منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10 - 03 - 2023, 03:31 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

أيوب | أطباء بطالون


أطباء بطالون

أَمَّا أَنْتُمْ فَمُلَفِّقُو كَذِبٍ.
أَطِبَّاءُ بَطَّالُونَ كُلُّكُمْ [4].
يشتكي أيوب من أصدقائه، لأنهم حكموا عليه ودانوه حسب تصوراتهم الكاذبة وعدم إدراكهم لعناية الله ورعايته وخطته من نحو البشرية. لهذا صاروا ملفقي كذب. نطقوا بالكذب ولفقوا له اتهامات كاذبة.
جاءوا إليه كأطباء يتعهدون جراحاته، لكنهم بالحق كانوا أطباء بطالين، لم يعرفوا المرض، فجاء العلاج قاتلًا. تحولوا من أطباء حكماء إلى مشعوذين دجالين. ادعوا العلم والمعرفة، وهم في جهل تامٍ للحق الإلهي، لأنهم فقدوا الحب.
لم يقبل أيوب إخوته كأطباء يقدمون له العلاج، متطلعًا إلى المسيا القادم، بكونه طبيب النفوس والأجساد السماوي، الذي يشفي عيون نفوسنا، فتتمتع برؤية الإلهيات.
عجيب هو طبيبنا السماوي، فإنه حين أعلن عن نفسه كطبيبٍ كان يأكل في بيت عشار، ويلتف حوله كثير من العشارين والخطاة. لم يكن يعظهم ولا كان يوبخهم على خطاياهم، لكنه كان يأكل معهم (لو5: 27- 32). لست أظن إني أجد طبيبًا يدخل إلى مستشفي ويدعو كل المرضى ليأكل معهم ثم يتركهم ويخرج من المستشفي دون أن يقدم لهم أدوية خاصة بأمراضهم لشفائهم منها.
لقد قدم السيد الدواء حين أكل معهم، حيث قدم لهم الحب العملي، كان يأكل مع أولئك الذين كان المجتمع يمقتهم ولا يريد حتى التعامل معهم لئلا يتدنس. يمد القدوس يده ويأكل معهم، لكي يدركوا أن مخلصهم ليس ببعيدٍ عنهم، ولا منعزلٍ عنهم. هذا هو الدواء السماوي الذي قدمه الطبيب السماوي. إنه طبيب فريد ودواءه فريد!
والعجيب أنه أعلن شخصيته هكذا كطبيب في اللحظات التي أعلن فيها أن تلاميذه هم بنو العرس أو أصدقاء العريس. وكأن العاملين معه عملهم أن يتقبلوا أسرار العريس، فيعلنوا عن شخصه وسماته وإمكانياته للعروس، البشرية التي تقبل الإيمان به. كأنه لا عمل للعاملين مع الطبيب سوى الإعداد للعرس السماوي المفرح.
عمل خادم السيد المسيح وكل القادة، بل وكل مسيحي أن يساهم في الإعداد لهذا العرس، لا بالتوبيخ والانتهار والإدانة، بل بالكشف عن محبة العريس ونزوله إلى عروسه، وفتح أبواب السماء - حجاله - لها. فالعروس تُعد لعريسها باكتشافها محبة عريسها لها وشوقه إليها.
* إنكم أطباء ضارون تجددون الأمراض، "تجددون الشر"، أنتم الذين لا تحققون الشفاء من الجراحات باستخدام أدوية لائقة جدًا. هكذا أنتم تظنون أنكم تدافعون عن الله، وأن فمكم ينطق بكلمات مُسرة، ها أنتم ترون شرورًا لمن قد وضع تحت المحاكمة، وتأتون لتعينوا العدو بإثارة مشاعر الألم للمجروح.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* المرشد السماوي، اللوغوس يدعى الهادي عندما يدعو البشرية للخلاص... لكنه إذ يعمل كطبيب أو مربى يصير اسمه "المربي"... فإن النفس المريضة تحتاج إلى مربٍ يشفي آلامها. ثم تحتاج إلى المعلم الذي يعطيها الإدراك... "إعلان اللوغوس". هكذا إذ يريد اللوغوس خلاصنا خطوة فخطوة يستخدم وسيلة ممتازة: أنه في البداية يهدي، ثم يصلح، وأخيرًا يعلم.
* من هو؟ تعلموا باختصار أنه كلمة الحق، كلمة عدم الفساد، الذي يجدد الإنسان إذ يرده إلى الحق. أنه المهماز الذي يحث على الخلاص. هو محطم الهلاك وطارد الموت. أنه يبني هيكل الله في الناس، فيأخذهم لله مسكنًا له.
يحتاج المرضى إلى مخلص،
ويحتاج الضالون إلى مرشد،
يحتاج العميان إلى من يقودهم إلى النور،
والعطاش إلى الينبوع الحيَّ الذي من يشرب منه لا يعطش أبدًا،
والموتى إلى الحياة،
والخراف إلى راعي،
والأبناء إلى معلم؛
تحتاج كل البشرية إلى يسوع!
القديس إكليمنضس السكندري
* طوبى لهم حقًا، الذين في احتياجهم لابن الله، قد تجاوزوا الحاجة إليه كطبيب لشفاء أمراضهم، أو كراعٍ، أو كفادٍ، وصار احتياجهم إليه كحكمة وكلوغوس، أو كأحد الألقاب الأخرى التي يقدمها لأولئك الذين لهم الفصح الروحي الذي يهيئهم لأسمى النعم.
* في داخل ألوهية الكلمة قوة، ليس فقط لمساعدة وشفاء من هم مرضى...، بل للإعلان عن الأسرار لأنقياء الجسد والذهن.
قد أُرْسِلَ الكلمة كطبيب للخطاة، بل وكمعلم لأولئك الذين هم بالفعل أنقياء وبغير خطية.
* بواسطة نور الكلمة تتبدد ظلمة التعاليم الهرطوقية. فالكلمة يفتح أعين أنفسنا، فنستطيع التمييز بين النور والظلمة، ونختار في كل حال أن نمكث في النور.
* ليس أمام من ينشد الشفاء سوى أن يتبع يسوع.
* تعال الآن إلى يسوع، الطبيب السماوي.
ادخل إلى هذه العيادة، التي هي كنيسته.
أنظُر. فهناك يرقد أعداد من الضعفاء. تجد امرأةً تطلب التطهير (مر 25:5، لا12). كما تجد أبرص معزولًا "خارج المحلة" بسبب دنس برصه (مر 40:1، لا46:13).
إنهم ينشدون الشفاء من الطبيب، يطلبون كيف يصيرون أصحاء، وكيف يتطهرون.
يسوع الطبيب هو نفسه كلمة الله. إنه يُعِدُّ أدوية لمرضاه، لا من مستحضرات أعشاب، بل من قُدسِيات الكلمات.
إذا ما نظر أحد إلى تلك الأدوية اللفظية متناثرة بلا ترتيب في ثنايا الكتب، ولم يعرف قوة مُفْرَد الكلمات، ربما يعدل عنها كأشياء رخيصة تعوزها بلاغة. أما منيَعْلَم أن دواء النفوس هو في المسيح، فسيفهم حتمًا من هذه الكتب التي تُقرأ في الكنيسة كيف يجب على كل شخص أن يجمع أعشابًا مفيدة من الحقول والجبال، أعني قوة الكلمات، لكي يحصل من هو متعب النفس soul على الشفاء، لا بقوة الأغصان الخارجية (للنباتات الطبية) والقشرة السطحية، بقدر ما هو بفاعلية العصارة الداخلية.
* هناك أيضا أمور أخرى كثيرة مخفية عنا، لا يعلمها إلا ذاك الذي هو طبيب نفوسنا. فإنه فيما يختص بصحتنا الجسدية نجد لزامًا علينا في بعض الأحيان أن نتعاطى أدوية كريهة ومُرَّة كعلاجٍ لأمراضٍ جلبناها على أنفسنا من خلال الطعام والشراب. كما يحدث إذا ما استلزمت طبيعة الداء أن تحتاج إلى معالجة قاسية بمشرط الجراح في عملية جراحية مؤلمة. نعم، وإذا حدث أن امتد المرض إلى حد تجاوز تأثير هذه الوسائل العلاجية، يصير اللجوء آخر المطاف إلى حيث لا بُد من كي الداء بالنار. كيف يتسنى لنا أن ندرك أن الله طبيبنا، يرغب في غسل أمراض نفوسنا التي جلبتها علينا العديد من الخطايا والجرائم، ويستخدم علاجًا تأديبيًا من أنواع مماثلة قد تصل إلى حد توقيع عقوبة النار على الذين فقدوا صحة نفوسهم.
العلامة أوريجينوس
* أولًا لتدركوا تنازل الله. لتتنازلوا فتكونوا متواضعين لأجل أنفسكم، متطلعين إلى الله الذي تنازل متواضعًا لأجلكم أيضًا وليس لأجل نفسه...
اعترفوا بضعفكم؛ ولترقدوا أمام الطبيب في صبرٍ.
عندما تدركون تنازله ترتفعون معه، ليس بأن يرفع نفسه بكونه الكلمة، بل بالحري يُدرَكْ منكم أكثر فأكثر...
هو لا يزيد، لكنكم أنتم تتقدمون، فيكون كمن ارتفع معكم...
تطلعوا إلى الشجرة فإنها أولًا ضربت جذورها إلى أسفل حتى تنمو إلى فوق. تثبت جذرها السفلي في الأرض لكي ما تمتد بقمتها إلى السماء. هل تبذل جهدًا للنمو إلاَّ من خلال التواضع؟ إذن "ليحلّ المسيح بالإيمان في قلوبكم، وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة... لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله" (أف 3: 17 - 19).
القديس أغسطينوس
* نرى الكتاب المقدس لا يقدم لنا الرب تحت اسم واحد، ولا تحت الأسماء المنوطة بلاهوته فقط، أو الدالة على عظمته، بل تارة يستعمل ميزات الطبيعة (خواصه الأقنومية)، فيعرف أن يقول: "الاسم الذي يفوق جميع الأسماء" (في 2: 9)، اسم الابن، والابن الحقيقي، والله الابن الوحيد، وقوة الله وحكمته وكلمته. وتارة، بالنظر إلى كثرة سبل وصول النعمة إلينا التي بصلاحه يمنحها لطالبيه حسب حكمته الكثيرة الأوصاف، يدعوه الكتاب المقدس بنعوت أخرى كثيرة، فهو يسميه تارة الراعي، وتارة الملك، ثم الطبيب، فالعريس والطريق والباب والينبوع والخبز والفأس والصخرة. هذه التسميات لا تدل على الطبيعة، كما قلت، بل على تعدد مظاهر النشاط الذي يبذله، رحمة منه بكل فرد من خليقته، وتلبية لحاجة كل من يسأله.
القديس باسيليوس الكبير
* يوجد طبيب واحد، هو في الوقت نفسه جسم وروح (إنسان وإله)، مولود gennetos، وغير مولود، الله صار إنسانًا. حياة حقيقيّة في موت (في جسدٍ قابل للموت)، كان قابلًا للموت (بالجسد) وأصبح الآن غير قابلٍ للموت (بقيامته)، من مريم ومن الله،، هو يسوع المسيح ربّنا.
القدِّيس أغناطيوس الثيوفورس
* إذن لنتعبد له بكونه إله مؤمنين بتأنسه، لأنه لا نفع من القول عنه إنه إنسان وليس الله، أو أي خلاص لنا إن رفضنا الاعتراف ببشريته مع ألوهيته؟ لنعترف بحضوره إذ هو ملك وطبيب. لأن يسوع الملك إذ صار طبيبًا اتزر بكتان ناسوتنا، وشفى ما كان مريضًا. المعلم الكامل للرُضع صار رضيعًا بينهم (رو 20:2) لكي يعطي حكمة للجهلاء. خبز السماء نزل إلى الأرض لكي يطعم الجياع!
* "يسوع" تعني "مخلص"، أما في اليونانية فتعني "الشافي"، إذ هو طبيب الأنفس والأجساد، شافي الأرواح، فتح عيني المولود أعمى، وقاد الأذهان إلى النور. يشفي العرج المنظورين، ويقود الخطاة في طريق التوبة، يقول للمفلوج: "لا تخطئ"، وأيضًا: "احمل سريرك وامشِ"، لأن الجسد كان مفلوجًا بسبب خطية النفس. خدم النفس أولًا حتى يمتد بالشفاء إلى الجسد.
لذلك إن كان أحدكم متألمًا في نفسه من خطاياه، فإنك تجده طبيبًا لك. وإن كان أحدكم قليل الإيمان فليقل له: "أعن عدم إيماني" (مر 24:9).
وإن أصاب أحدكم آلام جسدية، فلا يكن غير مؤمنٍ، بل يقترب فإن يسوع يعالج مثل هذه الأمراض، وليعلم أن يسوع هو المسيح .
القديس كيرلس الأورشليمي
* أدوية الطبيب الكثيرة، يهب بها الشفاء... يضمِّد الجراحات بوصايا حازمة، ويبعث الدفء عندما يغفر الخطايا. وينخس القلب كما تفعل الخمر، عندما يعلن دينونته. وأركبه على دابَّته (لو 10: 34)؛ تأمَّل كيف يُصعدك (فيه) إذ حمل خطايانا وتألَّم لأجلنا (إش 53: 4). حمل الراعي أيضًا الخروف الضال على منكبيْه (لو 15: 5).
القديس أمبروسيوس

لَيْتَكُمْ تَصْمُتُونَ صَمْتًا.
يَكُونُ ذَلِكَ لَكُمْ حِكْمَةً [5].
أنهم جاءوا ليقدموا مشورات حكيمة، فظهروا أنهم هم بالأكثر يحتاجون إلى من يرشدهم، ويدخل بهم إلى الحكمة. أما الحكمة التي هم في عوز إليها فهي أن يصمتوا صمتًا، فصمتهم أنفع من الكلام الباطل الجارح. وكما يقول الحكيم: "الأحمق إذا سكت يُحسب حكيمُا، ومن ضم شفتيه فهيمًا" (أم 17: 28).
* "كان الأفضل من أجل الله أن تلتزموا بالصمت، فيكون لكم حكمة" [5]... الحكيم ليس فقط من يتكلم حسنًا، مقدمًا مشورات مفيدة، ومعلنًا ما هو نافع ووقور للكل، وإنما أيضًا من يلجم نفسه (يع 3: 2)...
إنه يراعي ما تغنى به داود في المزامير: "ضع يا رب حارسًا لفمي، وبابًا حصينًا لشفتي. لا تمل قلبي للشر لأتعلل بعلل الشر مع فاعلي إثم" (مز 141: 3-4).
لننعزل تمامًا عنهم حتى إن ظنوا أحيانًا أنهم يدافعون عن الله، لا بقصد تمجيد الله، وإنما للافتراء على من يكرس نفسه للبرّ، وأن يخون جندي الصلاح... إذ يحتاج الإنسان أن يهرب من المخادعين وصداقتهم، ويدير وجهه عن إطرائهم. أما رجال الصلاح فيقبلون التوبيخ الصادر عنهم، ويذكرون في وقارٍ حديثهم الخبيث ضدهم، فإن كل الأمور تؤول لخيرهم، وتعمل للصلاح (رو 8: 28)، وسرعان ما ينالون مديح الله الآب والابن والروح القدس...
لقد تحدث أيوب بعد فقدانه كل غناه كما لو كان في فيضٍ.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* كما في منزلٍ عندما يكون الباب مغلقًا لا يعرف أي الأعضاء مختفين فيه، هكذا بصفة عامة إن التزم الجاهل بسلامه (صمته) يخفي أمره إن كان حكيمًا أو غبيًا. هكذا هو الأمر متى لم يخرج عمل إلى حيز النور، فيتكلم الذهن حتى وإن كان الإنسان صامتًا. لهذا فإن القديس إذ يرى أصحابه يظهرون على ما هم ليسوا عليه يوصيهم بحفظ سلامهم (صمتهم) حتى لا ينكشفوا على ما هم عليه. هكذا قيل بسليمان: "الأحمق إذا سكت يُحسب حكيمًا" (أم 17: 28).
البابا غريغوريوس (الكبير)
"ضع يا رب حافظا لفمي، وبابا حصينا لشفتي" (مز 141: 3). لم يقل: "حاجزًا حصينًا، بل "بابًا حصينًا". فالباب يُفتح كما أيضًا يًغلق. فإن كان هذا بابًا، فليفتح ويغلق. يفتح للاعتراف بالخطية، ويغلق للغفران عن الخطية. فإنه باب للحصانة لا للتدمير.
القديس أغسطينوس

اسْمَعُوا الآنَ حُجَّتِي،
وَاصْغُوا إِلَى دَعَاوِي شَفَتَيَّ [6].
يدعوهم إلى الاستماع إليه عوض الكلام الباطل. بالرغم من أنهم لم يقاطعوه، لكنهم لم يبالوا بكلماته، ولا أصغوا لصرخات نفسه المرة. ظنوا أنهم دافعوا عن الله، ونطقوا بالحق، لكن بدون الحب العملي لا يعرفون الله، ولا يدركون الحق.
* "اسمعوا الآن توبيخاتي، وأنصتوا إلى حكم شفتي" [6] حسنًا يبدأ أولًا بتقديم التوبيخ وبعد ذلك "الحكم". فإنه ما لم يخمد غرور الأحمق لا يفهم حكم البار نهائيًا.
البابا غريغوريوس (الكبير)

أَتَقُولُونَ لأَجْلِ اللهِ ظُلْمًا،
وَتَتَكَلَّمُونَ بِغِشٍّ لأَجْلِهِ؟ [7]
يسخف بهم أيوب لأنهم ظنوا أن الله محتاج إليهم ليدافعوا عنه، ويكشفوا عن عدله. وكأنه يقول لهم: من أنتم أيها الضعفاء العديمي الحب حتى تدافعوا عن الحق الإلهي الذي لا ينفصل عن الحب؟
خلال دعوتهم بالدفاع عن العدل الإلهي نطقوا بالغش، وقدموا اتهامات باطلة ضد أيوب، وحسبوه شريرًا، فسقطوا في الكذب والقسوة والظلم والإساءة إلى أخيهم. ويبررون هذا كله بأنه "لأجل الله". لم يدركوا أن "غضب الإنسان لا يصنع برّ الله" (يع 1: 20).
برروا تصرفاتهم الشريرة مع أيوب بأنها لتحقيق هدفٍ سامٍ وهو الدفاع عن الله، فهل تبرر الغاية الصالحة الوسيلة الشريرة؟ وكأنهم يقولون: "لنفعل السيئات لكي تأتي الخيرات" (رو 3: 8). لقد وبخ الله الذين يبغضون إخوتهم وهم يسبحون الله: "قال إخوتكم الذين أبغضوكم وطردوكم من أجل اسمي ليتمجد الرب. فيظهر لفرحكم، وأما هم فيخزون" (إش 66: 5).
من له شركة مع الله، الحق، لن يقدر أن يمارس الغش والكذب، إلا إذا انحرف الإنسان عن الله الذي لا يطيق الغش. كثيرًا ما يضع المرتل الغش مع سفك الدماء في ذات الدرجة، لأن غايته هلاك نفوس الآخرين وممتلكاتهم أو كرامتهم، وإذا بالغاش يُهلك نفسه، ويحرم نفسه من المجد والتطويب الأبدي.
"تهلك المتكلمين بالكذب، رجل الدماء والغش يكرهه الرب" (مز 5: 6).
"طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية، ولا في روحه غش" (مز 32: 2).
"صن لسانك عن الشر، وشفتيك عن التكلم بالغش" (مز 34: 13).
"وأنت يا الله تحدرهم إلى جب الهلاك، رجال الدماء والغش لا ينصفون أيامهم، أما أنا فاتكل عليك" (مز 55: 23).
"لا يسكن وسط بيتي عامل غش، المتكلم بالكذب لا يثبت أمام عيني" (مز 101: 7).
"ماذا يعطيك، وماذا يزيد لك لسان الغش؟" (مز 120: 3).
"موازين غش مكرهة الرب، والوزن الصحيح رضاه" (أم 11: 1).
"الشرير يكسب أجرة غش، والزارع البرّ أجرة أمانة" (أم 11: 18).
"من يتفوه بالحق يظهر العدل، والشاهد الكاذب يظهر غشًا" (أم 12: 17).
"الغش في قلب الذين يفكرون في الشر، أما المشيرون بالسلام فلهم فرح" (أم 12: 20).
"حكمة الذكي فهم طريقه، وغباوة الجهال غش" (أم 14: 8).
"الشاهد الأمين منجي النفوس، ومن يتفوه بالأكاذيب فغش" (أم 14: 25).
"معيار فمعيار مكرهة الرب، وموازين الغش غير صالحة" (أم 20: 23).
"ذبيحة الشرير مكرهة، فكم بالحري حين يقدمها بغشٍ" (أم 21: 27).
"بشفتيه يتنكر المبغض، وفي جوفه يضع غشًا" (أم 26: 24).
"لأن روح التأديب القدوس يهرب من الغش، ويتحول عن الأفكار السفيهة، وينهزم إذا حضر الإثم" (الحكمة 1: 5).
"خطفه لكي لا يغير الشر عقله، ولا يطغي الغش نفسه" (الحكمة 4: 11).
"لا تدخل كل إنسان إلى بيتك، فإن مكائد الغشاش كثيرة" (سيراخ 11: 31).
* ألا تتكلمون أمام الرب، وتنطقون بالغش أمامه، بالرغم من كلماتكم الرائعة. هذا هو ما يود أن يقوله: إنكم لا تعتقدون أن الله يصغي إلى ما تقولونه، لأن الخداع يلقنكم الحوار. ليس من دافعٍ حسن يحرككم، وإنما الرغبة في الإساءة إلى شهرتي، وتقديم تعليقات جارحة. فإنه وإن كانت كلماتكم لائقة، فإنكم لا تعبرون بها عن نية حسنة؛ إنها لا تطلب التقويم والإصلاح والتقدم، بل تطلب الهدم، فإنكم لستم تعلمون إنسانًا جاهلًا تمامًا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* "هل يحتاج الله إلى كذبكم، فتتكلمون بغش لأجله؟" لا يحتاج الله إلى كذب، فإن الحق لا يقبل أن يتحقق بمعونة الباطل... ينطق الهراطقة بالغش لأجله، حيث يخدعون أصحاب العقول الضعيفة مضللين مفاهيمهم عن الله بطريقة حمقاء.
البابا غريغوريوس (الكبير)
في تعليق القديس أغسطينوس على مز 55: 23، يقارن بين سافكي الدماء والهراطقة المخادعين والمتكلمين بالغش فيقول أن سافكي الدماء هم قتلة ظاهرون يسفكون دماء الأجساد ولا يقتلون النفوس، أما الهراطقة فيهلكون النفوس ويسفكون دمها غير المنظور. إنهم سافكو دماء ومخادعون!
في تعليقه على تساؤل المرتل وإجابته: "ماذا يعطيك، وماذا يوضع أمامك مقابل لسان الغش؟ سهام جبار مسنونة مع جمر مهجور" (مز 120: 3-4) يرى مقاومة أصحاب الألسنة الغاشة لا تكون بالكلام المجرد، إنما تحتاج إلى كلمة الله، السهام المسنونة التي للجبار، مع وجود أمثلة حيَّة لأشخاص أبرار كانوا كقفرٍ مهجورٍ بلا حياة وصاروا ملتهبين كالجمر.
يقول: [لا يكفي أن نرد عليهم بالكلمات، إنما ندافع بالأمثلة أيضًا... فالكلمة: "جمر" تستخدم للتعبير عن أمثلة لخطاة كثيرين رجعوا إلى الرب. إنكم تسمعون أناسًا يندهشون قائلين: "أنا أعرف إنسانًا كيف كان مدمنًا السكر، كم كان في دنائة يهوى المسارح والسيرك ويحب الخداع، الآن ها هو يخدم الله، كيف صار هكذا بريئًا! لا تتعجبوا، فإنه صار جمرًا حيًا. لتفرحوا أنه حي، ذاك الذي حزنتم عليه بكونه كان ميتا.]


أَتُحَابُونَ وَجْهَهُ،
أَمْ عَنِ اللهِ تُخَاصِمُونَ؟ [8]
لا يحتاج الله إلى مدافعين عنه، في دفاعهم يبغضون اخوتهم. "أتحابون وجهه؟ أم عن الله تخاصمون؟" كيف يخدمون الله بالبغضة والكراهية لاخوتهم؟ ففي غيرتهم على الله، يهينون الله ويسلبون كرسي حكمه بكونه الديان للبشر. إذ هو وحده يعرف كل نفس وقوتها وميولها، ومواهب الإنسان وتكوينه البيولوچي وطاقاته والظروف المحيطة به. وبناء على هذا كله فهو الذي يدين أو يبرر. حقًا قد نعرف إنسانًا أخطأ خطية معينة وربما واضحة لا تحتاج إلى بحث، لكن هل يمكن أن نحكم على الإنسان ككلٍ من أجل خطية أو خطايا ارتكبها في وقتٍ ما، ونحن لا نعرف أعماقه أو ظروفه؟!
* "هل تنوبون عن شخصه؟ هل عن الله تخاصمون؟" [8] لأنه عندما يرى الأغبياء أفعال الحكماء تبدو لهم كلها إنها مستحقة للوم. ينسون فراغهم ونقائصهم، ويحكمون على تصرفات الغير بغيرة أعظم... ومن الجانب الآخر عندما يوبخ الأبرار تصرفات الأشرار، يعترفون دومًا بضعفاتهم هم وأنهم مستحقون للوم. فإنهم حتى وإن انتهروا واندفعوا بقوة لمقاومة شرور الآخرين من الخارج غير أنهم يتعاطفون معهم في الداخل، مدركين أن فحص خطايا الناس هو من اختصاص الله... لهذا فإن أصدقاء أيوب الطوباوي وبخوا أعماله كما لو كانوا لم يرتكبوا هم شيئًا ملومًا.
حسنًا قيل هنا: "هل تنوبون عن شخصه؟ هل عن الله تخاصمون؟" فإن يرتدي الشخص وجه الله يعني أنه يدعي لنفسه سلطانه في الإدانة، ويخاصم الشخص عن الله عندما ينتهر نقاط الضعف في الآخرين ولا يشعر بضعفه الشخصي الداخلي.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* قال شيخ: "إذا كان لا يعرف ما في الإنسان إلاَّ روحه كقول الرسول، وإذا كنا نعلم أن كثيرين تابوا ولم نعلم بتوبتهم، إذن قد يتوب الإنسان في آخر حياته، وتُقبل كتوبة اللص، فعليك إلاَّ تدين أحدًا. فالديان هو الله وحده، فكيف يجسر أحد أن يتدخل فيما هو خاص بالله؟!"
بستان الرهبان
* لا تكن ديانًا لأخيك، لتؤهل أنت للغفران، فربما تراه دائمًا مخطئًا، لكنك لا تعلم بأية خاتمة يفارق العالم. فاللص المصلوب مع يسوع كان قاتلًا وسفاكًا للدماء، ويهوذا كان تلميذًا للمسيح ومن الأخصاء، إذ كان الصندوق عنده، إلاَّ أنهما في زمن يسير تغيرا، فدخل اللص الفردوس، واستحق التلميذ المشنقة وهلك.
القديس أنسطاسيوس
* انظروا يا اخوتي، إن عمل الخدام في عرس ابن الملك (مت 22) لم يكن سوى جذب الصالحين والأشرار إلى الوليمة، ولم يقل الرب عنهم أنهم دانوا المدعوين وميّزوا بين الصالحين والأشرار، ولا قال عنهم إنهم وجدوا من ليس عليه لباس العرس، بل الملك نفسه هو الذي رآه، سيد البيت وحده هو الذي اكتشفه وأخرجه.
القديس أغسطينوس
* إن أبصرت إنسانًا قد أخطأ وشاهدته في الغد، فلا تنظر إليه كخاطئ، فإنك لا تعرف إن كان في فترة غيابك عنه قد عمل شيئًا صالحًا بعد السقطة، إنما تضرع إلى الرب بزفرات وعبرات مرّة، مستعطفًا إياه!
مار أفرام السرياني
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إننا عبيد بطالون
أطباء السما ء
متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون
ليس من محنة في الوجود خطيرة ومخيفة سوى محنة واحدة، هي محنة الخطيئة
عظة ابونا داود لمعي عن أطباء بطالون كلكم


الساعة الآن 08:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024