رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل لكل السبي الذي سبيته من أورشليم إلى بابل. ابنوا بيوتًا واسكنوا واغرسوا جنات وكلوا ثمرها. خذوا نساء ولدوا بنين وبنات، وخذوا لبنيكم نساء، وأعطوا بناتكم لرجال فيلدن بنين وبنات واكثروا هناك ولا تقلوا. واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها، وصلوا لأجلها إلى الرب، لأنه بسلامها يكون لكم سلام" [4-7]. أ. جاءت الرسالة تناشدهم بقبول الضيقة بكونها من يد الرب، وعوض محاولة استعجال النجاة قبل الأوان المحدد يُلزمهم بالخضوع لبابل وأن يمارسوا حياتهم اليومية بطريقة طبيعية في استقرارٍ ما استطاعوا [5-6] وأن ينتظروا في خضوعٍ لله لكي ينقذهم في الوقت المناسب، لأن السبي مستمر ولن ينتهي في عامين كما ادّعى الأنيباء الكذبة. وأن عبادتهم لله الحيتستمر في البلد الغريب في غيبة الهيكل والذبائح (إر 7: 1- 15؛ 21، 22). بمعنى آخر كان غاية الرسالة ألا ينشغلوا بالعودة بل بالتوبة والعبادة حتى يأتي وقت الرجوع في الزمن المحدد. يبدو أنه قد حلّ بالمسبيين في البداية حالة كآبة لشعورهم بأنهم خطاة أكثر من كل الذين بقوا في أورشليم، لذلك كتب إليهم النبي ليهبهم نوعًا من التعزية خلال تحقيق مواعيد الله والخضوع للخطة الإلهية. لا بُد أن كثيرين من الشبان المسبيين كانوا غير متزوّجين، فحثّهم إرميا على الزواج، لكنه لا يعني بهذا الزواج بالبابليات. إن كان إرميا النبي قد طلب منهم أن يبنوا بيوتًا ويغرسوا جنات ويتزوجون كعلامة على استقرارهم زمنًا طويلًا، لكنه لم يطلب منهم أن يمارسوا حياة الفرح والتهليل، لأن فترة سبيهم إنما هي فترة توبة للرجوع إلى الحضن الأبوي. ب. يؤكد إرميا النبي أن هذه الرسالة مقدمة من "رب الجنود إله إسرائيل" [4]. فلم يكن إرميا إلا مجرد كاتب أو ناسخ لها. كان مريحًا لهم أن يسمعوا أن إلههم هو "رب الجنود" لم يدفعهم إلى السبي ليتركهم، لكنه قادر على خلاصهم ومساندتهم، وهو الإله الذي دخل مع شعبه في ميثاقٍ. فإن كان لم يُسر بهم بسبب خطاياهم لكنه ينتظر توبتهم ليردهم إليه. ج. إن كان يؤكد: "كل السبي الذي سبيته" [4]، "المدينة التي سبيتكم إليها" [7]، فإنه هو الذي سمح بالسبي ويسمح بالعودة في الوقت المعين! بمعنى آخر ما حدث لهم ليس لضررهم ولا حدث اعتباطًا، بل لخيرهم وبخطة إلهية. د. سمع صدقيا بارسال هذه الرسالة إلى المسبيين دون أن يقاومها، ربما إذ مات حننيا (إر 28: 17) شعر الملك بخطورة مقاومة النبي، أو لكي بطريق غير مباشر يؤكد للشعب عدم عودة يكنيا من السبي. ه. إذ جاءوا إلىبابل بسماحٍ إلهي يليق بهم أن يصلّوا لأجل خير مملكة بابل وثباتها [7]، فقد صاروا كجزءٍ منها. يطلب منهم أن يصلوا حتى عن سلامة الدولة التي سبتهم. إنه أمر مدهش بالنسبة لشعب اُمتصت كل أفكارهم وطاقاتهم في أرض الموعد، لكنها وصية عملية لشعب يبقى 70 عامًا في أرض السبي. يمكننا القول أن ما ورد هنا هو تذوق سابق للفكر الإنجيلي الخاصة بمحبة الأعداء والخضوع للرئاسات أيا كانت كما جاء في رسالة القديس بطرس الأولى: "اخضعوا لكل ترتيبٍ بشريٍ من أجل الرب: إن كان للملك، فكمن هو فوق الكل؛ أو للولاة، فكمرسلين منه للانتقام من فاعلي الشر وللمدح لفاعلي الخير؛ لأن هكذا هي مشيئة الله: أن تفعلوا الخير، فتُسكتوا جهالة الناس الأغبياء، كأحرارٍ، وليس كالذين الحرية عندهم سُترة للشر، بل كعبيد لله" (1 بط 2: 13، 16). وفي رسالة القديس بولس لتلميذه تيطس: "ذكرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين" (تي 3: 1)، وفي رسالته إلى تلميذه تيموثاوس: "فأطلب أول كل شيء أن تُقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس، لأجل الملوك وجميع الذين هم في منصب لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار" (1 تي 2: 1-2). يرى القديس أغسطينوس في هذه العبارة التزام الكنيسة والمسيحي بالصلاة من أجل المسئولين، حتى في السبي، يُصلي المؤمنون لأجل سلامة الدولة حتى يقضوا حياة هادئة مطمئنة كقول الرسول بولس (1 تي 2: 2) . يقول العلامة ترتليان: [بخصوص الكرامات الواجبة للملوك والأباطرة، لدينا نص كافٍ أنه يليق بنا أن نكون في تمام الطاعة وذلك كوصية الرسول (تي 3: 1)... ولكن حدود الطاعة في هذا أن نحفظ أنفسنا منعزلين عن عبادة الأوثان. ولنا في هذا مثال الثلاثة فتية، الذين مع طاعتهم للملك نبوخذنصر ازدروا بتقديم التكريم لتمثاله، فلم يقبلوا العبادة له... هكذا أيضًا كان دانيال خاضعًا لداريوس في كل الأمور، ثابتًا في واجبه ما دام بعيدًا عن أساس إيمانه (دا 6)]. يبدو أن بعض المسبيين التجأوا إلى بعض العرافين لتحقيق الأحلام، لكن الله حذرهم من ذلك. |
|