رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُحكى أن ملكاً شاباً كان يملك قصراً كبيراً في إحدى المناطق البعيدة عن المدينة، وكان موقع هذا القصر في منتصف غابة كثيفة الأشجار، حيث وُلِدَ هذا الملك. وذات يوم قرر هذا الملك أن يذهب ليتفقد المكان الذي ترعرع فيه مع أصدقاء طفولته، وأحب أن يتنكر في زي قروي لكي لا يعرفوه، ولكي يفاجئهم. وعندما وصلَ إلى قريته كان المساء قد أقتربَ، فتمشى في وسط الغابة إلى أن وصلَ إلى شاطىء البحيرة، حيث التقى عدداً كبيراً من رفاق الطفولة، ولكن دون أن يعرفوه، وقد استقبلوه كضيف غريب عليهم وجلسوا معه يتبادلون الأحاديث، حتى بدأ الظلام يحلّ على هذه القرية النائية، وإذ هُم في طريق العودة إلى بيوتهم، مجتازين الغابة الكثيفة، فجأة بدأوا يسمعون زئير الأسود التي كانت تملأ الغابة خلال الليل. خاف الجميع، وأسرعوا هاربين داخل هذه الغابة الكثيفة والمظلمة، علَّهم يصلون القرية قبل وصول الأسود، لكن الزئير كان يزداد ويقترب منهم، والخوف يزداد أيضاً، وكانوا ما يزالون بعيدين عن بيوت القرية، وكان البيت الأقرب إليهم هو قصر هذا الملك الشاب، لكنهم لم يتأملوا منه خيراً لأنه كان مهجوراً بالنسبة لهم منذ سنين طويلة، ولمَّا اقتربت الأسود منهم بطريقة فقدوا معها كل أمل في النجاة، ولكنهم كانوا قد اقتربوا أيضاً من باب هذا القصر، اقترح عليهم الملك الشاب أن يهربوا إلى هذا القصر، لكنهم صرخوا قائلين: " إنه قصر مهجور منذ سنين ولا يوجد أحد بداخله وبالتالي لن نستطيع أن نحتمي فيه وهكذا لم يعد لنا أي أمل في النجاة ولا بد لهذه الأسود أن تفترسنا !!! ". ولمَّا كانوا قد وصلوا قرب أبواب القصر والأسود خلفهم مباشرةً صرخَ الملك قائلاً: " لا تخافوا إنني أمتلك المفتاح " فأنا الملك !!! وهكذا وبسرعة هائلة فتح لهم الأبواب وأدخلهم إلى القصر، حيث احتموا فيه وأفلتوا من قبضة الأسود المفترسة التي كانت على وشك الإطباق عليهم. عزيزي: أمر واحد فقط لفتَ انتباهي في هذه القصة: بالرغم من قساوة هذه القصة، والخوف الذي استولى على هؤلاء الأشخاص، والأسود المفترسة التي كانت تحيط بهم وتقترب منهم، وبالرغم من عذابهم وركضهم وقساوة الظروف المحيطة بهم في وسط غابة كثيفة ومظلمة، وبالرغم من فقدان الأمل بمكان يلجاون إليه للحماية، جاء الحل الذي أنقذهم من الموت المحتَّم، وكان سببه الوحيد هو: وجود الملك الذي يمتلك مفتاح النجاة في وسطهم. نعم هذا هو الأمر الوحيد الذي لفتَ انتباهي، والذي يجب أن يلفت انتباهك أنتَ أيضاً في هذا الصباح !!! عزيزي: نقطتين هامتين أريد أن نتأمل فيهما معاً في هذا الصباح: الأولى: أن الصعاب والبرية والمشاكل والإضطهادات وهجمات العدو والمعارك الشرسة والتجارب، لا بد أن تأتي، وهي ستستمر ما دمنا في هذا الجسد، نحيا على هذه الأرض، فلا تفشل من ذلك أبداً، ولا تضطرب إن حدثَ ذلكَ معكَ وكأنهُ شيء غريب يحصل، فلا يوجد أي وعد في الكتاب المقدس يقول أننا لن نتعرض لذلكَ، بل على العكس فالكتاب يخبرنا أن كل هذه الأمور ستحصل لكل مؤمن أمين للرب، وإذا كنتَ لا تتعرض لحروب من العدو، أو للمرور في غابات وبراري كثيفة، وأحياناً مظلمة، فأنا أنصحك بأن تفحص حياتك أمام نور الرب والروح القدس، لترى هل هي حياة أمينة للرب أم لا !!! والمشكل ليسَ هنا، أي أن تأتي علينا الصعاب والمشاكل. الثانية: كما ذكرت ليسَ المشكل أن نتعرض للصعاب، ولإحتمال اجتياز الغابات والبراري الكثيفة، إنما المشكل الحقيقي هو أن لا يكون الملك الذي يمتلك مفتاح النجاة معنا في وسط هذه الحروب والغابات والبراري. تخايل معي هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يركضون في وسط الظلام وفي وسط الغابة الكثيفة والبعيدة عن البيوت، وتخايل معي الأسود المفترسة التي اقتربت منهم لتلتهمهم، وتخايل معي أنهم كانوا دون الملك الذي يمتلك مفتاح القصر، فماذا كان سيحل بهم ؟ بكل تأكيد الموت المحتم بين أنياب الأسود !!! وتأمل معي الكلمة التي تقول: " تيقظوا واسهروا، لأن عدوكم إبليس يجول كالأسد الزائر باحثاً عن فريسة لهُ، فاثبتوا في إيمانكم وقاوموه ... " (1 بط 5 : 8 –9)، تقريباً نفس الصورة، وهنا ليست قصة أو رواية، بل حقيقة دامغة لا تقبل الجدل، إنها كلمة الله !! التي تخبرنا أن إبليس يجول كأسد زائر، يفتش علينا ويريد أن يفترسنا، لكن شكراً للرب لأن الملك الذي يمتلك مفتاح النجاة هو معنا، هو أبونا المحب الذي بذلَ ابنه الوحيد من أجلنا، لا بل أكثر من ذلك، فهو لا يمتلك فقط مفتاح النجاة، بل يمتلك سيف الروح الذي أعطانا إياه، لا لنحمي أنفسنا فقط، بل به نستطيع أن نقتل الأسود التي تلاحقنا، لكن السؤال يبقى، هل أنا احرص دائما أن يكون الملك معي في وسط الغابة ؟ أم أنني بعض المرات أو مراراً كثيرة ربما، أكون بمفردي ؟ وكيفَ أكون بمفردي أو لماذا أكون بمفردي ؟ لأنني ببساطة أبتعد عنه، وأحزنه وأبقى بعيداً عنه وأتركه خارجاً بالرغم من محاولاته المتكررة بأن أبقى إلى جانبه !!! أحبائي: الكلمة تقول: " ها أنا واقف على الباب أدقه، فأن سمع أحد صوتي وفتحَ الباب دخلتُ إليه ..." (رؤيا 3 : 20). نعم عندما تُغلق الباب في بعض الأحيان بوجه الرب لأي سبب من الأسباب، ستجده واقفاً وبصورة دائمة على الباب يقرع، لكنه وبسبب لطفه وعدم إرادته أن يفرض نفسه بالقوة على أحد منا، واحتراماً لحرية قراراتنا لن يدخل ولن يقتحم الباب دون أن تفتح له، وتأكد أنه لن يدخل أبداً دون أن تفتح له بملء إرادتك وهكذا قد تكون في بعض المرات لوحدك في الغابة والملك الذي يمتلك مفتاح النجاة والحماية ليسَ معك !!! وقد تقول لي: " هل يتخلى الرب عني بهذه السهولة ؟ "، أقول لكَ، بكل تأكيد لا، فهو سيبقى واقفاً على الباب يقرع كل حياتك، لكنكَ إذا ابقيتَ الباب مغلقاً ولم تفتح له سيبقى واقفاً في الخارج كل حياتك أيضاً !!! لقد حاول الرب حتى آخر دقيقة مع يهوذا لكي يرده عن محاولة الخيانة، إذ غَمَسَ لقمته في صحنه قبل أن يسلمه يهوذا بدقائق قليلة، علّه يتراجع، لكن يهوذا أصرِّ على المضيّْ في تنفيذ مهمته ولم يأبه لمحاولات الرب وكانت النتيجة مدمرة. لقد قال يسوع: " نيري هيّن وحملي خفيف ". هل تأملتَ مرةً ما في هذه الآية بدقة ؟ وسألتَ نفسك ما هو النير ؟ النير هو قطعة كبيرة من الخشب يتم وضعها على رقبة ثورين ليتم جمعهما مع بعضهما ليقوما بمهمة فلاحة الأرض معاً، أي أن يساعدا بعضهما البعض في إنجاز المهمة المطلوبة منهما. وهكذا نحن مع يسوع، وهذا ما قصده الرب، فنحنُ في هذه الحياة في نير واحد يجمعنا مع الرب يسوع، ومن يا ترى الذي يساعد الآخر في إنجاز المهمات المطلوبة منَّا في هذه الحياة أو في مواجهة الصعاب عندما تعترضنا أو في العمل في حقل الفلاحة ؟ الرب يساعدنا ؟ أم نحن الذين نساعده ؟ بكل تأكيد هو من يساعدنا ومن أجل ذلكَ قال " نيري هيّن " لأنه هو من يقوم بالعمل ونحن بجانبه فقط، نتمتع به !!!، وهل الضيقات والصعاب والمشاكل وهجمات العدو التي تواجهنا هينة ؟ نعم شرط أن يكون يسوع معنا تحت النير، لأننا سنواجهها بقوته هو وليسَ بقوتنا نحن، هو الذي يحملنا ويرفعنا فوق هذه الصعاب، ولكنني أريد أن اقول لكَ أنه عندما تحسّ أن هذه المشاكل قاسية، وأن هذا النير ليس هيناً والحمل ليس خفيفاً كما قال الرب، أرجوك أن تلتفت وتنظر إذا كان يسوع مايزال معكَ تحتَ هذا النير الذي أتعبك، أم أنكَ أصبحتَ لوحدك ؟ هل الملك الذي يمتلك المفتاح معك في الغابة أم أنك لوحدك تجري وتركض وحيداً ؟ وأعود وأسأل لماذا أكون وحيداً ؟ لأنني بكل بساطة أكون قد أحزنت الروح القدس أو أطفاته، وكيف أحزنه ؟ إنني أحزنه عندما أفعل أموراً سيئة لا يريدني أن أفعلها. وكيف أطفئه ؟ إنني أطفئه عندما لا أفعل ما يطلبه مني. عزيزي: لا تنخدع، فالرب يسوع لن يبقى معك تحت النير عندما تسير في إتجاهات خاطئة !!! في قصة الإبن الضال، لم يرافق الأب ابنه عندما قرر أن يذهب إلى أرض الخطيئة، لكنه كان ينتظره كل يوم لكي يعود، وفقط عندما عاد، ذبحَ له العجل المسمن، وألبسه الخاتم والحلَّة الجديدة !!! لا تخف من الضيقات، لا تخف من الغابات، لا تخف من البراري، لا تخف من حروب العدو، لا تخف من الصعاب، لا تخف من العقارب والحيات، لا تخف من إبليس. فقط خفّ من أن لا يكون الملك الذي يمتلك المفتاح معك !!! نعم لا تخف أبداً هل هناك مرتفعات ؟ يعطيك أقدام الآيائل ! هل هناك ضيقات ؟ ثق هو غلبَ العالم ! هل هناك جبال ؟ من أنتَ أيها الجبل، تصبح سهلاً أمام أولادي ! هل هناك أمراض ؟ أنا الرب شافيك ! هل هناك ضيقات مادي ة؟ الرب يملأ كل احتياجك حسب غناه بالمجد! هل هناك نيران ؟ لا تحرقك ! هل هناك مياه ؟ لا تغمرك ! هل هناك أسود ؟ يُقفل لها أفواهها ! هل هناك أسلحة صُورت ضدك ؟ لا تنجح أبداً ! هل هناك عقارب وحيات ؟ تدوس عليها ولا شيء يضرك ! إنها وعود الرب، إنها كلمته الحية الفعّالة، وهو وحده المسؤول عن تنفيذها. أحبائي: لقد كانت العواصف التي هبَّت على التلاميذ وهم في البحر، طريقاً مشى عليها يسوع لكي يصل إليهم !!! هل اجتمع عليك خمسة ملوك أو أكثر لكي يحاربوك كما حصلَ مع يشوع ؟ لا تخف، تأكد أنه كما فعلَ ليشوع سيفعل لكَ لا بل أكثر، سيعطيك القوة والسلطان لكي تدوس على رقابهم ويقول لكَ كما قالَ ليشوع: " لا تخف ولا ترهب، تشجع وتشدد لأن الرب هكذا يفعل بجميع أعدائك الذين تحاربهم " (يشوع 10 : 25). العدو يهاجمك في طريق واحد، ويفر منكَ في سبع طرق، لكــن... ودائماًً لكــن... لا تسمح أن تمر دقيقة واحدة لا يكون فيها الملك الذي يمتلك المفتاح بجانبك !!! لا تدعهُ يقرع طويلا، دائماً أترك باب قلبك مفتوحاً له، لا تدعه خارج النير لأنه من دونه سيكون النير صعب والحمل ثقيل، ولا تحزن الروح ولا تطفئه، ودوماً تعلّم ما يحزن الروح وما يطفئه وتجنب هذه الأمور!!! ودائماً تذكر أنه لن يستطيع أن يرافقك إلى أراضٍ غريبة ومظلمة إلى أرض الخطيئة !!! وطالما أنتَ تحرص أن تطيعه وتحفظ وصاياه وتوجيهاته وتعمل بها، تأكد أنك ستسمع صوته باستمرار يقول لك: " لا تخف، إنني أمتلك المفتاح ". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إنّني أحبّه كعينيّ أو حتى أكثر من عينيّ |
إنّني لا أخاف بعد ولا أرتعب من شيء |
إنّني أحبّه كعينيّ أو حتى أكثر من عينيّ |
إنّني لن أخاف من وعيدك حتى بالنسبة لجسدي |
يا يسوع ، إنّني أهبك ... |