إذ سبق الله فتحدث مع يونان خلال النوء العاصف والسفينة التي تتخبط والبحارة الأمميين والقرعة والحوت يحدثه الآن خلال اليقطينة الضعيفة والريح الشرقية والدودة المحطمة لليقطينة. الله يتحدث في كل مرحلة باللغة التي يتجاوب معها الإنسان ويتفهمها، فيحن كان يونان ثائرًا في قلبه على قرار الله نحو نينوى متخذًا قرارًا بالهروب حدثه الله بلغة العنف اللائق بالقلب العنيف. حدثه بلغة النوء ليدرك ثورته الداخلية، ولغة البحارة الأمميين ليدرك أنه عرج عن روح الإيمان، وحدثه بالسفينة التي تتقاذفها الرياح ليكتشف قلبه الذي كاد يجنح وسط بحر هذا العالم، وتكلم معه خلال الحوت ليدرك الهوة التي أنجرف إليها والأعماق التي ابتلعته والسجن الذي أقام فيه نفسه... والآن إذ خرج يونان هزيلًا ليس فيه قدرة على المقاومة حدثه باليقطينة الشجيرة الضعيفة والدودة المفسدة ليدرك أنه ليس إلاَّ شجيرة ضعيفة تحطمها دودة الجحود وعدم التسليم.
في اختصار نقول أنه باللغة التي يحدثنا بها الرب نكتشف أعماقنا الخفية.
يرى القديس هيبوليتس الروماني أن الرياح الشرقية الحارة التي أعدها الله تُشير إلى ضد المسيح الذي يخرج من الشرق بسماح إلهي مقاومًا الكنيسة قبيل مجيء الرب الأخير.