منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 11 - 2022, 02:57 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

إن ما يشد أنظارنا في خلق الإنسان


إن ما يشد أنظارنا في خلق الإنسان قوله: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" [26]، مؤكدًا: "فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه" [27]. الأمر الذي لم نسمع عنه قط في خليقة أخرى، إذ أوجد النفس تحمل صورة الثالوث القدوس، وتتسم بالتمثل بالله...
قبل أن أقدم تعليقات آباء الكنيسة الأولى في هذا الشأن أود أن أشير باختصار إلى الفلسفات الإلحادية المعاصرة لنرى أنها تقوم عن عدم إدراك لحقيقة العلاقة التي تربط الله بالإنسان، وعدم فهم خلق الإنسان على صورة الله.

نحن نعلم أن الإلحاد المعاصر هو رفض الله أكثر منه إنكارًا لوجوده، فالملحدون المعاصرون لا ينكرون وجود الله لكنهم يتجاهلون وجوده، أو بمعنى أدق يريدون التحرر منه لأنه في نظرهم يستعبد الإنسان ويفقده إنسانيته.

لذلك قال الملحد الألماني هنري هين: [فلنترك السماء للملائكة والعصافير]،

وقال الشاعر الفرنسي بريفير: [أبانا الذي في السماوات، أبق فيها]. وجاء ماركس بإلحاده فتتلمذ جزئيًا على كلمات الفيلسوف فووباخ (1804-1872)

القائل: [أن نقطة التحول الكبرى في التاريخ ستكون اللحظة التي سيعني فيها الإنسان أن الإله الوحيد هو الإنسان نفسه Homo homini deus]. هكذا أراد فووباخ أن يكون الإنسان إلهًا لذاته، ليس من كبير يكتم أنفاسه، وجاء ماركس ينكر وجود الله لا لشيء إلاَّ ليؤكد وجود الإنسان. هكذا رأى ماركس خطأ أن الدين هو "تغرب عن الإنسان" بالهروب إلى ما يسمى "إله". والآن لا أريد مناقشة هذه الأفكار هنا وإنما يمكن الرجوع للبحث الشيق العلمي الذي كتبه الأستاذ كوستي بندللي، وإنما ما أريد توضيحه أن ما أثار هؤلاء الفلاسفة الملحدين هو عدم إدراكهم لتقدير الله للإنسان. فالله ليس عدو الحرية الإنسانية كما كرر الماركسيون، ولا يقوم وجوده على عجز الإنسان وذله، إنما خلق الإنسان على صورته ليقبل خالقه صديقًا له، يتجاوب معه لا على مستوى المذلة والضعف وإنما على مستوى الحرية والحب والصداقة، وسنرى في دراستنا للكتاب المقدس ككل أن الخط السائر فيه هو إقامة الإنسان على صورة الله ومثاله ليكون وارثًا لله ووارثًا مع المسيح، شريكًا معه في المجد الأبدي. نرى الله يجري وراء الإنسان ليضمه إليه لا ليحطمه، ويرفعه إلى ما فوق الحياة الزمنية. حتى بعد السقوط نسمع السيد المسيح كلمة الله يقول: "لا أعود اسميكم عبيدًا لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده، لكني سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يو 15: 15).
وجود الله لا يقوم على إهدار حياة الإنسان وكرامته، إنما ننزل الله إلينا لكي يرفعنا إليه، وقد جاء اللاهوت الشرقي في القرون الأولى ملخصًا في العبارة المشهورة التي كررها كثير من الآباء وإن كان بأسلوب مختلف: [صار الله إنسانًا، لكي يصير الإنسان إلهًا]. إن ما يحمله الملحدون المعاصرون من شوق نحو الألوهية إنما هو عطش داخلي نحو الأبدية يقوم خلال الصورة التي تمتع بها الإنسان دون سائر الخليقة الأرضية.
وكما يقول كوستي بندللي: [أماني الإنسان اللامحدودة هي في الإنسان صورة الله غير المحدود الذي يدعوه إلى مشاركته حياته].
لقد ظن ماركس أن يقيم من نفسه إلهًا لنفسه بإنكاره وجود الله، ولم يدرك أن ما في داخله من شوق نحو الألوهية إنما هو ثمرة خلقه على صورة الله وإن كانت قد انحرفت في اتجاهاتها. وقد واجه ماركس "مشكلة الموت" في عجز لذا حاول عدم التعرض لها في إنتاجه الضخم إلاَّ مرة واحدة، بسبب ارتباكه أمام الموت وإدراكه أنه عندئذ يفقد ألوهيته التي أقامها لنفسه. وظهر ذلك في قوله: [إن موت ولدي آلمني كثيرًا حتى أنني لا أزال أشعر بمرارة فقده كما في اليوم الأول].

هنا يتحطم كل رجاء له، ويفقد معني الحياة، لذلك بدأ الماركسيون يثيرون في مؤتمراتهم مشكلة "معني الحياة والموت" إذ يقفون في حالة ارتباك.
إن كان الملحدون المعاصرون يظنون في تحطيم العلاقة مع الله إقامة للكيان الإنساني، فإننا نقول أن اتحادنا مع الله الذي خلقنا على صورته ومثاله، ومات لينجينا ويهبنا شركة طبيعته والتمتع بأمجاده فوق حدود الزمان والمكان. إننا نحمل صورته وكأننا عملته الخاصة التي لا يغتصبها آخر بل تنجذب إليه لتوجد الصورة مع الأصل، وكما قال السيد: "أعطِ ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت 22: 21). إذ نحمل صورته نشتاق أن نرجع إليه وننعم بأحضانه.

فيما يلي بعض تعليقات للآباء عن خلق الإنسان على صورة الله ومثاله:
* لاحظ كيف يوجد في خلق الإنسان أمر سام جدًا لا نجده في خلق آخر، فخلق الله الإنسان على صورته ومثاله، الأمر الذي لا نجده في خلق السماء أو الأرض أو الشمس أو القمر.
* الذي صُنع على صورة الله هو إنساننا الداخلي غير المنظور، غير الجسدي، غير المائت ولا فانٍ. بهذه السمات الحقيقية تتصف صورة الله وبها تُعرف .
العلامة أوريجينوس
* إني أقصد ما قاله الرب عندما رأى عملة قيصر: "أعطِ ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت 22: 12)، كأنه يقول: كما يطلب قيصر منكم ختم صورته هكذا يطلب الله، فترد العملة لقيصر وتُرد النفس لله مستنيرة ومختومة بنور ملامحه.
* لقد طبعت ملامحك علينا! لقد أوجدتنا على صورتك ومثالك! لقد جعلتنا عملتك، لكن لا يليق بصورتك أن تبقي في الظلام. أرسل شعاع حكمتك لتبدد ظلمتنا فتشرق صورتك فينا .
* لا تبحث كيف ترد له المكافأة... ردّ له صورته، فهو لا يطلب شيئًا غير هذا. إنه يطلب عملته... لا تعطه مكافأة من عندك، فالله لا يطلب ما هو لك، فإنك إذ تعطيه ما لديك إنما تقدم الخطية.
القديس أغسطينوس
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
علِّمنا أن نوجِّه أنظارنا نحوك
أن نوجه أنظارنا ورجائنا إلى الله
نرفع أنظارنا إلى السماء،
نثبّت أنظارنا في المسيح
أنظارنا ليك


الساعة الآن 09:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024