رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنودة المُفتَرى عليه حيًا وميتًا! #البابا_شنودة_المُفتَرى_عليه_حيًا_وميتًا! البعض ومنهم صديقتي الصحفية Karoline Kamel يعتقدون -وهو اعتقاد خاطيء من وجهة نظري- أن مُثلث الرحمات قداسة #البابا_شنودة الثالث هو من وَضع العقبات والعراقيل أمام الاعتراف بمعمودية الكاثوليك، ويُرَدِد البعض أن #الكنيسة_القبطية كانت أكثر انفتاحًا على الطوائف الأخرى قبل جلوس البابا شنودة على السُدة المرقسية! في مُلاحظة دَونَتها #كارولين على فيسبوك، تقول: [وحده البابا شنودة اختلف مع كل من سبقوه، فغرد هو شبه منفردًا بوجوب إعادة التعميد]!! ليس دفًاعًا عن قداسة البابا شنودة، ولكن إنصافًا للتاريخ و #إحقاقًا_للحق.. البابا شنودة هو أول من فتح باب الحوار -عمليًا- مع الطوائف والكنائس الأخرى. هو أول من بدأ الحوار مع #الكنيسة_الكاثوليكية في سبتمبر 1971 وقت أن كان أسقفًا للتعليم (فترة خلو الكرسى البطريركى)، وأمكَن خلاله التفاهم على صيغة مُشتركة حول #طبيعة_السيد_المسيح، تم إقرارها رسميًا فى فبراير 1988. قبل البابا شنودة كان الخلاف مُحتدِم -إلى حد لا يُمكن وصفه- بين أتباع الكنيستين، وكانت الحرب الكلامية والبيانات هى اللغة الرسمية الوحيدة بينهما لا #الحوار، فضلًا عن كتب ومراجع لا حصر لها يَدحض فيها كل فريق عقائد الفريق الآخر بلُغةٍ لا تخلو أحيانًا من السُباب واللَعنات. وفي انحياز واضح تُقارن العزيزة "كارولين" بين رؤية المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث ورؤية المتنيح#الأب_متى_المسكين فيما يخُص المعمودية.. تستشهد بقول للأب متى في كتابه "المعمودية، الأصول الأولى للمسيحية"، نصه: [وعليه فالمعمودية تضع المُعمد مرة واحدة وإلى الأبد داخل نطاق الرجاء، واضعاً الموت خلـف ظهـره والحياة الأبدية أمامه] وتقارنه برَّد البابا شنودة على سؤالٍ حول إعادة معمودية الكاثوليك، حيث يربط في كتابه "اللاهوت المقارن" بين صحة الإيمان والمعمودية، فيقول: ["نعم، قد قال الكتاب المقدس (معمودية واحدة). ولكن ليتنا نقرأ الآية كاملة، حيث تقول (إيمان واحد، معمودية واحدة) (أف5:4)، فحيثما يوجد الإيمان الواحد، توجد معه المعمودية الواحدة، ولذلك نحن لا يمكن مطلقًا أن نعيد معمودية إنسان تَعَمَّد في كنيسة لها نفس إيماننا الأرثوذكسي، فمثلًا الكنائس التي تؤمن بسر المعمودية وفاعليته، وبسر الكهنوت ولكنها مغلقة علينا بحرم الآباء، ينبغي أن تزال الحروم أولا، ثم نقبل أسرارها الكنسية"]. لكن "كارولين" لم تفطن -للأسف- إلى كلام الأب متى في المرجع نفسه الذي اقتبست منه ونقلت عنه، "المعمودية، الأصول الأولى للمسيحية، صـ 334"، والذي يؤكد فيه على نفس الفكرة التي تبنَّاها البابا شنودة قي كتابه، #ارتباط_المعمودية_بالإيمان، فيقول الأب متى: [الإيمان الكامل الصحيح يقود بالضرورة إلى المعمودية، لأن الإيمان الصحيح هو طاعة لكلمة الله، كما صنع القديس بولس نفسه تحت يد حنانيا. والمعمودية هي تبرير عند القديس بولس (” َّ بل تبررتم“). وهي#إعلان_إيمان_أمام_الكنيسة، والكنيسة #لا_تعترف بشركة الإنسان في المسيح وهو ليس#عضوًا_فيها. ونحن لا يمكن أن نتبع المسيح بدون إيمان ومعمودية. والإيمان يتكمل بالمعمودية لأنه ينفتح على المسيح والكنيسة. وهذا الإيمان هو الذي يخلص]. وتخلط "كارولين" -بدون قصد- بين أمرين.. الأول هو مسألة #إعادة_المعمودية على إطلاقها، والأخر هو #إعادة_معمودية_الهراطقة فالمبدأ والأصل أن المعمودية لا تُعاد، وفي ذلك يقول "القمص تادرس يعقوب ملطي" في كتابه الروح القدس بين الميلاد الجديد والتجديد المستمر: [كما نولد جسديًا مرة واحدة ولا تتكرر الولادة، هكذا نولد روحيًا مرة واحدة، فلا يجوز تكرار المعمودية. إنها ختم روحي أبدي، يدخل إلى أعماق النفس، لا تقدر الخطيئة أن تنزعه، ولا الهرطقة أو الموت أن يحله. لهذا إن أخطأ أحد حتى إلى إنكار الإيمان فعند عودته لا تُعاد معموديته، لكنه بالتوبة يعيد ثوبها النقي الذي أفسد نقاوته الأولى]. أما مسألة عِماد الهراطقة (أي نوال السِر المقدس بواسطة أحد #الهراطقة أو #المنشقين)، فقد أثيرت مُنذ #القرن_الثالث الميلادي، وقد أدت هذه المشكلة إلى صراعات مُرّة حتى في البلد الواحد. ففي مواجهة #أسقف_روما الذي نادى بصحة معمودية الهراطقة، تزَعَّم #القديس_كبريانوس أسقف قرطجنة بشمال أفريقيا الرأى بعدم قانونية عِماد الهراطقة والمنشقين باعتبارهم خارج الكنيسة، وعمادهم باطل، وأنه ينبغي حين يعود أحد المُعمدين من أيديهم أن ينال المعمودية المقدسة من يدّ الكنيسة، دون أن يُعد ذلك إعادة للمعمودية. واستمر الخلاف حتى حسمه #مجمع_نيقية المسكونى سنة 325م، بترجيح رأى القديس كبريانوس. إذن فالأصل أن المعمودية واحدة لا تُعاد، لكن معمودية الهراطقة والمُنشقين عن إيمان الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية لا تُحسب معمودية قانونية، ومن ثم يجب إعادتها. وفي سياق الخلط الواضح لدى صديقتي "كارولين"، فإنها تستشهد بأباء قدامى ومُعاصرين، لتاكيد مبدأ عدم جواز إعادة المعمودية، وهو مبدأ مُتجذِر في الكنيسة لا يشوبه خلاف، لكن ذلك لم يكُن ليتعارض مع رفض أولئك الأباء أنفسهم لمعمودية الهراطقة والمنشقين. وكمثال، المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس، الذي أوردَت "كارولين" اقتباسًا من كتابه "اللاهوت العقيدي: أسرار الكنيسة السبعة 1" حيث الفصل الخامس بأكمله تحت عنوان "المعمودية المسيحية ختم لا ينفك وسمه ولا تمحى"، يقول نيافته: [المعمودية سر عظيم ذو فاعلية روحية حقيقية لا اسميه في النفس الباطنية، وهي تطبع في النفس أثرا روحيا سريا باطنيا- يبقى ويظل مطبوعاً في أعماقها، في الحياتين الحاضرة والآخرة. ومعنى أن المعمودية سمة لا تمحى وختم لا ينفك ولا يمحى ولا يزول، أنها تظل مع الإنسان الذي قبلها وتبقى فيه دائما منذ أن تختم بها نفسه وروحه إلا مالا نهاية]. لكن ذلك لم يمنع #الأنبا_غريغوريوس نفسه من رفض الاعتراف بمعمودية الكاثوليك، كما هو واضح في كتابه "اللاهوت العقيدي، أسرار الكنيسة السبعة 1، صـ 1277"، حيث يقول نصًا: [المعمودية الكاثوليكية أيضًا #لا_نعترف_بها ما لم تتم #الوحدة_الإيمانية أولًا]. وفي كتابه "الكنيسة القبطية علاماتها ورسالتها وعقائدها صـ 23"، يقول نيافة الأنبا غريغوريوس: [أما الكاثوليك فهم جماعة لا يصح أن تطلق عليهم كلمة الكنيسة الواحدة بالمعنى الدقيق.. أولًا: لأن الكاثوليك فيما بينهم ليسو متحدين في إيمانهم، فهناك الكاثوليك القداماء ثم الكاثوليك المحدثون أو الكاثوليك فقط، وهم مفترقون في التسمية لأنهم مفترقون في حقائق الإيمان. وثانيًا: لأن الكاثوليك لا يؤلفون مع أسلافهم من المؤمنين وحدة إيمانية، لأنهم #خرجوا_عن_الإيمان_الأول الذي سُلم إلى الكنيسة الواحدة، وافترقوا عنها في عدة أمور، جعلتهم بنأون بمعتقدهم عن معتقد الكنيسة الأولى، بحيث أصبحوا مُغايرين في إيمانهم للإيمان الرسولي للكنيسة الأولى. وكما لا يصح أن نطلق على الكاثوليك لقب الكنيسة الواحدة، كذلك لا يصح أن يطلق عليهم لقب الكنيسة المقدسة، ذلك لأن #الكاثوليك_انسلخوا_من_الكنيسة_الأولى في معتقداتهم.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن القديسين هم الذين تقدسوا بدم المسيح في المعمودية المقدسة، فإذا كانت#المعمودية_غير_قانونية لأنها ليست في كنيسة الإيمان المستقيم، ولأن #رعاتها بالتالي#غير_قانونيين، فالمعمودية #باطلة، وعملية التقديس فيها ليست عملية حقيقية، وعلى ذلك لا يصح أن يطلق عليها لقب الكنيسة المقدسة، إذا توخينا الدقة الإلهية]. لا أشُك للحظة أن صديقتي "كارولين" وغيرها من الأصدقاء سينتابهم شعور بالصدمة عند مُطالعتهم لهذه السطور، لكن وَقع الصدمة سيَخفُ -ولو جزئيًا- إذا ما طالعوا الكتابات والبيانات المتبادلة بين رموز وأتباع الكنيستين في ستينات وخمسينات القرن الماضي، والكتب المخطوطة في أزمنة سابقة، حيث كانت المفردات المستخدمة قاسية وعنيفة بشكلٍ يدفعني عمدًا لتجنُب الاقتباس والنقل منها، فلا أنا ولا غيري -على ما أعتقد- لدينا النية لإحياء ذلك الصِراع التاريخي الذي جسدته رؤيا البابا بطرس خاتم الشهداء عن ثوب المسيح المشقوق. يصعُب على القول بأن #حُلم_الوحدة_جميل وهو #شهوة_مُقدسة لدى الكثيرين، لكنه لايزال بعيد المنال. بيننا وبين أشقائنا الكاثوليك #خلافات_تاريخية_عميقة، بعضها #عقائدي وبعضها #فلسفي وبعضها نابع عن #سوء_الفهم المُتبادل، وهذه الخلافات أحدثت شَرخًا في العلاقة ليس من السهل ترميمه، لذلك فقبل الحديث عن الوحدة يجب أولًا التفاهم بشأن تلك الخلافات، التي لم تُنتج فقط انفصال وانعدام للشراكة بين الكنيستين، لكن أيضًا #حرومات_مُتبادلة. فكيف نستبق حل الخلافات ورفع الحرومات -مثًلا- باعتراف مُتبادل بالأسرار، بينما نظرة كل فريق للأخر بأنه هرطوقي ومُنشق لاتزال على حالها؟! لكن جهود الوحدة المتشودة واستمرار الحوار البنَّاء -في رأيي- يجب أن يستمرا، لأن ذلك يُساهم في خلق حالة من الانسجام والتقارب المطلوب، والأهم أن ينشأ ذلك في إطار عام من الشفافية تلافيًا لأى بلبلة كالتي حدثت وعكرت صفو الزيارة الرائعة لبابا الفاتيكان. |
|