رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«يَسْمَعُهَا الْحَكِيمُ فَيَزْدَادُ عِلْماً» (أمثال5:1). الفرق الجوهري بين الرجل الحكيم والرجل الجاهل في سفر الأمثال هو أن الحكيم يسمع بينما الجاهل لا يسمع. إذاً ليست المشكلة في المقدرة العقلية عند الجاهل، فقد يتمتع في الواقع بقدرة فكرية غير عادية، لكن مشكلته أنه لا يمكنك أن تقول له شيئاً، فهو يعمل من خلال أوهامه القاتلة بأن لا حدود لمعرفته وأحكامه لا تُخطئ، فإذا حاول أصدقاؤه إسداء نصيحة ما، يُقابَلون بالإزدراء لما بذلوه من جُهد، يراقبونه وهو يحاول التخلّص من النتائج الحتمّية التي تسببها الخطيئة والأعمال الغبية، لكنّهم عاجزون عن تجنّب الواقعة. وهكذا يمضي من أزمة إلى أخرى، وتصبح أحواله المالية كارثيّة وحياته الخاصة محطمة، وتتداعى أعماله إلى حافة الفوضى، لكنه يعلل كل ذلك بأن الحياة تسبب له المتاعب، ولا يدرك أنه هو أكبر عدو لذاته. إنه كريمٌ في تقديم النصح للآخرين، لكنه يغفل عن عدم قدرته على إدارة حياته، ويفرض ثرثرته ويتباهى بثقته بنفسه وبوحيه الذاتي. أما الحكيم فإنسانٌ مصنوع من طينة أفضل، يعرف أن مقدرة الجميع قد تآذت بسبب السقوط، ويعرف أن الآخرين يرون ناحية من المشكلة يكون هو قد أغفلها، ومستعد للإعتراف بأن ذاكرته قد تخونه أحياناً، إنه مُهيؤٌ للتعليم، يرحّب بكل مساعدة لإتخاذ القرار السليم، وفي الواقع فهو يطلب مشورة الآخرين لأنه يعلم أن «الْخَلاَصُ فَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ» (أمثال14:11). وهو كسائر البشر، يقترف الأخطاء أحياناً، لكنه يملك فضيلة التعلُّم من أخطائه ويجعل من كل هفوة خشبة يقفز بواسطتها إلى النجاح، ويكون شكوراً للتوبيخ الذي يستحقّه ومستعد أن يقول «متأسف لقد أخطأت». يخضع الأولاد الحكماء لتأديب والديهم، أما الجهّال فيتمرّدون. يُطيع الشباب الحكيم قواعد السلوك الكتابيّة في ما يتعلّق بالطهارة الأخلاقيّة، أما الجهّال فلا يلتفتون. هكذا يحكم البالغون الحكماء على الأمور إن كان فيها مَسَرَّة الرّب، أمّا الجهّال فيسلكون فيما يرضي أنفسهم. وهكذا يتقدّم الحكيم في الحكمة بينما يعلَق الجُهّال متمرغين في نزوات غبائِهم. |
|