|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قشّة كبريت أحرقت غابات، وكلمة شريرة أماتت نفوس، وجريمة واحدة أشعلت حرباً عالمية أودت بالملايين. فمن أين أتى هذا الدمار؟ أليس من شهوة الإنسان؟, "مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ ". ألم يشته آدم وحواء اﻷلوهة ليصيرا آلهة, بمعزل عن اﻹله؟ فحصلت السقطة. وإلى اﻵن نسمع بأسماء آلهة كاذبة ومن صنع شهوة اﻹنسان نفسه آلهة الحب والخصب والجمال والنصر والقوة والحرب. فبقي تحت سطوة شهواته (آلهته)، فملكت هي عليه، وصار واحداً معها، لبسها وعاش فيها، منقاداً إليها، ﻷنّ العبادة توحّد العابد والمعبود معاً، فانتهى معها ﻷنّنا:"ننتهي حيث نشتهي" أي حيث يكون كنزنا يكون قلبنا، والعكس صحيح. فالعبادة عشق. فإن لم نعرف اﻹله الحقيقي ونعبده (نحبّه) فإنّنا سنعبد آلهتنا الخاصة أهواءنا وشهواتنا. فسبق الرب ونبهنا أنّنا ﻻ نستطيع أن نعبد ربّين. والنهاية معروفة لكلا الطريقين. وضع فينا الإله الصالح شهوات صالحة ومقدسة, كوننا مخلوقين على صورته، هذه التي توحدنا ببعضنا البعض إن عشنا بصدق ومحبّة. لكن للأسف دخلت الأنانية المميتة الجحيمية، وشوّهت كلّ شيء. وأفسدت شهواتنا وحرّفتها، وأبعدتنا عن هدف وينبوع حياتنا، وأوجدت لنا آبار مشققة ﻻ تضبط ماء. فإنّنا في جوع دائم طالما نتعاطى شهوات عقيمة، ولن نشبع إن لم نرتوِ ونأكل من الطعام والشراب الحق (يسوع المسيح) فالحاجة كما قال هو: "الحاجة إلى واحد". فعلينا أن نشتهي الصلاح والسمو والقداسة، وهذه ﻻ تحرمنا من أن نتمتّع بحياتنا اليومية، وﻻ تطلب منّا أن نهرب من العالم، بل أن نهرب من كلّ شهوة مخالفة لمسيرتنا نحو القداسة. "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" قال داود النبي. فالرب لذيذ، وإن لم نشعر بهكذا لذّة إلى اﻵن، نكون في بعد عنه، وتكون لذّة خطايانا غالبة فينا، مانعة إيانا من التلذذ بالمسيح الذي يجب أن يكون هو المشتهى بالحقيقة, لذّة تطرد لذّة, ففي صراع الأهواء (اﻵلهة) هذا، حلبة الصراع فينا، ونحن بإرادتنا نقرر مع من سنكون، ومن هو الغالب. يقول الرسول بولس المبدأ المسيحي بالحياة: "كلّ الأشياء تحل لي لكن ﻻ يتسلط عليّ أيّ شيء" . فعبوديتنا للأهواء، تعطل عبادتنا لله. "هُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ". لذلك قال المغبوط أوغسطين :"وقفتُ على قمة العالم عندما لم أعد أشته شيء" , أي صرت وجهاً لوجه مع الرب، ولم يعد يفصلني عنه أي شيء، حتى نفسي، بعد أن تحررت من شهواتي " وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ". فالمطلوب إماتة الشهوة، وليس الجسد، وعندما نصلب الجسد مع المسيح، تموت شهواته ويقوم الجسد أيضاً مع المسيح كما في معمودية جديدة . الشهوات الرديئة هي قنوات للشر يدخل بواسطتها إلى نفوسنا، يزعزع بنيانها، ويسمم فضائلها، فنصبح مغارة لصوص بدل أن نكون بيتاً لله، وكلّما عشناها قويت فينا، وتجذرت أكثر. "أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ"، فهنا الرسول ينصحنا بالهروب من الشهوات لخطورتها المميتة. أما يعقوب الرسول فيقول: "قاوموا إبليس فيهرب منكم". هل لاحظت الفرق بين الشهوة وابليس نفسه مصدر الشرور؟؟ فمن له أذنان للسمع فليسمع... الأرشمندريت باييسيوس سابا.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كي ننتهي غرباء |
هل قطعنا كُل هذا الطريق معًا كي ننتهي غرباء |
كـي ننتهي غرباء |
الله يبدا حيث ننتهى نحن |
...وما أخطر هذه الحالة أن نبتدىء فى قوة ولكن ننتهى فى ضعف |