رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في سيناء قديماً صعد موسى الجبل المدخّن بالنار والضباب، وبقي وسط الغمام اﻹلهي مصلياً ومتحدثاً معك، أيها المسيح ودون أن يراك، إذ أجبته حين طلب رؤيتك بقولك: ﻻ أحد يرى وجهي ويعيش , إذ لم تكن متجسداً بعد. أمّا اليوم في تجليك فقد رآك، وخاطبك وجهاً لوجه، مستعلناً له ولنا ﻻ بنار بل بنور. في سيناء سمع موسى صوتك حين كلمته، ولم يعرفك ككلمة الله، فاستلم لوحي الوصايا المكتوبين بإصبع اﻵب (الروح القدس)، فعرفك بعدها أنّك الكلمة الأزلية التي تسكن ﻻ في قلوب حجرية بل بقلوب لحمية متروحنة. وحين نزل موسى من الجبل، كان وجهه ممجداً مستنيراً من نورك اﻹلهي. وكما حققت رغبة نبيّك الغيور إيليا، واستجبت لصلاته أيضاً بنار أَكَلَتْ المحرقة والحطب والماء، كذلك استعلنت له اﻵن في ثابور، ﻻ بنار بل بنور، بنورك الذي ﻻ يُدنى منه، فزال الشك من قلوب تلاميذك، بأنّك قد تكون أنت موسى أو ايليا، أو أحد اﻷنبياء حين رأوك معهم. من ذاك الوقت عرفنا أن ﻻ مجد بدون صعود (ارتفاع عن كل ما يربطنا باﻷرض باطلاً)، وﻻ حياة بدون جهد وتعب وفضائل, (السمك الميت وحده يسبح مع التيار، ﻻ يقاوم). اخترت ليكون معك، فقط ثلاثة من تلاميذك اﻷطهار (بطرس ويعقوب ويوحنا)، وكأنّك تقول حسنة هي الفضائل كلّها، لكن أعظمهن هي الإيمان -إيمان بطرس, والرجاء -رجاء يعقوب, والمحبة -محبة يوحنا، فإن كان لديّ كلّ اﻹيمان، وكلّ الرجاء، ولم أصل إلى المحبّة الكاملة، فإيماني لن يفيدني، ولن يخلصني. لذلك نحن بحاجة لإيمان عامل بالمحبة، ومن ثبت في المحبة، ثبت في الله، والله فيه، فيتجلى. ففي التجلي تستنير طبيعتنا المخلوقة، بالنور اﻹلهي غير المخلوق، وهذا ما وعد به الرب أحبائه أن يصيروا إليه اﻷبرار إذ يضيؤون كالشمس في ملكوت أبيهم. فقد كانت القلوب آنذاك صلبة, كصخور سيناء, بحاجة للنار لتتطهّر وتلين، وتصير قابلة ﻷن تزرع فيها كلمتك، وتنميها بنور روحك القدوس كحاجة النبات لنور الشمس. هذه هي النار التي جاء المسيح ليلقيها على اﻷرض، نار الروح القدس ليلهب قلوب البشر بالمحبة، ويصيروا كلّهم نور، يشهدون بأعمالهم أنّهم أبناء النور الحقيقي يسوع. بركة المسيح المتجلي ﻷجلنا فلتكن معكم دائماً.. للارشمندريت باييسيوس سابا |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كل عيد التجلي وانتم طيبين يسوع المسيح تجلي علي طور تابور |
ما هو حدث التجلي الإلهي ولماذا تحتفل الكنيسة بهذا العيد؟ |
التجلي الإلهي |
جبل التجلي اوجبل الطور او طابور او تابور |
جبل التجلى تابور |