رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيليا والمركبة السماوية من المعتقد أن خدمة إيليا استمرت حوالى عشرين عاماً ، كانت الخمسة عشر أو الستة عشر عاماً الأولى منها عاصفة ، ممتلئة بالثورة والصراع ، وهو أشبه بالخادم الميثودستى ، الذي اشتكوا من صوته الصارخ فى المنبر ، وإذ به يجيبهم : " أنا لا أغنى لتنويم الأطفال ، بل أنا أحطم الصخور " . وكانت رسالة إيليا تحطيم صخور الوثنية والشر التى ملأت كل مكان . .. ومع أننا نعلم أنه أصيب بصدمة قاسية غداة قتل أنبياء البعل ، وهى رد الفعل للنجاح العظيم فوق جبل الكرمل ، إذ أن إيزابل هددته بالقتل ، .. ولم يجد من الشعب الذي آزره فى ذبح الأنبياء الكذبة ، ما يشجعه على مواجهة الشريرة الطاغية ، التى مازالت تمسك بزمام الأمور فى الأمة كلها ، كان إيليا تحت الرتمة شيئاً يختلف تماماً عن إيليا فوق جبل الكرمل ، وهى النفس البشرية المتلونة والتى لا تثبت على حال ، فهى تارة فى أعلى جبال الشركة مع اللّه ثم لا تلبث أن تهوى تارة أخرى إلى بالوعة اليأس ، .. ولكن شكراً للّه ، الذي أرسل ملاكه إليه تحت الرتمة ، دون أن يناقشه فى شئ ، فقد كانت نفسه ممتلئة بالمرارة والأسى واليأس والقنوط ، والتوتر يملأ عواطفه ، والانفعال لا يعطيه أية فرصة للمناقشة الهادئة الساكنة ، وكان علاج اللّه لنفسه أن يطعمه ويريحه ، حتى يهدأ ويسكن ، قبل أن يتكلم إليه أو يحاجه أو يسأله . .. وهى الحكمة الإلهية التى ينبغى أن نتعلم منها ، كيف نعالج الثورات النفسية عند الآخرين " فالأفضل أن ننتظر ، حتى تستريح أجسادهم ونفوسهم ، قبل أى حديث أو مناقشة ، .. كان عمل اللّه الوحيد أن يطعم إيليا ويريحه ، وينتظر أربعين يوماً قبل إن ينقاشه على جبل اللّه حوريب قائلا : " مالك ههنا يا إيليا ؟ . "" 1مل 19 : 9 ". ومن الغريب أنه فوق جبل اللّه حوريب فى سيناء أدرك إيليا الحقيقة التى غابت عنه طويلا ، إن الصوت المنخفض الخفيف ، وليس صوت الريح أو الزلزلة أو النار ، هو الأكثر تأثيراً وقوة وفاعلية ، إن الثلاثة الأصوات الأولى ليست فى حقيقتها ، سوى المهد للصوت الأقوى والأعمق والأبعد أثراً ، صوت الحب والحنان والرحمة والإحسان والجود والغفران ، أو فى لغة أخرى هو صوت الصليب ، الصوت الذى تحدث به موسى وإيليا مع المسيح فوق جبل التجلى : " وإذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وإيليا ، اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذى كان عتيداً أن يكمله فى أورشليم " " لو 19 : 30 و 31 " لقد أهلك اللّه العالم بالطوفان أيام نوح ، وأباد اللّه سدوم وعمورة بالنيران ، وذبح إيليا أنبياء البعل ، ومع ذلك فالخطية لا تزال تفتك بالبشر ، وهى فى حاجة إلى أصوات أخرى أفعل من العواصف والزوابع والنيران والزلازل ، إنه صوت اللّه المنخفض فى الصليب ، ... وعاد إيليا إنساناً من حوريب يختلف ، إلى حد بعيد ، عما كان عليه أولا ، يمسح حزائيل ملكاً على آرام ، وياهو بن نمشى ملكاً على إسرائيل ، وأليشع بن شافاط نبياً عوضاً عنه ودخلت إلى حياته حلاوة أعمق وأجل ، ... وأضحى أشبه بشجرة عنب فى إنجلترا ربما هى أكبر شجرة من نوعها ، وهى قديمة ، وقد لاحظ أحدهم أن عنبها أصغر من المعتاد ، وسأل لماذا يبدو حجم الحبة من العنب أصغر وأجابة البستانى : إنه أصغر لأن الشجرة قديمة عجوز ، ولكن لا يوجد ما هو أحلى من هذا العنب على الاطلاق ، " . عاش إيليا سنواته الأخيرة أهدأ وأجمل وأقوى ، وأخذ يشرف على مدارس الأنبياء،... وجاء اليوم الذى وصفه جوزيف باركر كدرس من أعظم دروس العناية ، وهو : " لا متى يذهب إيليا ، بل متى يأخذه اللّه الذى يعلم متى تنتهى خدمتنا ورسالتنا " أو فى لغة أخرى : إن اللّه يعلم متى يأخذنا إلى حقل آخر أعظم وأجمل ، وإلى فرصة أوسع : " من عشرة أمناء إلى عشر مدن " ... وها نحن نرى الرحلة الأخيرة لإيليا فى الأرض ، التى تنقل فيها من الجلجال إلى بيت إيل إلى أريحا ، أو قرابة ثلاثين ميلا " وأغلب الظن أنه كان يريد زيارة ثلاث مدارس للأنبياء هناك ، ويتزود بالنظرات الأخيرة للارض التى أحبها وخدم فيها ، قبل أن يصعد إلى السماء ، وقد لازمه ورافقه فى الرحلة أليشع ، وأبى أن يتخلى عنه البتة ، رغم أن إيليا ألح عليه أن يبقى حيث هو،... ونحن نسأل لماذا أراد إيليا أن يمكث أليشع فى المكان الذى كان فيه !! ؟ هل لأنه كان لا يريده أن يتخلى عن عمل كان يقوم به عند بدء الرحلة !! ... أم لأنه أراده أن يكون بين بنى الأنبياء فى واحدة من المدارس الثلاث !! ؟ ... أم لأنه كما هو الأرجح أراد أن يختبر معدنه وصلابته ، قبل أن يرحل عنه ، وفى الوقت عينه أن يختلى باللّه الذى سيذهب إليه بعد قليل !! ... على أية حال لقد أصر أليشع على مرافقته، كما ينبغى للخادم الأمين أو الصديق الوفى ، أو الجندى الذى أوشك أن يحمل العلم ليؤدى الرسالة الموضوعة عليه ، ... وها نحن نراهما الآن يصلان إلى الأردن ، ويلف إيليا الرداء ويشق الأردن به ، ويعبر كلاهما ، ويسأل المعلم تلميذه ماذا يريد قبل أن يؤخذ منه !! ؟ ويصر التلميذ على أن يقف من المعلم موقف الابن البكر الذى يأخذ نصيب اثنين حسب الشريعة الإسرائيلية ، ولما لم يكن لايليا شئ من متاع الأرض ، ولما كانت الطلبة روحية ، قــال له إيليــــــــا : " صعبت السؤال " !! ... " 2 مل 2 : 10 " وذلك لأن الطلبات الروحية ، عطية من اللّه ، وليس هبة من إنسان !! ... وهى تؤخذ بالعين الروحية المفتوحة ، فإن رآه يؤخذ منه ، كان هذا دليلا على أن اللّه سيعطيه هذا النصيب ، نعود فنشير إلى أن أليشع لا يقصد أن يكون له ضعف ما كان إيليا ، بل أن يأخذ نصيب البكر من الأولاد ، ... وفتح اللّه عينى إليشع ، وسقط رداء إيليا عنه ، فأخذه وأخذ نصيب إثنين من روحه ، بعد أن مزق ثيابه ، " وهو يصرخ يا أبى يا أبى مركبة إسرائيل وفرسانها " ، " 2مل 2 : 12 " وهو كما أشرنا أولا لم يره فرداً واحداً ، بل جيشاً عرمرما ، والقائد المسيحى الغيور الشجاع سيبقى دائماً هكذا ، سواء فى الدفاع أو الهجوم لمجد اللّه ، ... ومع أن إبراهيم ، وداود ، وايليا ، وبولس ، وأثناسيوس ، ولوثر وويسلى ، وأمثالهم - لا يظهرون إلا نادراً فى موكب العصور ، لكننا نصلى لعل واحداً منهم يظهر فى أيامنا هذه فى عظمة الأبطال الخالدين ، ويمكن أن نقول قبل أن يؤخذ منا فى مركبة السماء : " يا أبى يا أبى مركبة إسرائيل وفرسانها" .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أن المركبات تتسابق في الميدان والمركبة التي تسبق الأخرى |
إيليا النبي والمركبة النارية |
ايليا والمركبة السماوية |
إيليا والمركبة السماوية |
هتفضل بالنسبة لى إيليا وهترجع إيليا |