رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التداريب الروحية 18\4\2010 بقلم قداسة البابا شنودة ان الدين ليس هو مجرد معلومات و لا مجرد امتلاء من المعرفة الدينيه فالمعرفة وحدها لا تكفى ؛ فماذا يستفيد الانسان لو كان يعرف كل المعلومات عن الفضيله دون ان يسلك فيها ؟ اننا نقرأ كثيرا و نستمع الى الكثير و نهتم بأن نحشو اذهاننا بالمعلومات فهل تغيرت اذهاننا بمجرد المعلومات ؟ ام ينبغى ان تتحول المعلومات الى عمل ؟ ان كثيرين من اصحاب المعرفة لهم ضعفات ثابته تكاد تصل الى مستوى الطباع و تستمر معهم على مدى سنوات طويله و كذلك لانهم لم يدربوا انفسهم على ترك تلك الضعفات من هنا كانت اهميه التداريب الروحيه فيها يدخل الانسان فى مواجهة عمليه مع نفسه اما ترك خطاياه او اكتساب فضائل تنقصه او النمو روحيا و هكذا يحول بها المعرفة الروحيه الى حياة و كذلك يحول الاشتياقات الروحيه الى حياة عمليه و فى التدريب العملى يعرف حقيقة نفسه و من اين يأتيه الخطأ ؟ ماهى اسبابه و مصادره و يدخل بالتدريب فى طريق المقاومة و يعرف العقبات التى تصادفه و اسلوب الانتصار عليها و التداريب الروحيه تدل على ان صاحبها سهران على خلاص نفسه يكتشف اخطائه و نقائصه و يتدرب على تفاديها لذلك انصحك ايها القارئ العزيز ان تكتشف اخطاءك او الاخطاء التى يكشفها غيرك لك لانه بدون اكتشاف اخطاءك لا يمكنك ان تدرب نفسك على تركها لانه لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى . فلا تتضايق اذا مما يظهر لك عيبا فيك بل استفد من هذا الكشف لكى تتدرب على التخلص من ذلك العيب بل انت نفسك حاول ان تفحص ذاتك جيدا فى ضوء وصايا الله و احذر من تبريرك لنفسك و التماس الاعذار فى اخطائك فالذى يبرر نفسه يبقى دائما بحيث هو لا يصلح من ذاته شيئا لان ذاته جميله فى عينيه بلا عيب !! اما الذى يحاسب نفسه بدقة ولا يعذر نفسه مطلقا مهما كانت الظروف فهذا هو الشخص الذى يمكنه ان يعرف عيوبه و يمكنه ان يدرب نفسه على تركها ان كانت تستحى من ان يكشف لك الغير خطأ فيك فلا شك ان تستحى من نفسك من نفس الخطأ فأجلس اذا الى ذاتك و كن صريحا مع نفسك الى ابعد الحدود و حاول ان تترك نقط الضعف التى فيك و نقط النقص التى تكشفها لك القراءة الروحيه او تدركها من سماعك لبعض العظات التى تشعر انها تمس حياتك .. فلو انك دربت نفسك كل اسبوع ؛ او حتى كل شهر على مقاومة نقطة ضعف واحدة لامكنك فى عام واحد ان تتخلص من 12 نقطة ضعف ؛ و ثق بأن الخطايا يرتبط بعضها بالبعض الاخر بحيث ان تخلصك من خطيئة معينه قد يخلصك من خطايا اخرى عديدة مرتبطة بها . كما ان تدربك على فضيله معينة و بخاصة لو كانت من الفضائل الامهات ، لابد ان ذلك سيقودك الى فضائل اخرى ما كنت قد وضعتها فى تدريبك . الفضائل ايضا مرتبطة بعضها ببعض كحلقات فى سلسله واحدة . ان الانسان الروحى الذى يدرب نفسه على حياة الفضيله يكتسب فى كل تدريب دون ان يقصد فضيله ضبط النفس , و فى ذات الوقت يكتسب معونة الهيه تساعده على ترك الخطيه لان من الواضح انك ان بدأت فى تدريب نفسك فى حياه الفضيله لابد ان نعمة الله ستبدأ معك ايضا . فالله جاءت قدرته - لا يتركك وحدك فى تدريبك ، بل سيعمل معك لانك بالتدريب تظهر انك جاد و ملتزم بالسلوك فى الحياه مع الله . و هذا الشعور ستتجاوب معه المعونة الالهيه . و ان كان لشيطان يحاربك لتكسر التدريب فان النعمة سوف تسندك لتنجح فيه المهم انك لا تتراجع و لا تتراخى و لا تكسل فى تدريباتك بل كن حازما مع نفسك و ان دربت نفسك على فضيله فأعلم ان الثبات فى الفضائل اهم من بدء اقتنائها لانه ما اسهل ان يسير الانسان من فضيله ما يوما او يومين او ثلاثة او اسبوعا و لكن المهم ان يستمر حتى تصبح هذة الفضيله عادة فيه او تتحول الى طبع و هكذا تحتاج التداريب الى مدى زمنى طويل تكاد ترسخ فى اعماق النفس لان كل تدبير لا يثبت فيه الانسان زمنا يكون بلا ثمر فالاستمراريه هى المحك العملى لمعرفة عمق الفضيله فيك . و ايضا تعطى فرصة لاختبار المعوقات التى تقف ضد التدريب و طريقة الانتصار عليها لهذا فأن القفز السريع من تدريب الى اخر لا يفيد روحيا ذلك لان كثيرون يريدون ان يصلوا الى كل شئ فى اقل فترة من الوقت فتكون النتيجة انهم لا يصلون الى اى شئ او انهم يضعون امامهم تداريب عديدة فى نفس الوقت بحيث ينسون بعضهم او لا يستطيعون التركيز عليها جميعا اما انت فاسلك فى تداريبك بحكمة شيئا فشيئا لكى تصل و هنا اضع امامك بعض الملاحظات : ليكن تدريبك محددا وواضحا فلا تقل مثلا ادرب نفسى على المحبه و كلمه المحبه تشمل فضائل عديدة جدا بل يمكنك الاكتفاء بعنصر واحد تركز عليه ثم تتابع بعد ذلك و لا تقل لنفسك اريد ان اتدرب على حياة الاتضاع و الوداعة بينما تكون هذه الكلمات غير واضحة فى تفصيلها امامك و هكذا لا تفعل شيئا انما قل مثلا : اريد فى حياه الاتضاع ان ادرب نفسى على امر واحد فقط و هو اننى لا امدح ذاتى ، فان اتقنت هذا قل لنفسك : ادرب ذاتى على انى لا اسعى وراء مديح الناس . فان اتقنت هذا قل ادرب نفسى على شئ اخر و هو ان مدحنى احد اتذكر فى الحال خطاياى و تقصيرى و ابكت ذاتى من الداخل فان لم تستطع شيئا من كل هذا ادخل فى تدريب اخر لان التدريب ينبغى ان يكون فى حدود امكانياتك بحيث يمكنك تنفيذه عمليا . هناك شخص يريد ان يدرب نفسه على ترك اخطاء الكلام : فيقول : اريد ان ادرب نفسى على الصمت و لا يستطيع ذلك و قد يصمت فترة يمكن ان يتكلم بأخطاء كثيرة ! كما قال المثل : ( سقط دهرا و نطق كفرا .. انما يستطيع هذا الانسان ان يدرب نفسه على بعض نقاط فى اخطاء الكلام ، فمثلا يدرب نفسه على عدم الاطاله فى الحديث كما يحتاج الى كلمه لا يقول فيها جمله و ما يحتاج الى جمله ، لا يلقى فيه محاضرة و ان فهم محدثه ما يريد فلا داعى ان يزيد ثم يدرب نفسه على عدم مقاطعة غيره فى الحديث او يدرب ذاته على الصمت الهادئ اما ان يدخل فى التدريب على مقاومة كل اخطاء اللسان ، فلن يصل الى شئ مرة واحدة . |
|