رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الثالوث في العهد الجديد نجد في العهد الجديد نصوصاً واضحة عن سر الثالوث. في بشارة الملاك للعذراء نجد سر الثالوث" إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَينزِلُ عَليكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ، لِذلِكَ يَكونُ الـمَولودُ قُدُّوساً وَابنَ اللهِ يُدعى" (لوقا 1/35)، ثلاثة اشخاص ورد ذكرهم: العلي، وَابنَ اللهِ والروح القدس. وفي عماد يسوع نجد الوحي بالثالوث: "فإِذا السَّمَواتُ قدِ انفتَحَت فرأَى رُوحَ اللهِ يَهبِطُ كأَنَّه حَمامةٌ ويَنزِلُ علَيه. وإِذا صَوتٌ مِنَ السَّمَواتِ يقول: "هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ الَّذي عَنه رَضِيت" (متى 1/16): الذي يتكلم هو الله، الآبن هو يسوع ابن الله الوحيد، أمَّا الروح القدس فيظهر في صورة رمزية خاصة ككائن شخصي مستقل اسوة بالآب والابن. فقد ظهر الثالوث الاقدس ظهورا متمايزًا، لكنه غير منفصل: الابن المتجسد خارجا من المياه لكي يهبنا الخروج من خطايانا لندخل به وفيه إلى شركة مجده، والروح القدس نازلاً على شكل حمامة ليقيم كنيسة المسيح، وصوت الآب صادرًا من السماء مُعلنا بنوتنا له في ابنه، ويقيم منا حجارة روحية لبناء الكنيسة الأبدية. هكذا ظهر الثالوث القدوس لبنياننا بالله. وفي خطاب الوداع يتكلم يسوع عن الثالوث: "وَأَنا سأَسأَلُ الآب فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّداً آخَرَ يَكونُ معَكم لِلأَبَد (يوحنا 14/16). وأخيرا ترك السيد المسيح للرسل وصيته التي توضح لنا هدف رسالته ومعنى الثالوث الأقدس في الإيمان المسيحي: "اذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ τὸ ὄνομα الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس" (متى28: 19)، وصيغة المفرد في كلمة "اسم" تدل على وحدة الجوهر في كل من الاشخاص الثلاثة. ولم يقل "بأسماء" كأنها كيانات متعدّدة، بل إله واحد واسم واحد، بكلمته وروحه (2 قورنتس 13: 13). لذلك لذلك يبدأ المسيحيون كل صلاة وعمل: "باسم الآب والابن والروح القدس، الاله الواحد، آمين"، وينهون الصلاة والعمل باسم الثالوث الاقدس: "المجد للاب والابن والروح القدس، الآن وكل أوان الى دهر الدهرين آمين". هذا وكل طلباتنا في القداس الإلهي تتوجه للآب، وتنتهي بالابن، "ابنك الحي المالك معك ومع الروح القدس. فله الشكر والحمد والتسبيح، هو الله المثلّث، الآب والابن والرّوح القدس. آمين وباب الدخول في الثالوث الأقدس هو واحد، يسوع المسيح حيث انه من خلال موته وقيامته فتح يسوع لنا سبيلاً جديدًا وحيًا لكي ندخل في قدس أقداس الثالوث من خلال المعمودية؛ والمعمودية تُبيِّن قدرة يسوع الفصحية في رسالة الكنيسة ولعلاقتها الوطيدة بالأقانيم الثلاثة. ومختصر القول، يُعلّمنا الإنجيل المقدّس أنّ الآبَ والابْنَ والرُّوحَ ما هم ألاّ الله وكلمته وروحه، كما أعلن بوضوح الرسول الحبيب يوحنّا، بإلهام من الله ووحي منه تعالى:" في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله" (يوحنا 1: 1). ويؤيد القديس بولس الرسول حقيقة الثالوث ببركة ثالوثية "لْتَكُنْ نِعمةُ رَبِّنا يسوعَ المسيح ومَحبَّةُ اللهِ وشَرِكَةُ الرُّوحِ القُدُسِ معَكُم جَميعًا" (2 قورنتس 13: 13). وقد دخل الربّ، الواحد والثالوث، في حوار مع الجنس البشري، ومع كلّ إنسان آتٍ إلى العالم. فنقرأُ في الرسالة إلى العبرانيين: إِنَّ اللهَ، بَعدَما كَلَّمَ الآباءَ قَديمًا بِالأَنبِياءَ مَرَّاتٍ كَثيرةً بِوُجوهٍ كَثيرة، كَلَّمَنا في آخِرِ الأَيَّام هذِه بِابْنٍ جَعَلَه وارِثًا لِكُلِّ شيء وبِه أَنشَأَ العالَمِين. هو شُعاعُ مَجْدِه وصُورةُ جَوهَرِه، يَحفَظُ كُلَّ شيَءٍ بِقُوَّةِ كَلِمَتِه" (عبرانيّين 1: 1-3). وبكلمة، الثالوث هو حوارُ الكلمة والنعمة والمحبة. وإنّ إيمان الكنيسة الأولى بالثالوث الأقدس قد انطلق من خبرة الرّسل الذين عاشوا مع المسيح ابن الله واختبروا عمل الرّوح القدس فيهم بعد قيامة المسيح. وهذا الاختبار هو الذي نقلوه إلى جميع المؤمنين بالمسيح عبر الأسرار المقدّسة، ولا سيّما سرّي المعموديّة (متّى 28: 19–20) والإفخارستيّا. فكلّ صلاة أفخارستيا تتوجّه إلى الآب الذي أرسل ابنه المخلّص، وتطلب إليه أن يرسل روحه القدّوس على القرابين ليكرّسها ويجعلها جسد المسيح ودمه، وعلى الشّعب كلّه ليقدّسه ويوطّده في الإيمان ويجمعه في الوحدة. |
|