون أنفسهم بالسقف طول الليل، وهم يقومون بأعمال النسك هذه طوال حياتهم، ولا يفكرون في العظمة والارتفاع لأن الأرواح الشريرة تكثر عليهم عندما يقومون بمثل هذه الأعمال. فهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يحضرون في الولائم، ولا ينامون، ويرحلون إلى أماكن موحشة، ويسكنون في مغارات، ولا يقيمون اعتبار لكل هذه الأعمال الكثيرة. 54- وهكذا استطاعوا الشفاء من مثل هذه الأفكار. وتخلوا عن الكلام بكبرياء واستعاضوا عن ذلك بقبول المعاناة والألم. وبهذه الطريقة أطفأوا نار الغريزة المميتة وازدادوا حرارة في الروح. وهكذا بقوة عظيمة استطاعوا أن يمنعوا الخطية في الليل باختيارهم بعمل نسكيات شديدة بكثرة، وتخلصوا من الإهمال بالعمل الصالح. وعندما تنطفئ الغرائز فينا فإن الروح القدس يدفعنا إلى الأمور السماوية. لأن النسك المتزايد يبطل الكبرياء بحزم، مثلما يكسر السيف الحجر، وينقطع الحديد بسندان الحداد. وكلما اقتربت النفس من الانضباط والاحتماء بالنسك إلى أقصى حد، فإن حرارة الكبرياء تتوارى في مكان مظلم، لأن ختان النفس بالروحيات الكثيرة يجعل البراعم الصغيرة (في الروح) تنمو بقوة. 55- ولكي يكف الواحد عن الخطأ فعليه أن يغصب نفسه ويسبق برفع أفكاره إلى السماويات، أما النفس البعيدة جدًا تجد نفسها ساقطة على الأرض. وكما أن الذين يحرثون الأرض يجدوا طعامهم، وإن الذين يلاحظون النبتة الصغيرة ويروونها بالماء بوفرة ويرعونها دائمًا يكونون مستحقين النمو والازدياد. والذين يلاحظون النبتة الصغيرة مبكرًا، فإنهم ينقون أنفسهم روحيًا بوفرة مسبقًا، لأن الإقبال على الاستعداد مسبقًا بطيب خاطر يجعل الحصاد ينمو وينضج. وكما أن بعض أطباء الأطفال المرضى يطعمونهم كثيرًا حتى يقدروا على السير، فإن البعض الآخر يبقونهم بلا طعام لكي يحمونهم. 56- وواضح أن الأناس الأشرار الذين لهم مكانة عالية يقعون في الكبرياء، ولكنهم يتظاهرون بالاتضاع، لأنه صعب على بعض أصحاب الأملاك أن يسلكوا بالاتضاع، لأنهم إذا لم يكونوا في مجد من الخارج فلن يتمكنوا من الاحتفاظ بالثروة. والتي تسلك بالاتضاع، وتتحلى بكل الفضائل، ولا تظهر لعدو الخير ما هي فيه، فهي إنسانة عظيمة. وبفهمها الراسخ تتسربل بالنصيحة التي قالها لنا الرسول بخصوص هذه الأمور: "تسربلوا بالتواضع لأن الله يقاوم المستكبرين. أما المتواضعين فيعطيهم نعمة" (1بط 5: 5). وإذا حرصت على التعلم والصوم والرحمة فإنها تنال الفهم وتكون منضبطة، وأيضًا يساعدها ذلك لكي لا ينكسر جدار بيتها. فارتبطي بالفضائل، كل الفضائل الملائمة، وذلك يتحقق بالاتضاع. وانظروا للثلاثة فتية القديسين وهم يسبحون في وسط الأتون، ولنحتفظ في الذاكرة بكل فضائل القديسين الآخرين، ولنحصى لهم التسابيح التي قدموها باتضاع، وممارستهم لضبط النفس في الأكل، وعدم الغضب في أماكن الاجتماع. وكما أنه من المستحيل أن تبنى السفينة بمسامير ضعيفة، فإنه من المستحيل الخلاص بدون اتضاع. 57- لأن الرب المخلص الذي عمل الصلاح للبشر بتدبير إلهي كامل قد تسربل بالتواضع، لأنه قال: "تعلموا منى لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29) هل نفهم كلامه ونتعلم منه جيدًا!! اجعلي اتضاع الصالحين أمامك. الحديث عن الاتضاع يعطى بصيرة وفهم، ليس في السلوك فقط بل من داخل الإنسان أيضًا، فلا يتكلم بألغاز لأن السلوك الذي في الخارج يتبع ما في الداخل. وأيضًا إذا عملت كل وصايا الرب وخضوعك لأوامره من البداية، فلا تنخدعي بالكبرياء، لأنه قال: "إذا فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون" (لو 17: 10). 58- إن الاتضاع الكامل يكون عن طريق قبول الإهانات والتوبيخ، وقبول الآلام والمحن حتى لو استمعت لها من جاهل أو أحمق، فقير أو معدم، ضعيف ولا يعتد به. بواسطة هذه الأشياء ينشط الاتضاع. سمع المسيح الإهانات وتحمل الآلام عن الكل، فالسامريون قالوا له بك شيطان (مت 12: 34)، وهو حمل صورة عبد، وضرب على وجهه (مت 26: 76)، وتحمل جراحات قاسية. 59- فيجب علينا أن نتذكر ما فعله السيد المسيح فقد فعله باتضاعه. أما الذين يعتنون بالشكل الخارجي ويتظاهرون بالاتضاع فهم منافقون، ومتمسكون بالمجد الخارجي، ويمكن أن تعرفونهم من ثمارهم (مت 12: 33). لأنهم متكبرون ووقحون بزيادة، وغير صابرين، وكلامهم فيه سم الأفاعي". |
|