مدينتان صارختان
إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ ليِتغَطَّ بِمسُوُحٍ النَّاسُ وَالبْهَاَئِمُ.
وَيصَرْخُوا إلىَ الله بشدة ( تك 18: 20 ؛ يون 3: 8)
نقرأ في الكتاب المقدس عن مدينتين صارختين كلٌ في زمانها، وإن كان الباعث مختلف للصراخ في الحالتين، إلا أنه وصل إلى أذني ربنا المعبود، فكان التجاوب الإلهي تجاههما مختلف في الحالتين:
أولاً: صراخ سدوم
نقرأ عن سدوم في رداءتها وشرها: «إن صراخ سدوم وعمورة قد كثُر، وخطيتهم قد عَظُمت جدًا، أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليَّ، وإلاَّ فأعلم» ( تك 18: 21 ،20). إنها صرخات المجون والفجور، صرخات الانغماس في الشر والتلذذ بالإثم. يا له من شعب رديء لا يعتبر لله أدنى اعتبار، ولا يقيم لجلالته وزنًا، إذ كان كل يوم يحمل بين طياته المزيد من التهور والتردي، الانحطاط الأخلاقي والفساد الأدبي. ولقد وضح فساد قلبهم الرديء في محاولتهم فعل الشر بالملاكين المُرسلين للوط. فما كان نتيجة ذلك سوى العقاب الشديد والعذاب الرهيب، كما قال الملاكان للوط: «لأننا مُهلكان هذا المكان، إذ قد عَظُمَ صراخهم أمام الرب، فأرسلنا الرب لنُهلكه» ( تك 19: 13 )، ثم نقرأ بعد ذلك الكلمات الرهيبة: «فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتًا ونارًا من عند الرب من السماء. وقلَبَ تلك المُدن، وكل الدائرة، وجميع سكان المُدن، ونبات الأرض» ( تك 19: 25 ،24).
ثانيًا: صراخ نينوى
هذه المرة نحن أمام مدينة أُممية عظيمة فيها إثتتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم، هي مدينة نينوى التي أرسل إليها الرب يونان النبي؛ لينادي لها برسالة تحذيرية. ولاَقت رسالته تجاوبًا كبيرًا لدى نينوى بشعبها وملكها، صغيرها وكبيرها، رجالها ونساءها، فأثمرت ندمًا شديدًا وتوبة حقيقية «ونُوديَ وقيلَ في نينوى عن أمر الملك.. قائلاً.. وليتَغَطَّ بمسُوح الناس ..، ويصرخوا إلى الله بشدة، ويرجعوا كل واحدٍ عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم، لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حُمُو غضبهِ فلا نهلك» ( يون 3: 7 -9). إذًا هي صرخات التوبة والندم، التذلل والانكسار. لذا ما كان ممكنًا إلا أن يتعامل الرب معهم بالرحمة والمغفرة:«نَدِم الله على الشر الذي تكلَّم أن يصنعه بهم، فلم يصنعه».
عزيزي القارئ أدعوك أن لا تكون صرخاتك كصرخات سدوم تُعبِّر عن الإثم والفجور، بل ليتك ما تتخذ موقف أهل نينوى بالتوبة والرجوع الحقيقي للرب.
عادل حبيب