تكلم بشجاعة عن حقه في الأمور الزمنية عند من كرز لهم «إن كنا نحن قد زرعنا لكم الرُّوحيِّات، أ فعظيمٌ إن حصدنا منكم الجسديَّات؟» (1كو9: 11) ومع أنه أظهر حقه هذا، رفض استعماله. لماذا؟ خاف لئلا باستعماله يعطل إنجيل المسيح «بل نتحمَّل كل شيءٍ لئلاَّ نجعل عائقًا لإنجيل المسيح» (1كو9: 12). كان أمرًا مُشبعًا لنفسه أن يكرز بالمسيح مجانًا. لم ينسب لنفسه فخرًا إذ نادى بالإنجيل، بل اعتبر هذه المناداة أمرًا لا مفر منه. كانت الضرورة موضوعة عليه «ويلٌ لي إن كنتُ لا أُبشِّرُ» (1كو9: 16)، ولكنه افتخر بالمناداة بالإنجيل مجانًا. لم يكن ممكنًا أن يُقال بأنه كرز لأجل معيشته الزمنية. كان ”خيرًا له أن يموت“ من أن يقال عنه هذا، لأنه بذلك يتعطل الإنجيل في عمله المجاني بين الناس. إنه أمر ضار جدًا بالإنجيل وجود جماعة من الناس يعتبرونها مهنة لهم (بمعنى عالمي) أن يُكرز بالإنجيل. كم من الخدمات قد فقدت قوتها بين السامعين إذا اعتبروا صاحبها مأجورًا، وليس حرًا في عقيدته التي يتمسك بها، حرصًا على معيشته، ولا حرًا في الكرازة بها، إذ هو ملزم بأن يقوم بذلك. هذه الحجة تُعتبر باطلة بالنسبة لكثيرين من خدام المسيح الأتقياء، ولكنها مع ذلك لا تزال حقًا بالنسبة للكثيرين ممن يكرزون بالإنجيل.