يعتبر إرميا أكثر الأنبياء الذين تحدثوا عن القلب. يرى إرميا النبي أن القلب قد صار نجسًا بالطبيعة كثمرة للسقوط: "القلب أخدع من كل شيء وهو نجس" (إر 17: 9)، وكما يقول إشعياء النبي: "قلب مخدوع قد أضله فلا ينجي نفسه، ولا يقول: أليس كذب في يميني؟!" (إش 44: 20).
هذا الفساد أفقد الإنسان بصيرته الداخلية، فلا يرى خطاياه ولا يكتشفها، بل يقول: "لماذا أصابتني هذه؟!" (إر 13: 12)، وإن أدركها يحمل عنادًا رديئًا (إر 18: 12). القلب في فساده يصير كمينًا، فلا يحمل محبة وسلامًا بل بغضة وحربًا (إر 9: 8-9)، ويحول أرضه إلى خراب (إر 12: 11)، لهذا فإنه لن تحل النجاة ما لم يحدث تغير وإصلاح في القلب.
علامة التوبة الحقيقية هي تغيير القلب في الداخل. ففي أيام يوشيا بدأ الترميم في الهيكل وصار للشعب مظهر التدين لا فاعليته، الأمر الذي سقطت فيه المملكتان بل ويسقط فيه الكثيرون، إذ يغيرون الشكل لا الجوهر ليتبرروا أمام الناس، بل وأحيانًا أمام أنفسهم. يقول النبي: "قد بررت العاصية إسرائيل أكثر من الخائنة يهوذا" (إر 3: 10).