رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخضوع المُريح ولم تتوقف دعوة المسيح عند مرحلة الراحة من الخطايا والأحمال، ولكنه استطرد قائلاً: «اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (متى١١: ٢٩)، وهي دعوة تثير الأسئلة: فكيف يريد المسيح أن يريحنا وهو يقول لنا: احملو نيري؟! ثم ما علاقة كون المسيح متواضع القلب براحة نفوسنا نحن؟! الحقيقة أن كل الأسئلة السابقة طالما حيرتني، حتى وجدت إجابة لبعضها في قصة الغني الذي أكرمه الله بزيادة أرقام ثماره عن أي توقعات، ولكنه للأسف ظن أن هذه الأرقام الكثيرة يمكن أن تعطيه الراحة الوفيرة. فنقرأ عن رجل الأعمال هذا «ِإنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا. أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!» (لوقا١٢: ١٦-١٩). لم يكن مرتاحًا، بدليل أنه كان يُمنّي نفسه بالمخازن الجديدة التي سيضع فيها أثماره حتى يستريح، ووضع احتياجه للراحة قبل احتياجه للأكل والشرب، فقال: استريحي وكلي واشربي وافرحي. وفي رأيي المتواضع، هناك سببان لعدم الراحة عند هذا الغني، الأول أنه فكَّر في نفسه، وهو لا يعني فقط الأنانية وحب الذات، ولكنه يعني أيضًا عولان الهم من كثرة التفكير في المشاكل والحلول، والتي تنزع أي راحة من الإنسان. أما السبب الآخر لعدم الراحة، فهو أن هذا الغني خطَّط لنفسه، فسأل: ماذا أعمل؟ ثم أجاب على نفسه: أعمل هذا. وهذا مصدر رهيب للقلق والخوف، لأنه حين يتخذ الإنسان مركز القائد في حياته، فإنه يجلب لنفسه الهم غير المحدود، لأنه سيفاجأ أنه محدود الحكمة والمعرفة والقدرة. وهنا تكمن أهمية دعوة المسيح للراحة «اِحْمِلُوا نِيرِي... وَتَعَلَّمُوا مِنِّي... فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ»، فعندما نحمل نير المسيح الهين، فلن نفكر في أنفسنا مثل هذا الغني، ولكن سنفكّر فقط في تحقيق مشيئته، وهذا يكسب حياتنا متعة غير عادية. وعندما نتعلّم من المسيح لأنه متواضع القلب، فسنكفّ عن قيادة حياتنا بأنفسنا، وسنتخذ المركز الأصغر المتواضع، وسيكون المسيح هو المعلّم والمشير لنا، وهذا ينهر أي قلق أو خوف من حياتنا. عزيزي القارئ، لا تحصر راحتك في أرقام تلهث ورائها، ثم ستكتشف زيف مدلولاتها وخوار من يستند عليها، ولكن تأكد أولاً من أنك تركت رقم خطاياك الرهيب الذي يؤرقك، واقبل يوميًا أن تحمل نير المسيح وتخضع لمشيئته، لأن الله العلي سيكون هو المخطِّط والقائد لحياتك، ووقتها ستختبر أرقام جديدة من البركات والأمجاد، وستهتف فرحًا: «كَثِيرًا مَا جَعَلْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي عَجَائِبَكَ وَأَفْكَارَكَ مِنْ جِهَتِنَا. لاَ تُقَوَّمُ لَدَيْكَ. لأُخْبِرَنَّ وَأَتَكَلَّمَنَّ بِهَا. زَادَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ» (مزمور٤٠: ٥)، وهذه هي الأرقام التي تجلب الراحة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قانون الله المُريح |
هو المُريح لكل المُتعبين |
اتعلم من الاخراج المسرحى |
علمنى يارب الخضوع للى لازم يجوز ليه الخضوع |
مسرحية : منتهي الصلاحية - فريق المحبة المسرحي |