"فهمني فأتعلم وصاياك" [73].
* "فهمني فأتعلم وصاياك" [73]... عندما علم مخلصنا تلاميذه قال في البشارة بحسب القديس متى الآنجيلي: "كل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجلٍ عاقلٍ" مت 24:7. إذن هل يمكن العمل بهذه الوصايا دون أن أفهمها؟!
العلامة أوريجينوس
يقول أبوليناريوس: [عن هذا الإدراك يقول بولس الرسول أيضًا: "افهم ما أقول، فليعطك الرب فهمًا في كل شيء" 2تي 7:2. هذه الطلبة موجهة إلى الخالق، وهي طلبة منطقية، تعني: تعهد خليقتك، كمِّل الكائن المفكر وهبه التعقل والإدراك والفهم. ذاك الذي أعددته ليحيا في حبك، اجعله يعيش في حبك بمعرفته إرادتك، لأنه منذ البدء احتاج الآنسان إلى التعلم...]
يقول القديس أغسطينوس أنه يمكنه أن يقدم لشعبه ما يستمعون إليه من كلمات، أما الفهم فهو عطية إلهية. يقدم الكلمات للآذان، أما الله فيقدم الفهم للقلوب.
* يتحقق الاستماع بواسطتي، لكن من يقدم الفهم؟
إني أتحدث مع الأذن لكي تستمع، لكن من يتحدث مع قلبك للفهم؟
بلاشك يوجد من ينطق بشيء من الحق يدخل قلبك، فلا يقف الأمر عند ضجيج الكلمات التي تضرب أذنك، بل يوجد شيء من الحق يدخل قلبك. يوجد من يتحدث مع قلبك وأنت لا تراه.
إن كان لكم فهم يا إخوة فالحديث موجه إلى القلب. الفهم هو عطية القلب.
إن كان لكم فهم، من ينطق بهذا في قلوبكم إلا ذاك الذي يُوجه إليه المزمور: "فهمني فأتعلم وصاياك"1؟
القديس أغسطينوس