لما جاء المسيح إلى أرضنا فعل الأمر ذاته مع تلاميذه؛ فهو لم يستعبدهم أو يجبرهم على عبادته والخضوع له. بل إن الكتاب يقول لنا إن المسيح اختار تلاميذه «لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا» (مرقس٣: ١٤). دائمًا يطلب الله الإنسان ليكون معه. وبعد ذلك تأتي الطاعة، والعبادة، والخدمة؛ نتيجة طبيعية للشركة والعلاقة بين الله والإنسان، حتى إن الخدمة نفسها ليست واجبًا إنما يقول عنها الرسول بولس: «فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ» (١كورنثوس٣: ٩). فالخدمة هي مشاركة الله في عمله.
إذًا قارئي العزيز؛ لقد خلقنا الله لمجده بالفعل. لكننا لا بد وأن نفهم المقصود بهذه العبارة. فهي لا تعني خلقنا ليستعبدنا، ونمجده مضطرين أو مجبورين. إنما خلقنا لعلاقة خاصة جدًا. ولشركة عميقة معه. وبعلاقتنا الصحيحة معه - المبنية على المحبة والتقدير والإجلال له - فإننا سنمجده بأفعالنا، وسلوكنا أمام الناس فنختبر قول الكتاب: «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى٥: ١٦).