الراهب الذى ربطوا رجليه ليصير بطريركا
تعالوا نعرف سيرة قديس من آبائنا البطاركة
الراهب الذى ربطوا رجليه ليصير بطريركا .
الذى صلى فأمطرت السماء بسبب صلاته بعد انقطاع لثلاث سنوات .
الذى خرج لوحده ليواجه القتل دفاعا عن شعبه و خاف منه العرب
الذى سلم نفسه للوالى و تم سجنه فى عهد الخليفة المنتصر بيد الوالى يزيد بن عبدلله خوفا على أولاده .
انه القديس«البابا الأنبا شنودة الأول البطريرك ال55 »
بعد نياحة الأنبا قزمان حدث اختلاف بين الأساقفة عن من يخلفه و اتفقوا على تقديم الأب شنودة الذي من البتانون قرية الثلاثين ربوه ، و ترهبن في دير أبو مقار و قد كان هذا البابا عالما تقيًا و رسم بطريركًا في ( 13 طوبة سنة 575 ش. الموافق 8 يناير سنة 859 م )
حضر الراهب شنودة الى مصر فى أول طوبه و كانت جموع الأقباط قد علمت بوصوله الى مدينه مصر فتزاحم الأقباط داخل و خارج كنيسه أبي سرجة و كانوا قد بدأوا فى صلاه القداس الإلهى .
فحدث ان الراهب شنودة حضر و هو لم يعلم حقيقة إستدعائه و دخل فجأه أثناء تلاوة صلاه القداس الإلهى و كان القس قد وصل الى عباره ( هو مستحق و عادل ) فتهلل الجمع وصاحوا بصوت عظيم مستحق مستحق مستحق و إرتجت الكنيسه و صاحت الجموع بأكثر من السابق مستحق بالحقيقه وثبوا عليه و مسكوه و قيدوا رجليه بالحديد فصرخ و بكى و قال لهم: " ما هذا الذى تفعلوه أمام الله ؟ أنتم تظنون أنني مستحق هذه الرتبه لا تفكروا أنني مستحق هذه الدرجة "
و يقول ابن المقفع ج2 ص12 ( وكان الله إختاره وأراد أن يقدمه راعيا لهذه الأمه الضعيفه)
و في عهد الخليفة المنتصر تولى مصر يزيد بن عبد الله ، و كان هذا الوالي قاسيا فأمر البابا شنودة أن يدفع له خمسة آلاف دينار و أن يدفع هذا المبلغ سنويا . فذهب البابا إلى أحد الأديرة البعيدة ، و صار الوالي ينهب الكنائس و يسلب الكهنة ، و سمع البطريرك بعذاب الكهنة و الشعب ، فسلَّم نفسه للوالي و طلب منه أن يدفع سبعة آلاف دينار منها أربعة آلاف خراج الكنائس مدة سنتين و ثلاثة آلاف خراج للرهبان سنة واحدة!
ذهب البابا شنودة الى أديرة وادى هبيب ( وادى النطرون ) ليقضى فتره صوم الأربعين المقدسه كما هى عاده الآباء ال بطاركه ، فأشار عليه الأقباط ان لا يذهب الى هناك لإن عرب الصعيد بدأوا يهاجموا القرى فقال البابا : إن لم أذهب الى البريه المقدسة فعلت مسرة الشيطان فالشعب ستبرد محبته لله بسببى و لن يتباركوا من القديسين ، فإستعان بالله و توجه الى أديرة وادى النطرون .
و كانت من عاده العرب الإجتماع فى وقت ما فوصل عرب الصعيد ولم يشعر بهم أحد وإنضموا الى عرب الشمال و هاجموا دير أبو مقار و الحصون و نهبوا جميع ما فيها من المتاع و الطعام و غير ذلك من أول برموده ونهبوا الشعب الذى اتى ليقضى العيد هناك و أخرجوهم بالسلاح و إجتمع الأساقفه و الرهبان و سألوه ألا يخرجوا حتى لا يقتلوا بأيدى العربان .
و سمع البابا هذا الكلام وعرف انه خديعة و فخ من الشيطان و علم بالروح أن الشيطان جمع الناس و أقلقهم لإنه يريد خراب البريه و هجره الآباء منها حتى لا يكون فيها من يردد إسم الله فقال بقوه قلب : « الرب يضربك ايها الشيطان ويرزل مؤمراتك التى فعلتها » و كان الآباء يسألوه ان يخرجوا من الحصن و يتركوا الدير و لكنه قال لهم: إغفروا لى يآبائى إننى لن أفارق هذا المكان حتى يتم الفصح .
و وقف العرب على الصخره التى فى شرق الدير ، و كانوا مثل قطاع الطرق هذه الأيام فكانو يلزمون الناس بأن يعطوهم ثيابهم و إذا رفضوا فإنهم يجرحونهم بالسيف و كان هذا يوم الخميس من جمعه الفصح و من نفذ من الحصار فإنه يدخل باكيا مضطربا و يقولوا يأبانا أعيننا فقد قوى علينا هؤلاء العربان قطاع الطرق .
فلما رأى البابا قلق شعبه إحتدت روحه فيه فنهض و أخذ عكازه فى يده الذى عليه علامه الصليب و خرج الى العرب ليلا و قال الأصلح ان اموت مع شعب الله أو إذا رأونى يمتنع شرهم و يخلص منهم الشعب فلما رأى الأساقفه حسن نيه البابا و طيبة قلبه وأنه يريد ان يضع نفسه لإجل أحباءه مسكوه و منعوه من الخروج و قالوا لا ندع تسلم نفسك الى هؤلاء القتله و لكنه طمأنهم و ذكرهم بالصلاه لإجله ، و خرج الى العرب فلما رأوه رجعوا الى الوراء و إختفوا و لم يظهروا فى ذلك اليوم .
و سمع الأرخن اصطفن سويرس و كان رجلا مشهورا فذهب الى الدير و قال للبابا : أنا أسلم نفسي عنك و عن الشعب ، فطلب البابا من الشعب الذهاب الى الكنيسة فى يوم الأحد ليناولهم من السرائر المقدسة ليلا قبل الصباح فحضر جميع الشعب القداس و الأساقفه و الرهبان ، وبدا القداس و بينما كان يطوف بالبخور حول الهيكل كانت عيناه تفيضان بالدموع و كان الرهبان يبكون بحرقه فنظر الله الى زلهم ثم صرف الشعب و خرج وهو يعزيهم وكانوا يباركون الله و تعجبوا من قوه قلبه و جسارته و ليس معه أى سلاح فنجا كل من فى البريه من العرب .
ذهب البابا شنودة الى كنيسة مار مينا بمريوط يوم 15 من هاتور و بينما كانوا سائرين فى الطريق الى الدير هو و بعض الشمامسه و الأراخنه و كان هذا فى اليوم 13 من هاتور تجمع شعب القبطى فى المنطقة لإنهم لم يجدوا ماء لإنه م يسقط مطر طوال الثلاث سنوات الماضيه و جفت الآبار ، و حزن البابا حزنا عظيما و ذهب الكنيسة و طلب إليه كل من كان ذهب ليعيد عيد مارمينا بمريوط قائلين : نرجوك يأبانا ان تدعوا الى الله ان يترائف علينا لكى لا نموت نحن و أولادنا وبهايمنا عطشا ، فكان يقول لهم : انا أؤمن أن الله سوف يرينا رحمته سريعا وبصلوات شهيده ، و لما أكمل القداس فى 15 هاتور و ناول الشعب من السرائر المقدسه سأل الرب من قلبه و فكره ان يذكر شعبه المحتاج إليه فى هذه المنطقه و يرضى قلوبهم بالماء ، وحدث انه إجتمع بالناس قرب مغيب الشمس فى نفس اليوم و كانوا يأكلون معا ( تسمى مائده أغابى ومعناها مائده محبه ) بدأت السماء تمطر مطرا خفيفا ثم أصبحت السماء مظلمه من كثره الغيوم ثم رفع البابا يديه الى السماء بمسره روحانيه وقال : ياربى يسوع إلهى الغنى برأفته إن كنت تريد أن ترحم شعبك فإرحمهم و ليمتلؤا من مسرتك و بركتك . و دخل الى مخدعه ليستريح و ينام و قبل ان يعطى لعينيه مكانا للنوم صلى صلاه النوم كعادته و سأل الله ان يذكر شعبه ، فلما تم صلاته حدث رعد عظيم من السماء و هطل مطر غزير لدرجه انه كان يجرى على الأرض مثل الأنهار الجاريه فى الصحراء وإستمر لليوم التالى فأتى الى الدير كل الموجودين بالمنطقه و الذين لم يحضروا العيد فرحين و هللوا له قائلين : مباركه الساعة التي أتيت فيها إلينا لإن الله انقذنا بصلواتك الطاهرة إليه ، و إمتلأت الآبار الفارغة و رويت الأراضي و الكروم و قيل ان المطر كفاهم ثلاث سنين أخرى .
أما المعجزه الأخرى التى حدثت فى نفس اليوم فقد حدثت ان البابا نمى الى علمه ان كاهنا من قسوس ( ليس راهبا ) كنيسه الشهيد مار مينا ظلم إمراه ارمله كان لها قطعه أرض بجوار أرضه مزروعه بالكروم ( العنب ) فاخذ منها الأرض عنوه و ضمها الى ارضه فطلب منه البابا ان يعيد الأرض الى الأرملة الفقيرة فرفض فحرمه البابا من مزاوله رتبه الكهنوت ، و حدث انه لما نزل المطر غزيرا على كل أرض المنطقه ورواها إلا أرض هذا الكاهن المغتصب أرض الأرملة الفقيرة .
و أقام على الكرسي البطريركي مدة 21 سنة و3 أشهر و11 يومًا و عاش مدة رياسته في المرقسية و المحلة الكبرى. وهو آخِر من سكن الإسكندرية من الباباوات و تنيَّح بسلام في 24 برمودة سنة 596 ش. الموافق 19 أبريل سنة 880 م. ودفن بالمرقسية
وعاصر من الحكام المتوكل و المنتصر و المستعين و أحمد بن طولون في خلافة المعتز و المهدي و المعتمد.
بركة هذا القديس العظيم فى البطاركة البابا شنودة الأول تكون مع الجميع