رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يسوع يطرد روحاً شريراً
1: 21- 28 تعجّب الناس وتساءلوا: أتعليم جديد يُلقى بسلطان؟ وبدأ يوم كفرناحوم. يومٌ يبدأ في المجمع ويوم السبت. هذا ما لم يندهش منه أحد. ولكن ما يُدهش الناس سريعاً هو سلطة تعليم يسوع (آ 22، 27). لا يشدّد مرقس على مضمون هذا التعليم، بل على تأثيره على السامعين ولا سيما على هذا "المتشيطن" (فيه شيطان) الذي يصيح وكأنه يريد أن يضايق كلمة يسوع، يمنعها من الإنتشار. أما يسوع فأسكته وشفاه بتقسيم واضح وحاسم: أخرس. أخرج. هزّ الروح الرجل، صرخ صرخة قوية ونجا من الشر الذي فيه. وتساءل الناس كلهم عن هذا الجديد الذي يقدّمه تعليم يسوع. ليس بتعليم نظري. هو تعليم يفعل: "يأمر حتى الأرواح النجسة (أو: الشريرة) فتطيعه" (آ 27). في زمن يسوع، كان الناس ينسبون عدداً من الأمراض إلى تأثير مباشر من الشياطين. كانوا يتكلّمون عن أرواح نجسة. لسنا أمام صفة أخلاقية، بل حالة عجز عن ممارسة شعائر العبادة والعيش مع الجماعة. من الواضح أن مجيء يسوع يحدث نتائج مذهلة. إنه يبدو أمامنا كذلك الذي يحارب الشر، هذا الشر الذي يضايق البشر، يأسرهم ويجعلهم يخسرون هوّيتهم. ولكن جاء يسوع فتراجعت قوى الشر. فالله يؤسّس حقاً ملكوته بواسطة سلطة يسوع الجديدة (1: 15). نلاحظ كيف أخذت شهرة يسوع تتّسع في كل أنحاء الجليل، ولكننا نلاحظ أيضاً التباس هذه الشهرة: نحن مستعدون حالاً أن نجري وراء المعجزات والظهورات. ولكننا لسنا بمستعدين للتساؤل عن شخص ذاك الذي يعطي مثل هذه الآيات. هل يسوع هو حقاً قدوس الله (آ 24)؟ هل نتحمّس له مؤقتاً، أو نتحمسّ لبعض المظاهر الدينية دون أن يؤثّر هذا الحماس على حياتنا؟ لم يتردّد المسيحيون الأولون في التعرّف إلى يسوع النبي الذي أعلنه سفر التثنية (18: 15: نبي مثلي). هذا ما دلّنا عليه الإنجيل الذي قرأناه: جاء يسوع إلى كفرناحوم، دخل المجمع، علّم بسلطة نبي. ولم يخطئ الناس في تقديرهم. عرفوا سريعاً أنهم أمام تعليم جديد يُلقى بسلطان. يسوع يقول ويفعل. كلمتهُ تفرض الصمت على روح الشر، وفعلُه "يكرسحه". كان سفر التثنية قد تحدّث عن هذا النبي الآتي كوسيط ضروري بين الله الكلي القداسة، وبين الشعب الذي لا يستطيع أن يقترب من الله. لهذا صرخ الرجل المعذّب: "أنت قدوس، قدوس الله". إن وعي الروح النجس جعله يرى من خلال ظاهر إنسان بسيط يعلّم في الهيكل، يرى أن المعركة الحاسمة قد بدأت. من هو هذا الرجل؟ هل هو حقاً قدوس الله والنبي العظيم الذي أخبر به موسى؟ إذا كان الجواب لم يُعطَ هنا، إلا أن السؤال يُطرح بوضوح. فالجديد في تعليم يسوع وسلطة هذا التعليم يجعلان الناس يتعجبّون. فيسوع لا يكتفي بأن يكرّر ما تعلّمه، كما يفعل الكتبة ومعلمو الشريعة. يبدو أنه يعرف عمّن يتكلّم وعمّا يتكلّم. ويضم الفعل إلى القول فيصبح القول محرّراً للإنسان. إن النداء الذي أطلقه يسوع إلى التلاميذ الأولين فعل حالاً فساروا وراءه. وكلمته هنا تخلّص هذا الرجل من الروح الشرير. لقد بدأت مسيرة تحرير البشرية بشكل ساطع. وانتقلت شهرة يسوع من كفرناحوم إلى كل أنحاء الجليل: ستصل البشارة إلى كل العالم الوثني. حين سمع التلاميذ النداء تيقّنوا أن يسوع يتكلّم باسم الله، يعمل حقاً باسم الله. هو حرّ في أقواله وأعماله تجاه البشر وتجاه شرائعهم. وهو أقوى من قوى الشر التي تقيّد البشر. إنه غير الأنبياء الكذبة الذين يستغلّون ضياع الناس وشقاءهم. وهو لا يرتبط بأي نهج فكري أو إيديولوجي. حين يتكلّم عن الله، فهو يعرف عمّن يتكلّم، لأنه الله. وحين يتحدّث عن حياة البشر فهو يعرف عمّن يتكلّم لأنه أخونا بعد أن صار شبيهاً بنا. ولهذا فكلمته تحوّل الإنسان، تحيي الذين يتقبلّونه ويخاطرون فيتبعونه ليصيروا أناساً جدداً. أما هو قدوس الله؟ نستغرب أن يكتشف الروح الشرير شخصية يسوع الحقة. ونستغرب أكثر حين يفرض يسوع الصمت على هذا الروح. نحن نعلم أن الشر ليس جهلاً للحقيقة بل رفضاً لقبولها. وإذا كان يسوع قد فرض نفسه بقوّة على الجموع، فالتلاميذ الذين إنتظروا حتى النهاية أن يكون مخلص إسرائيل، إحتاجوا إلى وقت طويل قبل أن يتقبلّوا الصعوبة الآتية لا محالة، عثار الصليب. في وقت لا يبحث فيه كثير من الناس عن النور والسعادة، لا نخف من أن نسمع كلمة الله كما يقولها يسوع لنا. ولا نرفض الحقيقة: فلتحوّلنا إلى تلاميذ حقيقيين يعرفون ماذا يقولون حين يعلنون أنهم يؤمنون بيسوع المسيح. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أنجيل مرقص - يسوع المسيح شمس الفصح |
أنجيل مرقص - عماد يسوع |
أنجيل مرقص - عائلة يسوع الحقيقية |
أنجيل مرقص - يسوع يهدئ العاصفة |
أنجيل مرقص - يسوع يرسل التلاميذ |