الطفل يوشيا ملك على يهوذا
كَانَ يُوشِيَّا ابْنَ ثَمَانِ سِنِينٍ حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ إِحْدَى وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ يَدْيَدَةُ بِنْتُ عَدَايَةَ مِنْ بُصْقَةَ.
كلمة "يوشيا" بالعبرية معناها "يهوه يشفي" أو "الرب يعين"، وذلك مثل كلمة "كورش" (إش 44: 28؛ 45: 1).
إذ استلم الحُكْمَ وهو طفل، لم يتأثر بوالده آمون ولا بجدِّه منسى، إنما انفتحت عيناه على أخطائهما، وأعطاه الله نعمة كي يتعلَّم من أخطائهما. انطبق عليه قول الرب لحزقيال النبي: "وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب. أما الابن فقد فعل حقًا وعدلاً حفظ جميع فرائضي وعمل بها، فحياة يحيا" (حز 18: 19).
يمكن القول إن هذا الملك العجيب صار مثلاً رائعًا إذ لم يتشامخ بالرغم من استلامه السلطة وهو طفل صغير، ولعل سرّ ذلك أنه كان خاضعًا لمشورة القلة القليلة المقدَّسة للرب، يسمع لهم في الرب، ويتجاوب معهم. كان في أيدي مشيرين صالحين، ربما كان من بينهم صفنيا النبي.
إنه أحد الملوك الصالحين إن لم يكن أفضل ملك في إسرائيل ويهوذا منذ تنيح داود الملك. لقد بدأ بداية حسنة، واستمر فيها، وانتهت حياته وهو مُقَدَّس للرب[1].
إذ تحدث القديس أغناطيوس الأنطاكي عن ضرورة تكريم الأسقف الشاب، قدَّم أمثلة كثيرة لشخصيات صغيرة السن تستحق كل وقارٍ وتكريمٍ، فكتب:
["ليس الكثيرو الأيام حكماء، ولا الشيوخ يفهمون الحق، ولكن في الناس روحًا" (أي 32: 8-9). فإن دانيال الحكيم وهو في الثانية عشرة من عمره ملكه الروح الإلهي، وأفحم الشيوخ، الذين باطلاً كان شعرهم فيه شيب، فكانوا شهود زور وشهوانيين يشتهون جمال امرأة الغير (تتمة دانيال12).
وصموئيل وهو طفل صغير وبَّخ عالي الذي بلغ التسعين من عمره، لأنه كرم بنيه أكثر من الله (1 صم 3: 1).
بنفس الطريقة تسلم إرميا رسالته من الله: "لا تقل إني ولد" (إر 1: 7).
سليمان أيضًا ويوشيا هما مثالان لنفس الأمر. الأول صار ملكًا في الثانية عشرة من عمره، قدَّم حكمًا رهيبًا في أمر المرأتين بخصوص طفليهما (1 مل 3: 16)، والأخير إذ تولى العرش عندما بلغ الثامنة (2 مل 22، 23) هدم مذابح (الأوثان) وهياكلها...
لذلك صغر السن لا يُحتقَر، إذ كُرِّس لله. إنما من كان ذهنه شريرًا، فهو مُحتقَر حتى إن كان شيخًا ومملوء أيامًا.
كان تيموثاوس حامل المسيح شابًا، لكن اسمع ما كتبه عنه معلمه: "لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرف" (1 تي 4: 12). ]