لماذا نضمّ أيدينا أثناء الصلاة؟
هناك اعتقاد شائع بأن ضمّ اليدَين هي عادة مشتقة من ممارسة رومانية ترمز إلى الخضوع.
هل يجب على المؤمنين أن يضمّوا أيديهم وأن يبقوا أذرعتهم ممدودة مع أكفّهم متجهة للأعلى أم أن يشبكوها كما يفعل الرهبان أحيانًا؟ هل هذا الأمر مهم؟ في الواقع، إنه أساسي خلال الصلاة، إذ يسمح للمؤمنين باكتشاف ممارساتهم المتجذرة في التقاليد القديمة المبجلة.
يتذكر العديد من الناس عندما علّمتهم الراهبات كيفية الصلاة مع ضمّ أيديهم. ويروي أحد الأفراد (سواء كان صحيحًا أم لا) السبب وراء ذلك:
صلِّ بيدَين مضمومتَين لتصل صلواتك إلى السماوات.
إذا كانت يداك تشيران إلى الأسفل، فستصل صلواتك إلى الجحيم.
وإذا كانت يداك تشيران إلى جانبك، فسوف ترتدّ صلواتك في جميع أنحاء الغرفة.
بالطبع، يبدو الأمر ساذجًا للغاية، ومن المحتمل أن تكون التعليمات الفعلية قد ضاعت في ترجمة الأطفال لها. إن السبب الحقيقي وراء ضمّ معظم المؤمنين لأيديهم خلال الصلاة، له رمزية أعمق بكثير. في المسيحية، يعود هذا التقليد إلى عادات الثقافات القديمة والمتأخرة.
وفي التقليد اليهودي، نجد دليلًا في التلمود على أن البعض كان يصلي بأيدٍ مضمومة في وقت مبكر من فترة النفي البابلي، واستمروا بذلك حتى بعد ظهور المسيحية. وفقًا للنص، كان الحكيم اليهودي البابلي رابا (أبا بن جوزيف 280-352ميلادي) يصلي بيدَين مضمومتَين. ويعتقد بعض المؤرخين أن المسيحيين الأوائل اتّخذوا هذه العادة من تراثهم اليهودي.
لكن هناك اعتقاد شائع آخر بأن ضمّ اليدَين هي عادة مشتقة من ممارسة رومانية ترمز إلى الخضوع.
ينسب المؤرخون المتدينون هذه الحركة إلى تقييد أيادي السجناء بكرمة أو بحبل، وهي ترمز إلى الخضوع. في روما القديمة، كان بإمكان الجندي الأسير تجنب الموت الفوري من خلال ضمّ يدَيه، ما يشبه التلويح بعلم أبيض اليوم، أي بمعنى “أنا أستسلم“.
بعد قرون، أظهر الناس ولاءهم واحترامهم لحكامهم عبر ضمّ أيديهم. ومع مرور الزمن، باتت هذه الحركة تعني الإقرار بسلطة شخصٍ ما والخضوع لتلك السلطة.
لا يزال هذا الأسلوب لإظهار الولاء يُستخدم في ليتورجيا الرسامة، إذ يشبك الأسقف يدَي الكاهن الذي يُرسم ويقول له: “هل تعِد بالاحترام والطاعة لي ولخلفائي؟“
نذكر شكل آخر من أشكال ضمّ اليدين وهو شبك الابهامَين على شكل صليب؛ إنها لفتة تمثّل الولاء لله وتوجّه صلواتنا إلى السماوات وتذكّرنا بصليب المسيح. في حين أن المسيحيين ليسوا ملزمين بضمّ أيديهم خلال الصلاة، إلّا أنه خيار ذو معنى وآتٍ من جذور قديمة ورمزية عميقة.