رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طوبيت 14 - تفسير سفر طوبيا
ثبت تاريخي وصايا طوبيا الأخيرة خاتمة ثبت تاريخي: نجد في هذا الإصحاح ثبتًا تاريخيًا عن حياة طوبيا وابنه. فمهما كانت سنو حياة الإنسان لابد له أن يتركها وترجع روحه لمن خلقه (جا 7:12). لأنها لا تجد راحة أو شبعًا إلا فيه وبه، وإن كانت تعترض حياتنا على الأرض بعض التجارب فهي تختلف في قوتها وطول مدتها والوقت الذي تحدث فيه من إنسان إلى آخر فقد تكون عنيفة جدًا ولكنها لا تستغرق إلا وقتًا وجيزًا كما حدث في حياة أبينا إبراهيم أب الآباء عندما طلب منه الله أن يقدم ابنه وحيده حبيبه الذي تحبه نفسه محرقة على الجبل الذي يريه إياه (تك 22: 1، 2). أو تستغرق زمانًا قد تطول مدته مثلما حدث مع موسى - عندما هرب من فرعون بسبب قتله لأحد المصريين الذي كان يضرب رجلًا عبرانيًا - فظل أربعين سنة متغربًا عن أهله وعشيرته في أرض سيناء (خر 15:2 واع 7: 29،28)، وأيضًا تختلف في وقت حدوثها من إنسان إلى آخر ففي حياة يوسف الصديق نجده يتعرض للتجربة وهو شاب لا يتجاوز عمره عشرين عامًا، بينما أيوب البار كان رجلًا متزوجًا ولديه من الأولاد سبعة رجال وثلاث بنات. وقد يُجّرَب الإنسان بأكثر من تجربة في زمن حياته. وقد تكون معًا أو تفصل بينهما مدة من الزمن بين الواحدة والأخرى. وعندما تنتهي التجربة ويتزكى الإنسان أمام الله لا يرى أنها كانت للحزن بل للفرح (عب 11:12)، وهذا هو ما عبرت عنه سارة بقولها: "لأنك لا تسر بهلاكنا فتلقى السكينة بعد العاصفة وبعد البكاء والنحيب تفيض التهلل (طو 22:3)". هذا ما أكده السيد المسيح له المجد في قوله لتلاميذه عن ذلك: "أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح، المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح لأنه قد ولد إنسان في العالم (يو 16: 21،20)". وهذا هو ما حدث مع طوبيا حيث قيل عنه: "وقضى بقية حياته مسرورًا (طو 4:14). وقيل أيضًا عن أيوب: "وبارك الله آخرة أيوب أكثر من أولاده... ثم مات أيوب شيخًا وشبعان الأيام (أي 42: 12، 17). وصايا طوبيا الأخيرة: وكما أعطى طوبيا لإبنه وصايا لكي يحيا بها (طو 4: 1- إلخ) فهو لم يَنْسى أن يعطي لأبناء ابنه - أيْ حفدته - وصايا أيضًا لكي تسندهم في أيام غربتهم على الأرض. فأول وصية ينبههم إليها هي الطاعة والخضوع في الرب (أف 1:6) لأبيهم (طو 10:14)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى.وهو ما أوصى به سليمان كل شاب أيضًا قائلًا له: "أسمع لأبيك الذي ولدك ولا تحتقر أمك إذا شاخت (ام 22:23)". وقد يتبادر إلى الذهن لماذا أطيع وأخضع لوالديّ؟! فيجيب سليمان الحكيم على ذلك قائلًا: "لأنهما أكليل نعمة لرأسك وقلائد لعنقك (أم 9:1)". أما يشوع بن سيراخ فيقول: "من أكرم أباه سر بأولاده وفي يوم صلاته يستجاب له من احترم أباه طالت أيامه... فإن بركة الأب توطد بيوت البنين ولعنة الأم تقلع أساسها (سير 3: 6-11)"، ويقول في موضع آخر: "أكرم أباك بكل قلبك ولا تنسى مخاض أمك أذكر أنك بها كونت فماذا تجزيهما مكافأة عما جعلا لك (سير 7: 30،29)"، والقديس بولس الرسول يؤكد ذلك فيقول: "أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق. أكرم أباك وأمك التي هي اول وصية بوعد. لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض (تث 16،5، أف 6: 1-3)". وكان الناموس يعاقب من لا يسمع لأبيه أو أمه ويكون معاندًا لهما ولا يقبل التأديب بأن يمسكانه ويأتيان به إلى شيوخ المدينة ويقولان لهم: "أبننا هذا معاند لا يسمع لقولنا وهو مسرف وسكير"، فبالتالي يحكمون عليه بالرجم ويرجمونه حتى الموت لكي ينزع الشر من بني إسرائيل، ولكي يكون سبب تأدب وعبرة لغيره من إسرائيل (تث 21: 18-21). لهذا يقول سليمان الحكيم: "العين المستهزئة بأبيها والمحتقرة إطاعة أمها تقورها غربان الوادي وتأكلها فراخ النسر (أم 17:30)". وهذا ما أكده القديس بولس الرسول حينما قال عن بعض الخطايا ومن بينها عدم الطاعة للوالدين: "إن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت... لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وأثمهم (رو 1: 30-32)". فيا ليتنا نسمع لوالدينا ولا نعتبرهم من وجهة نظرنا انهم "دقة قديمة" أو أفكارهم رجعية ولا تناسب العصر، أو نتأثر ببعض الأقران نتيجة قولهم لنا "بتاع ماما" ولكن لننظر إلى السيد المسيح الذي قيل عنه أنه كان خاضعًا لهما - أي لوالديه-. فالذي يخضع الكل له ارتضى أن يخضع ليوسف البار والشيخ لأنه في حكم أبيه في نظر الناس وللقديسة العذراء مريم لأنه اتخذ منها جسدًا - أي لأنها أمه. ولا يكتفي طوبيا أن يوصى حفدته ولكنه يمتد بوصيته إلى أبنائهم أيضًا قائلًا لهم: "وأوصوا بنيكم بعمل العدل والصدقات وأن يذكروا الله ويباركوه كل حين بالحق وبكل طاقتهم (طو 11:14)". فطوبيا الذي ذاق ثمر الصدقة في حياته. وأكد له الملاك على أهميتها يشدد على أبنائه لكي يمارسوها في حياتهم ويعلموا بنيهم ممارستها أيضًا. ولا ينسى أن يركز على علاقتهم المباشرة مع الله من خلال حياة التسبيح والشكر في كل حين وبكل طاقتهم. فهنا ينبههم إلى الوصية القائلة: "فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك (تث 6: 5، مت 22: 38)". وهذه الوصية هي التي عاش بها يوشيا الملك حيث قيل عنه: "ولم يكن قَبْلَهُ ملك مثله قد رجع إلى الرب بكل قلبه وكل نفسه وكل قوته حسب كل الشريعة وبعده لم يقم - أيْ إلى وقت كتابة سفر الملوك الثاني - مثله - أي مثل يوشيا الملك (2 مل 25:23)". ونجد طوبيا يؤكد على خراب نينوى ورجائهم الارتحال منها قائلًا لهم: "أسمعوا لي يا بَنِيَّ لا تقيموا ههنا بل أي يوم دفنتم فيه والدتكم معي في قبر واحد ففي ذلك اليوم وجهوا خطواتك للخروج من هذا الموضع فأني أرى أن أثمه سيهلكه (طو 14: 13،12)". والمقصود بوالدتكم هنا هي جدتهم حنة وليست أمهم سارة، لأنه من عادة اليهود لا يستعملون لفظ جد أو جدة ويستعيضون عنها بلفظ أبينا أو أمنا أو آبائنا... وهكذا ولذلك لا نجد هذه الألفاظ في الكتاب المقدس (جد أو أجدادي أو جدة) بأستثناء الترجمات التفسيرية - سوى مرتين وفي العهد الجديد حينما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس - الذي كان أباه يونانيًا (أع 1:16)-: "إني أشكر الله الذي أعبده من أجدادي بضمير طاهر كما أذكرك بلا انقطاع في طلباتي ليلًا ونهارًا مشتاقًا أن أراك ذاكرًا دموعك لكي أمتلئ فرحًا إذ أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن أولًا في جدتك لوئيس وأمك أفنيكي ولكني موقن أنه فيك أيضًا (2 تي 1: 3-5)". خاتمة: ونجد أن طوبيا الابن أطاع كلام أبيه من حيث دفن والدته بجانبه (طو 14:14)" مثل الآباء الأولين وأرتحل عن نينوى ذاهبًا إلى حموية وعاش معهما حتى تنيّحا بشيخوخة صالحة وكان يهتم بهما ودفنهما جنبًا إلى جنب وأخذ كل ميراثهما. ولأنه نَفَّذَ وصية أكرم أباك وأمك نجده يأخذ وعدها - أي بركتها - من جهة طول أيام حياته على الأرض وهو له كل خير. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
طوبيت 12 - تفسير سفر طوبيا |
طوبيت 5 - تفسير سفر طوبيا |
طوبيت 4 - تفسير سفر طوبيا |
طوبيت 3 - تفسير سفر طوبيا |
طوبيت 2 - تفسير سفر طوبيا |