إن تأملنا مريم فهمنا ما هي البتولية المسيحية. لقد أدركت عمق حب الله للإنسان فتحول هذا الحب في قلبها إلى حب الإنسان لله. ولقد فهمت يوماً بعد يوم وعلى نور الكتاب المقدس أن أعظم الحب هو في تكريس ذاتها لله تكرساً تاماً، نفساً وجسداً. هذه هي البتولية: تكريس النفس والجسد لله، أي تسليمها له كلياً ونهائياً. ويفترض هذا التكريس جرأة قوية إذ أنه شيء جديد وثورة على الماضي. لقد كانت المرأة فيما مضى تجد في الأمومة السبيل الوحيد لخدمة الله. أما العذراء فقد شعرت بأن هناك أمومة روحية تعبر بواسطتها عن حبها العظيم للرب، فكانت بتوليتها ثمرة هذه المحبة السامية. فالبتولية ليست تهرباً من مسؤوليات الحياة أو تخلصاً من شرور العالم. إنما هي التعبير الأكمل عن حب الإنسان لربه. والحب الحقيقي يمتاز بالعطاء والتضحية.