قبلت الكنيسة الأولى الأناجيل المقدّسة منذ البداية كأسفار قانونيّة مكمّلة لأسفار العهد القديم مع بقيّة أسفار العهد الجديد، وعلى نفس المستوى، بكونها جزءً لا يتجزأ من الكتاب المقدّس.
ففي القرن الثاني يُعلن القدّيس إيريناؤس على وجود أربعة أناجيل رابطًا إيّاها بأربعة جهات المسكونة، والأربعة رياح الرئيسيّة، والأربعة وجوه للكاروبيم، قائلًا:
[لم يكن ممكنًا أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل ممّا هي عليه في العدد. فإنه إذ يوجد أربعة أركان للعالم الذي نعيش فيه وأربعة رياح رئيسيّة، وقد انتشرت المسيحيّة في العالم كله، ولما كان الإنجيل هو عمود الكنيسة وقاعدته (1تي3: 15) وروح الحياة، بهذا كان من اللائق أن يوجد للكنيسة أربعة أعمدة فتتنسّم عدم الفساد من كل ناحية، وتنعش البشريّة أيضًا. خلال هذه الحقيقة واضح أن الكلمة خالق الكل والجالس على الشاروبيم، وضابط الجميع إذ أعلن عن نفسه للبشر قدّم لنا الإنجيل تحت أربعة أشكال إذ كان مرتبطًا بروح واحد. وكما يقول داود متوسّلًا إلى حضرته "أيها الجالس على الشاروبيم اِشرق" (مز80: 1)، إذ للشاروبيم أيضًا أربعة وجوه لها شكل التدبير الخاص بابن الله.
يقول الكتاب "إن المخلوقات الأربعة الحيّة:-
الأول مثل الأسد" (رؤ4: 7) فيرمز لعمله الفعّال وسموّه وسلطانه الملوكي.
والثاني مثل الثور يُشير إلى تدبيره الذبيحي والكهنوتي.
والثالث له شبه وجه إنسان شهادة لوصف مجيئه كإنسان.
والرابع مثل نسر طائر يُشير إلى عطيّة الروح الذي يرفرف بجناحيّه على الكنيسة.
لهذا تتفق الأناجيل مع هذه الأمور، التي يجلس المسيح يسوع في وسطها[11].]
أما القدّيس إكليمنضس السكندري وإن كان قد اقتبس فقرات من "إنجيل المصريّين" لكنّه ميّز بينه وبين الأناجيل الأربعة القانونيّة[12].
أما العلاّمة ترتليان فلم يقتبس إلا من الأناجيل الأربعة القانونيّة، ودافع بشدة عن كتابتها بواسطة الرسل أو من هم ملتصقون بهم تمامًا.
استخدم القدّيسان إكليمنضس الروماني وأغناطيوس الأنطاكي مادة الأناجيل وإن كان بدون التزام بالنص حرفيًا. وجاءت رسالة القدّيس بوليكربس تحوي مطابقات مع الأناجيل.