رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخليفة المعز لدين الله الفاطمى ومعجزة نقل جبل المقطم البدايه الغريبه للحكم الفاطمي لم تبدأ خلافة حكمها مثلما بدأت الخلافة الفاطمية حكمها فقد جمع الفاطميين فى بداية حكمهم بإستخدام رجال ذو خبره ومهاره فى إدارة شئون البلاد بغض النظر عن دينهم أو عروبتهم فمثلاً لم يكن جوهر الصقلى عربياً ولكنه كان أسيراً عبداً يونانياً قُدم هدية إلى الخليفة المعز وكان يطلق عليه فى بعض الأحيان جوهر الرومى , ومن الرجال الذين عاونوا المعز يعقوب إبن كلس وهو يهودى الأصل كان يعيش فى بغداد ولما كان اليهود يعشقون المال فقد إعتنق الإسلام بهدف الحصول على أكبر قدر منه , فرحل إلى مصر فى عهد كافور الإخشيدى ويذكر المؤرخ إبن قلانس قصة إسلامه فيقول : " أن يعقوب إبن كلس كان واسع الحيلة والدهاء , ويروى أن كافور قال عنه يوماً : لو كان مسلماً لإستوزرته فلما سمع يعقوب ذلك دخل مسجداً فى يوم الجمعة .. ونطق بالشهادتين وما لبس أن هرب إلى المغرب .. وعاون الفاطميين على فتح مصر وقد جعله المعز اكبر مستشارية وعينه أميناً على بيت المال " ولا نستطيع الحكم على شخصية الخليفة الفاطمى المعز لأنه ليس لدينا معلومات كثيره عنه إلا أنه كان بصفه عامه كان يعامل المصريين بالعدل والإنصاف ويحكم بالمساواه ولم يميز بين مسلم وقبطى حتى أنه أبقى على الوزير القبطى أبو اليمن قزمان بن مينا ومن المعروف أنه ظل وزيراً طيله عهد كافور الإخشيدى وظل فى وظيفته 22 سنة – وزاد المعز فى التودد إلى القبطى أبو اليمن وخوله سلطة أوسع مما كان يتمتع بها فى عهد كافور ___________________________________ (1) إبن أياس – بدائع الزهور فى وقائع الدهور طبع بولاق جزء 1 ص 46 –47 (2) الدولة الفاطمية فى مصر – د/ جمال الدي ثروة المعز وعبيدة ( المماليك ) الذين يكونون جيشه بدأ نظام الحكم الإسلامى يتغير وبما أن عماد قوة الحكم الإسلامى الجيش فى فرض السيطرة على الشعوب فبدأ تكوينه من عناصر غير عربية فقد أعتمد المعز على المماليك أو العبيد ليتكون منهم جيشة وكانوا أكثر ولاء من بنى جنسه ولم يوليهم إقطاعات بل كانوا يعتمدون فى دخلهم على عطاءه لهم وقال المؤرخون أن عدد جيشه كان أكثر من 100 ألف ولأول مرة نجد قائداً غير عربى لجيش أسلامى هو جوهر الصقلى بعد أن كان المسلمون يعطون الوظائف الصغبرة فى الجيش للموالى المسلمون أى غير العرب مثل المشاة لأن الفارس يأخذ ثلاثة أضعاف أو أكثر من أغنام الحرب وقد ذكر لمقريزى فى كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار - الجزء الأول - 21 / 167 فقال : " ومنهم معد ولم تكن جيوشه تعدّ ولا لما أوتيه كان حد من كل ما يسعد فيه جدّ وحتى قيل: إنه لم يطأ الأرض بعد جيش الإسكندر بن فليبس المقدوني أكثر عددًا من جيوش المعز فلما قام في الخلافة بمصر من بعده ابنه العزيز بالله أبو منصور نزار استخدم الديلم والأتراك واختص بهم. وذكر الأمير المختار عبد الملك المسبحي في تاريخه: أن خزانة الخاص حملها لما خرج العزيز إلى الشام عشرون ألف جمل خارجًا عن خزائن القواد وأكابر الدولة. وذكر ابن ميسر في تاريخه: أن عبيد السيدة أم المستنصر بالله أبي تميم معدّ بن الظاهر لإعزاز دين الله أبي الحسن عليّ بن الحاكم بأمر الله أبي عليّ منصور بن العزيز بالله خاصة كانت عدّتهم خمسين ألف عبد سوى طوائف العسكر ورأيت بخط الأسعد بن مماتي أن عدة الجيوش بمصر في أيام رزيك بن الصالح طلائع بن رزيك كانت أربعين ألف فارس وستة وثلاثين ألف راجل وزاد غيره وعشرة شوانيُ بحرية فيها عشرة آلاف مقاتل وهذا عند انقراض الدولة الفاطمية فلما زالت دولتهم على يد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب أزال جند مصر من العبيد السود والأمراء المصريين والعربان والأرمن وغيرهم واستجدّ عسكرًا من الأكراد والأتراك خاصة وبلغت عدة عساكره بمصر اثني عشر ألف فارس لا غير فلما مات افترقت من بعده ولم يبق بمصر مع ابنه الملك العزيز عثمان سوى ثمانية آلاف فارس وخمسمائة فارس إلا أن فيهم من له عشرة أتباع وفيهم من له عشرون وفيهم من له أكثر من ذلك إلى مائة تبع لرجل واحد من الجند فكانوا إذا ركبوا ظاهر القاهرة يزيدون على مائتي ألف ثم لم يزالوا في افتراق واختلاف حتى زالت دولتهم بقيام عبيدهم المماليك الأتراك فحذوا حذو مواليهم بني أيوب واقتصروا على الأتراك وشيء من الأكراد واستجدوا من المماليك التي تجلب من بلاد الترك شيئًا كثيرًا حتى يقال: إنّ عدة مماليك الملك المنصور قلاون كانت سبعة آلاف مملوك ويقال: اثني عشر ألفًا وكانت عدة مماليك ولده الأشرف خليل بن قلاون اثني عشر ألف مملوك لم تبلغ بعد ذلك قريبًا من هذا إلى أن زالت دولة بني قلاون في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة بالملك الظاهر برقوق فأخذ في محو المماليك الأشرفية وأنشأ لنفسه دولة من المماليك الجركسية بلغت عدّتهم ما بين مُشترى ومُستخدم أربعة آلاف أو تزيد قليلًا فلما قدم من بعده ابنه الناصر فرج افترقوا واختلفوا فلم يقتل حتى هلك كثير منهم بالقتل وغيره. فطنة المصريين وكان للمعز والى إسمه جوهر كان المعز كلما أراد أن يفعل شيئاً يؤثر على المصريين وحياتهم كان جوهر يمنعه بلطف وسياسة ويقول له : " إن أهل مصر قوم فيهم مكر وفطنة يعرفون كل شئ ولا يخف عنهم مجهول فكأنهم يعلموا الغيب " .. فقال له : " يا جوهر إذا كان ما يقال عنه فطنة المصريين صحيح فأنا أريد أن أجربهم " ثم أمر المعز أن يأخذ المنادى (1) كبير من الورق مثل سجل (2) ويطوى بلا كتابة بداخله ويختم ( الختم إما بالرصاص أو الشمع وعليه خاتم الخليفة ) وكتب الكاتب العنوان الخارجى بإسم الخليفة – ثم أمر بضرب البوق قدام المنادى الذى يحمل الدرج ليجمع الناس ليحضروا لسماع سجل وأوامر الملك وأمر جواسيس يمشوا خلفة ويسمعوا ما يقوله أهل مصر ورجعوا جواسيسه وقالوا : " بعض الناس قالوا : هلم نسمع سجل الخليفة – ورد بعضهم وقالوا : لا تتعبوا أنفسكم إن كل ما فيه من كلام فارغ فى فارغ " فلما سمع المعز تعجب من ذلك جداً(3) المعز يدخل القاهره ذكر المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 69 من 167 ) : " وسار المعز بعساكره من المغرب حتى نزل بالجيزة فعقد له جوهر جسرًا جديدًا عند المختار بالجزيرة فسار عليه وقد زينت له مدينة الفسطاط فلم يشقها ودخل إلى القاهرة بجميع أولاده وإخوته وسائر أولاد عبيد الله المهدي وبتوابيت آبائه وذلك لسبع خلون من رمضان سنة أثنتين وستين وثلثمائة فعندما دخل القصر صلى ركعتين فاقتدى بهمن حضر وبات به ثم أصبح فجلس للهناء وأمر فكتب في سائر مدينة مصر: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأثتب اسم المعز لدين الله واسم أبيه المصلى فسبح في كل ركعة وفي كل سجدة ثلاثين تسبيحة ثم خطب بعد الصلاة وركب لفتح خليج مصر يوم الوفاء وعمل عيد غدير خم ومات بعض بني عمه فصلى عليه وكبر سبعًا وكبر على ميت آخر خمسًا وقدمت القرامطة إلى مصر فسير إليهم الجلوس وهزموهم وما زال إلى أن توفي من علة اعتلها بعد دخوله إلى القاهرة بسنتين وسبعة أشهر وعشرة أيام وعمره خمس وأربعون سنة وستة أشهر تقريبًا فإن مولده بالمهدية في حادي عشر شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلثمائة ووفاته بالقاهرة لأربع عشرة خلت من ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلثمائة وكانت مدة خلافته بالمغرب وديار مصر ثلاثًا وعشرون سنة وعشرة أيام وهو أول الخلفاء الفاطميين بمصر وإليه تنسب القاهرة المعزية لأن عبده جوهر القائد بناها حسب ما رسم له كما ذكر في خبر بنائها. " أنتهى هفتكين ذكر المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 69 من 167 ) : " حارة الديلم عرفت بذلك لنزول الديلم الواصلين مع هفتكين الشرابي حين قدم ومعه أولاد مولاه معزّ الدولة البويهي وجماعة من الدَّيْلَم والأتراك في سنة ثمان وستّين وثلثمائة فمكنوا بها فعرفت بهم. وهفتكين هذا يقال له الفتكين أبو منصور التركيّ الشرابيّ غلام معزّ الدولة وكان فيه شجاعة وثبات في الحراب. فلمّا سارت الأتراك من بغداد لحرب الديلم جرى بينهم قتال عظيم اشتهر فيه هفتكين إلاّ أن أصحابه انهزموا عنه وصار في ظائفة قليلة فولّى بمن معه من الأتراك وهم نحو الأربعمائة فسار إلى الرحبة وأخذ منها على البرّ إلى أن قرب من حوشبة إحدى قرى الشام وقد وقع في قلوب العربان منه مهابة فخرج إليه ظالم بن مرهوب العقيلي من بعلبك وبعث إلى أبي محمود إبراهيم بن جعفر أمير دمشق من قبل الخليفة المعزّ لدين الله يُعلمه بقدومه هفتكين من بغداد الإقامة الخطبة العباسيّة وخوّفه منه فأنفذ إليه عسكرًا وسار إلى ناحية حوشبة يريد هفتكين وسار بشارة الخادم من قبل أبي المعالي بن حمدان عونًا لهفتكين فَرُدَّ ظالم إلى بعلبك من غير حرب وسار بشارة بهفتكين إلى حمص فحمل إليه أبو المعالي وتلقّاه وأكرمه. وكان قد ثار بدمشق جماعة من أهل الدّعارة والفساد وحاربوا عمّال السلطان واشتدّ أمرهم وكان كبيرهم يُعرف بابن الماورد فلمّا بلغهم خبب هفتكين بعثوا إليه من دمشق إلى حمص يستدعونه ووعدوه بالقيام معه على عساكر المعزّ وإخراجهم من دمشق لِيليَ عليهم فوقع ذلكمنه بالموافقة وسار حتّى نزل بثنية العقاب لأيام بقيت من شعبان سنة أربع وستّين وثلثمائة فبلغ عسكر المعزّ خبر الفرنج وأنّهم قد قصدوا طرابلس فساروا بأجمعهمإلى لقاء العدوّ ونظل هفتكين على دمشق من غير حرب فأقام أيامًا ثم سار يريد محاربة ظالم ففرّ منه ودخل هفتكين بعلبكّ فطرقه العدوّ من الروم والفرنج وانتهبوا بعلبك وأحرقوا وذلك في شهر رمضان وانتشروا في أعمال بعلبك والبقاع يقتلون ويأْسرون ويحرقون وقصدوا دمشق وقد التحق بها هفتكين فخرج إليهم أهل دمشق وسألوهم الكفّ عن البلد والتزموا بمال فخرج إليهم هفتكين وأهدى إليهم وتكلّم معهم في أنه لا يستطيع جباية المال لقوّة ابن الماورد وأصحابه وأمر ملك الروم به فقبض عليه وقيّده وعاد فجبى المال من دمشق بالعنف وحمل إلى ملك الروم ثلاثين ألف دينار ورحل إلى بيروت ثمّ إلى طرابلس فتمكن هفتكين من دمشق وأقام بها الدعوة لأبي بكر عبد الكريم الطائع بن المطيع العباسيّ وسيّر إلى العرب السرايا فظفرت وعادت إليه بعده بمن أسَرته من رجال العرب فقتلهم صبرًا. وكان قد تخوّف من المعزّ فكاتب القرامطة يستدعيهم من الأحْسَاء للقدوم عليه لمحاربة عساكر المعزّ وما زال بهم حتّة وافوا دمشق في سنة خمس وستّين ونزلوا على ظاهرها ومعهم كثير من أصحاب هفتكين الذين كانوا قد تشتتوا في البلاد فقوي بهم ولقي القرمطة وحمل إليهم وسرّ بهم فأقاموا على دمشق إيامًا ثمّ رحلوا نحو الرّمْلة وبها أبو محمود فلحق بيافا ونزل القرامطة الرملة ونصبوا القتال على يافا حتّة كّلّ الفريقان وسئموا جميعًا من طول الحرب وسار هفتكين على الساحل ونزل صيدا وبها ظالم بن مروب العقيليّ وابن الشيخ من قبل المعزّ وفقاتلهم قتالًا شديدًا انهزم منه ظالم إلى صور وقتل بين الفريقين نحو أربعة آلاف رجل فقطع أيدي القتلى من عسكر المعزّ وسيّرها إلى دمشق فطيف بها ثمّ سار عن صيدا يريد عكّا وبها عسكر المعزّ وكان قد مات المعزّ في ربيع الآخر سنة 365 ه وقام من بعده ابنه العزيز بالله وسيّر جوهرًا القائد في عسكر عظيم إلى قتال هفتكين والقرامطة فبلغ ذلك القرامطة وهم على الرملة ووصل الخبر بمسيره إلى هفتكين وهو على عكّا فخاف القرامطة وفرّوا عنها فنزلها جوهر وسار من القرامطة إلى الأحساء التي هي بلادهم جماعة وتأخّر عدّة وسار هفتكين من عكّا إلى طبريّة وقد علم بمسير القرامطة وتأخّر بعضهم فاجتمع بهم في طبرية واستعدّ للقاء جوهر وجمع الأقوات من بلاد حوران والثنية وأدخلها إلى دمشق وسار إليها فتحصن بها ونزل جوهر على ظاهر دمشق لثمان بقين من ذي القعدة فبنى على معسكره سورًا وحفر خندقًا عظيمًا وجعل له أبوابًا وجمع هفتكين الناس للقتال. وكان قد بقي عبد ابن الماورد ردل يعرف بقسّام التراب وصار في عدّة وافرة من الدعّار فأعانه هفتكين وقوّاه وامدّه بالسلاح وغيره ووقعت بينهم وبين جوهر حروب عظيمة طويلة إلى يوم الحادي عشر من ربيع الأوّل سنة ستّ وستين وثلاثمائة فاختلّ أمر هفتكين وهمّ بالفرار ثمّ إنه استظهر ووردت الأخبار بقدوم الحسن بن أحمد القرمطيّ إلى دمشق فطلب جوهر الصلح على أن يرحل عن دمشق من غير أن يتبعه أحد وذلك أنه رأى أواله قد قلّت وهلك كثير ممّا كان في عسكره حتّى صار أكثر عسكره رجّالة وأعوزهم العلف وخشي قدوم القرامطة فأجابه هفتكين وقد عظم فرحه واشتدّ سروره فرحل في ثالث جمادي الأول وجدّ في المسير وقد قرب القرامطة فأناخ بطبريّة فبلغ ذلك القرمطي فقصده وقد سار عنها إلى الرملة فبعض غليه بسرية كانت لها مع جوهر وقعة قتل فيها جماعة من العرب وأدركه القرمطي وسار في أثره هفتكين فمات الحسن بن أحمد القرمطي بالرملة وقام من بعده بأمر القرامطة ابن عمّه جعفر ففسد ما بينه وبين هفتكين ورجع عن الرملة إلى الأحساء وناصب هفتكين القتال وألح فيه على جوهر حتّى انهزم عنه وسار إلى عسقلان وقد غنم هتفكين ممّا كان معه شيئًا يجلذ عن الوصف ونزل على البلد محاصرًا لها. وبلغ ذلك العزيز فاستعدّ للمسير إلى بلاد الشام فلما طال الأمر على جهور راسل هفتكين حتّى يقرّر الصلح على مال يحمله إليه وأن يخرج من تحت سيف هفتكين فعلق سيفه على باب عسقلان وخرج جوهر ومن معه من تحته وساروا إلى القاهرة فوجد العزيز قد برز يريد المسير فسار معه وكان مدّة قتال هفتكين لجوهر على ظاهر الرملة وفي عسقلان سبعة عشر شهرًا. وسار العزيز بالله حتّى نزل الرملة وكان هفتكين بطبرّية فسار إلى لقاء العزيز ومعه أبو إسحاق وأبو ظاهر أخو عز الدولة ابن بختيار بن أحمد بن نويه وأبو اللحاد مرزبان عز الدولة ابن بختيار بن عز الدولة ابن بويه فحاربوه فلم يكن غير ساعة حتّى هزمتْ عساكرُ العزيز عساكر هفتكين وملكوه في يوم الخميس لسبع بقين من المحرّم سنة ثمان وستّين وثلثمائة واستأمن أبو إسحاق ومرزبان بن بختيار وقُتل أبو طاهر أخو عز الدولة ابن بختيار وأخذ أكثر أصحابه أسرى وطُلب هفتكين في وكان قد فرّ وقت الهزيمة على فرس بمفرده فأخذه بعض العرب أسيرًا فقد به على مفرّج بن دعقل بن الجراح الطائيّ وعمامته في عنقه فبعض به إلى العزيز فأمر به فشهر في العسكر وطيف به على جمل فأخذ الناس يلطمونه ويهزَّون لحيته حتى رأى في نفسه العبر ثم سار العزيز بهفتكين والأسرى إلى القاهرة فاصطنعه ومن معه وأحسن إليه غاية الإحسان وأنزله في دار وواصله بالعطاء والخلع حتّى قال: لقد احتشمت من ركوبي مع مولانا العزيز بالله وتطوّفي إليه بما غموني من فضله وإحسانه. فلما بلغ ذلك العزيز قال لعمه حيدرة: يا عمّ والله إني أحبّ أن أرى النعم عند الناس ظاهرة وارى عليهم الذهب والفضة والجهور ولهم الخيل واللباس والضياع والعقار وأن يكون ذلك كلّه من عندي. وبلغ العزيز أنّ الناسَ من العامّة يقولون: ما هذا التركيّ فأمر به فشهّر في أجمل حال ولمّا رجع من تطوّفه وهب له مالًا جزيلًا وخلع عليه وأمر سائر الأولياء بأن يدعوه إلى دورهم فما منهم إلا من عمل له دعوة وقدم غليه وقاد بين يديه الخيول: ثمّ إن العزيز قال له بعد ذلك: كيف رأيت دعوات أصحابنا فقال: يما مولانا حسنة في الغاية وما فيهم إلا من أنعم وأكرم. فصار يركب للصيد والتفرّج وجمع إليه العزيز بالله أصحابه من الأتراك والديلم واستحبجه واختصّ به ومازال على ذلك إلى أن توفّي في سنة اثنين وسبعين وثلثمائة فاتّهم العزيزُ وزيرَه يعقوبض بن حارة الأتراك هذه الحارة تجاه الجامع الأزهر وترعف اليوم بدرب الأتراك وكان نافذًا إلى حارة الديلم والورّاقون القدماء تارة يفردونها من حالة الديلم وتارة يضيفونها إليها ويجعلونها من حقوقها فيقولون تارة: حارة الديلم والأتراك وتراة يقولون: حارتي الديلم والأتراك وقيل لها حارة الأتراك لأنّ هفتكين لما غلب ببغداد سار معه من جنسه أربعمائة من الأتراك وتلاحق به عند ورود القرامطة عليه بدشمق عدة من أصحابه فلما دمع لحرب العزيز بالله كان أصحابه ما بين ترك وديلم فلما قبض عليه العزيز ودخل به إلى القاهرة في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وستّين وثلثمائة كما تقدّم نزل الديلم مع أصحابهم في موضع حارة الديلم ونزل هفتكين بأتراكه في هذا المكان فصار يعرف بحارة الأتراك. وكانت مختلطة بحارة الديلم لأنهما أهل دعوة واحدة إلا أنّ كلّ جنس على حدة لتخالفهما في الجنسيّة ثم قيل بعد ذلك درب الأتراك. بداية الكتامة الذين حاربوا مع المعز ونهايتهم قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار - الجزء الثالث ( 98 من 167 ) : " حارة كتامة هذه الحارة مجاورة لحارة الباطليّة وقد صارت الآن من جملتها. كانت منازل كاتمة بها عندما قدموا من المغرب مع القائد جوهر ثمّ مع العزيز وموضع هذه الحارة اليوم حمام كواي وما جاورها مما وراء مدرسة ابن الغنام حيث الموضع المعروف بدرب ابن الأعسر إلى رأس الباطلية وكانت كتامة هي أصل دولة الخلفاء الفاطميين. أبي عبد الله الشيعي هو الحسن بن أحمد بن محمد بن زكريا الشيعي من أهل صنعاء اليمن ولي الحِسبة في بعض أعمال بغداد ثمّ سار إلى ابن حوشب باليمن وصار من كبار أصحابه وكان له علم وفهم وعنده دهاء ومكر فورد على ابن حوشب موت الحلوانيّ داعي المغرب ورفيقه فقال لأبي عبد الله الشيعي: إنّ أرض كُتامة من بلاد المغلاب قد خَربها الحلوانيّ وأبو سفيان وقد ماتا وليس لها غيرك فبادر فإنّها موطّأة ممهّدة لك. فخرج من اليمن إلى مكّة وقد زوّده ابن حوشب بمال فسأل عن حجّاج كُتامة فأُرشد إليهم واجتمع بم وأخفى عنهم قصد وذلك أنه جلس قريباص منهم فسمعهم يتحدّثون بفضائل آل البيت فحدّثهم في ذلك وأطال ثمّ نهض ليقوم فسألوه أن يأذن لهم في زيارته فأذن لهم فصاروا يتردّدون إليه لما رأوا من علمه وعقله ثمّ إنهم سألوه أينّ يقصد فقال: أُريد مصر فسرّوا بصحبته ورحلوا من مكّة وهو لا يخبرهم شيئًا من خبره وما هو عليه من القصد. وشاهدوامنه عبادة وورعًا وتحرّجًا وزهادة فقويت رغبتهم فيه واشتملوا على محبّته واجتمعوا على اعتقاده وساروا بأسرهم خدمًا له. وهو في أثناء ذلك يستخبرهم عن بلادهم ويَعلم أحوالهم ويفحص عن قبائلم وكيف طاعتهم للسلطان بإفريقية فقالوا له: ليس له علينا طاعة وبيننا وبينه عشرة أيان قال: أفتحملون السلاح قالوا: هو شغلنا. وما برح حتّى عرف جميع ما هم عليه. فلمّا وصلوا إلى مصر أخذ يودّعهم فشقّ عليهم فراقه وسألوه عن حاجته بمصر فقال: ما لي بها من حاجة إلا أنّي أطلب التعليم بها. قالوا: فأمّا إذا كنتَ تقصد هذا فإنّ بلادنا أنفع لك وأطوع لأمرك ونحن أعرف بحقّك ومازالوا به حتّى أجابهم إلى المسير معهم فساروا به إلى أن قاربوا بلادهم وخرج لى لقائهم أصحابهم وكان عندهم حسّ كبير من التشيّع واعتقاد عظيم في محبّة أهل البيت كما قرّره الحلوانيّ فعرّفهم القوم خبر أبي عبد الله فقاموا بحقّ تعظيمه وإجلاله ورغبوا في نزوله عندهم واقترعوا فيمن يضيفه ثمّ ارتحلوا إلى أرض كُتامة فوصلوا إليها منتصف الربيع الأوّل سنة ثمان وثمانين ومائتين فما منهم إلا منْ سأله أن يكون منزله عنده فلم يوافق أحدًا منهم وقال: أين يكون فجّ الأخيار فعجبوا من ذلك ولم يكونوا قطّ ذكروه له منذ صحبوه فدلّوه عليه فقصده وقال: إذا حللنا به صرنا نأتي كلّ قوم منكم في ديارهم ونزورهم في بيوتهم فرضوا جميعًا بذلك. وسار إلى جيل يلحان وفيه فج الأخيار فقال هذا فج الأخيار وما سمّي إلا بكم ولقد جاء في الآثار للمهديّ هجرة ينبو بها عن الأوطان ينصره فيها الأخيار من أهل ذلك الزمان قوم اسمهم مشتقّ من الكتمان ولخروجكم في هذا الفجّ سمّي فجّ الأخير فتسامعت به القبائل وأتته البربر من كلّ مكان وعظم أمره حتى أنّ كتامة اقتتلت عليه مع قبائل البربر وهو لا يذكر اسم المهدي ولا يعرّج عليه فبلغ خبره إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية فقال أبو عبد الله لكتامة: أنا صاحب النذر الذي قال لكم أبو سفيان والحلوانيّ فازداد محبّتهم له وعظم أمره فيهم وأتته القبائل من كلّ مكان وسار إلى مدينة تاصروق ومع الخيل وصيّر أمرها للحسن بن هارون كبير كتامة وخرج للحرب فظفر وغنم وعمل على تاصروق خندقًا فرجعت إليه قبائل من البربر وحاربوه فظفر بهم وصارت إليه أموالهم ووالى الغزو فيهم حتّى استقام له أمرهم فسار وأخذ مدائن عدّة فبعض إليه ابن الأغلب بعساكر كانت له معهم حروب عظيمة وخطوب عديدة وأنباء كثيرة آلت إلى غلب أبي عبد الله وانتشار أصحابه من كتامة في البلاد فصارو يقول: المهديّ يخرج في هذا الأيام ويملك الأرض فيا طوبى لمن هاجر إليَّ وأطاعني. وأخذ يغري الناس بابن الأغلب ويذكر كرامات المهدي وما يفتح الله له ويعدهم بأنّهم يملكون الأرض كلّها. وسير إلى عبيد الله بن محمد رجالًا من كتامة ليخبروه بما فتح الله له وأنه ينتظره فوافوا عبيد الله بسليمة من أرض حمص وكان قد اشتهر بها وطلبه الخليفة المكتفي ففرّ منه بابنه أبي القاسم وسار إلى مصر وكان لهما قصص مع النوشزي عامل مصر حتّى خلصا منه ولحاق ببلاد المغرب. وبلغ ابنَ الأغلب زيادة الله خبرُه مسير عبيد الله فأزكى له العيون وأقام له الأعوان حتّى قبض عليه بسلجماسة وكان عليها اليسع بن مدرار وحبس بها هو وابنه أبو القاسم. وبلغ ذلك أبا عبد الله وقد عظم أمره فسار وضايق زيادة الله بن الأغلب وأخذ مدائنه شيئًا بعد شيء وصار فيما ينيف على مائتي ألف وألحّ على القيروان حتّى فرّ زيادة الله إلى مصر وملكها أبو عبد الله ثم سار إلى رفادة فدخلها أوّل رجب سنة ست وتسعين ومائتين وفرّق الدُور على كتامة وبعث العمال إلى البلاد وجمع الموال ولم يخطب باسم أحد. فملا دخل شهر رمضان سار من رفّادة فاهتزّ لرحيله المغرب بأسره وخافته زَناتة وغيرها وبعثوا إليه بطاعتهم وسار إلى سَلجماسة ففرّ منه اليسع بن مدرار واليها ودخل البلد فأخرج عبيد الله وابنه من السجن وقال: هذا المهديّ الذي كنت أدعوكم إليه. وأركبه هو وابنه ومشى بسائر رؤساء القبائل بين أيديهما وهو يقول: هذا مولاكم ويبكي من شدّة الفرح حتة وصل إلى فسطاط ضُرب له فأنزل فيه وبعض في طلب اليسع فأدركه وحمل إليه فضربه بالسياط وقتله ثمّ سار المهدي إلى رفادة فصار بها في آخر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين. ولما تمكّن قتل أبا عبد الله وأخاه في يوم الاثنين للنصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين فكان هذا ابتداء أمر الخلفاء الفاطميين وما زالت كتامة هي أهل الدولة مدّة خلافة المهدي عبيد الله وخلافة ابنه القاسم القائم بأمر الله وخلافة المنصور بنصر الله إسماعيل بن القاسم وخلافة معدّ المعز لدين الله ابن المنصور وبهم أخذ ديار مصر لما سيّرهم إليها مع القائد جوهر في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة وهم أيضًا كانوا أكابر من قدم معه من الغرب في سنة اثنين وستّين وثلثمائة. فلما كان في أيّام ولده العزيز بالله نزار اصطنع الدّيلم والأتراك وقدّمهم وجعلهم خاصّته فتناسوا وصار بينهم وبين كتامة تحاسد إلى أن مات العزيز بالله وقام من بعده أبو عليّ المنصور الملقّب بالحاكم بأمر الله فقدّم ابن عمار الكتامي وولاّه الوساطة وهي في معنى رتبة الوزارة فاستبدّ بأمور الدولة وقدّم كتامة وأعطاهم وحطّ من الغلمان الأتراك والديلم الذين اصطنعهم العزيز فاجتمعوا إلى برجوان وكان صقلبيًا وقد تاقت نفسه إلى الولاية فأغرى المصطنعة بابن عمّار حتّى وضعوا منه واعتزل عن الأمر وتقلّد برجوان الوساطة فاستخدم الغلمان المصطنعين في القصر وزاد في عطاياهم وقوّاهم ثمّ قتل الحاكم ابن عمّار وكثيرًا من رجال دولة أبيه وجدّه فضعفت كتامة وقويت الغلمان. فلما مات الحاكم وقام من بعده ابنه الظاهر لإعزاز دين الله علي أكثر من اللهو ومال إلى الأتراك والمشارقة فانحطّ جانب كتامة ومازال ينقص قدرهم ويتلاشى أمرهم حتّى ملك المستنصر بعد أبيه فاستكثرت أمّه من العبيد حتّى يقال إنهم بلغوا نحوًا من خمسين ألف أسود واستكثر هو من الأتراك وتنافس كلّ منهما مع الآخر فكانت الحرب التي آلت إلى خراب مصر وزوال بهجتها إلى أن قدم أمير الجيوش بدر الجمالي من عكّا وقتل رجال الدولة وأقام له جندًا وعسكرًا من الأرمن فصار من حينئذٍ معظم الجيش الأرمن وذهبت كتامة وصاروا من جملة الرعيّة بعدما كانوا وجوه الدولة وأكابر أهلها. المراجـــــــــــــــــــــــــع (1) هو الرجل الذى يأخذ أوامر الخليفة ويقرأها على الناس فى الأسواق وأماكن تجمعاتهم ) درج ( لفه من الورق مخطوط مكتوب باليد) (2) مكتوب فيه أوامر الحكومة وتسمى اليوم سجلات وهى تسجل الآن على الكمبيوتر (3)سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثانى ص 82(4) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951 ص 121-122 –ثمانية أشهر , وأنه فى يوم من الأيام قبل وفاته , جعل أسرته تبايع إبنه العزيز الخلافة (1) " (5) سعيد الأنطاكى ص 146 (6) الخريده النفيسه فى تاريخ الكنيسه للأسقف الأنبا إيسوزورس طبع القاهره 1923 الجزء الثانى ص 248 |
|