|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آسا والظروف السيئة التي أحاطت به لا نستطيع أن نقدر مدى ما في حياة الإنسان من قوة أو ضعف، من شجاعة أو جبن، من بطولة أو إسفاف، قبل أن ندرك الظروف المحيطة به، ومدى ما معه أو عليه من رصيد أو إفلاس،.. ولا حاجة إلى القول بأن آسا الملك قد تفتحت عيناه على ظروف من أسوأ ما يمكن أن تكون الظروف، فأبوه أبيام وجده رحبعام كانا ملكين آثمين شريرين، أوغلا في الشر والخطية، وطبعا المملكة بأشر طابع، وجدته -وهي بهذا المعنى سميت أمه- معكة ابنة أبشالوم، وهي التي جاء وصفها في سفر أخبار الأيام الثاني: "وأحب رحبعام معكة بنت أبشالوم أكثر من جميع نسائه وسراريه، لأنه اتخذ ثماني عشرة امرأة وستين سرية"... وقد كانت بهذا المعنى المرأة القوية الأثر الطاغية النفوذ، الوثنية الحياة، والتي عملت تمثالاً لسارية، لتتعبد أمامه،.. كانت المرتفعات والسواري الوثنية قد ملأت كل مكان!! وإذا دخلت العبادة الوثنية، فلابد أن يلحق بها كل أنواع الفساد والشرور، وقد انتشرت الدعارة، وبلغت الأمة أحط الدركات: "لذلك أسلمهم الله إلى أهواء الهوان، لأن إناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة وكذلك الذكور أيضاً تاركين استعمال الأنثى الطبيعي، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض فاعلين الفحشاء ذكوراً بذكور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق"... ولا ينبغي أن ننسى أن هذا النوع من الفساد يطلق عليه "السدومية" لما هو معروف بأن الخطية التي اشتهرت في سدوم، قبل أن يحرقها الله،... وتفتحت عيناً آسا ليرى بلده وقد أصبح سدوم وعمورة من هذا القبيل. ولم يكن آسا غبياً عن أن يدرك أن الخراب الذي وصلت إليه البلاد، قد جاء نتيجة الشر الذي انغمست فيه، ولعله دخل الهيكل مرات متعددة، ليمتلئ أسى وألما، وهو يرى كيف تبدلت الأواني والأتراس الذهبية بأوان وأتراس نحاسية، لأن رحبعام عملها بعد أن أستولى شيشيق على أورشليم، وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، ولم يترك شيئاً ثميناً لم يأخذه!!.. لقد ولد آسا على كوم من الرماد والخراب الذي شمل كل شيء في أرض يهوذا!!... وما أكثر الذين يولدون كآسا في أتعس الظروف وأشدها، وهم غير مسئولين عنها، ولكنهم مع ذلك، فإن واجبهم الحتمي لا أن يتجاهلوها أو يهربوا منها،... بل لأبد أن يروا فيه النقطة التي منها يبدءون ويعملون!!... |
|