نحن اليوم قد أتينا من أماكن متفرقة لنحتفل بالذكرى للمتنيح البابا كيرلس السادس ، هذا الرجل الذى أعطى نفسه أن يكون نموذجا وأمثولة لحياة الإنسان الذى يحيا لا للأرض وإنما للسماء . رجل وهب كل حياته بكل ما فى هذه الكلمة من معنى ، لم يبق لنفسه شيئا ، ولم يبق لأحد شيئا ، إنما كله قربان وكله بخور طاهر عطر، عَطَّرَ الأرض بسيرته النقية الطاهرة وصلواته النافعة المقبولة، وعطَّر أجواء السماء أيضا ودخل إلى الأخدار السمائية هناك عابدا طاهرا نقيا جميلا مُجملا بالفضائل . نحن الذين اجتمعنا فى هذه المناسبة نريد أن نراجع ذواتنا ونريد أن نتخذ من حياة هذا الرجل نموذجا لحياتنا ، لنعرف كيف تكون الحياة الطاهرة ؟ كيف تكون الحياة المحرقة ، كيف تكون الذبيحة ، ذبيحة الروح والنفس والجسد ، كيف تكون السيرة ، سيرة السائرين فى طريق السماء الذين لا يألون على شيء على الأرض ولا يبتغون شيئا من الدنيا ولا يريدون أن يكنزوا على الأرض كنوزا ، حيث يعيش السوس والصدأ، وإنما إنسان ينظر للحياة نظرة أبدية . لا يتعلق بأمر من أمور الحياة الدنيا إنما كل فكره وكل قلبه ، كل إحساسه وشعوره ، كل عواطفه متجهة نحو السماء .