منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02 - 01 - 2020, 06:32 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,465

قايين وهابيل


قايين وهابيل

قايين:
وهو الابن الأول لآدم وحواء – بعد السقوط – فهو أول إنسان وُلد في العالم. والاسم فى العبرية شبيه بكلمة عبرية أخرى بمعنى ” يقتني “، فعندما ولدته حواء ” قالت: اقتنيت رجلاً من عند الرب ” (تك 4: 1) ظناً منها أن فيه يتحقق وعد الله عن نسل المرأة الذى يسحق رأس الحية ( تك 3: 15).
هابيل:
هو الابن الثانى لآدم وحواء، ورابع البشر فى الخليقة. وهو اسم لا يُعلم اشتقاقه على وجه اليقين، ولكن يرجح البعض أنه يعنى ” نفخة ” أو ” بخار ” أو ” هشاشة “.
عملهما:
كان قايين عاملاً فى الأرض أما هابيل فكان راعيا للغنم وقدم كل منهما قرباناً للرب حيث قدم هابيل من أثمار الأرض، بينما قدم هابيل من أبكار غنمه ومن سمانها .
كيف عرفا الوصية بتقديم قربان للرب؟
وصايا اللـه للبشر لم تكتب إلا فى عهد موسى النبى حين أمره اللـه أن يكتب الوصايا التى سلمه إياها فى سفر ويحفظ هذا السفر فى خيمة الشهادة ( خيمة الاجتماع ) ولكن منذ أيام آدم وحواء وحتى موسى النبى كان كل جيل يعلم الأجيال التالية وصايا اللـه التى أوصى بها آدم ومن هنا عرفت البشرية وصية تقديم قرابين وذبائح فقدم الإنسان قرابين وذبائح عبر الأجيال منذ هابيل ومروراً بنوح وإبراهيم واسحق ويعقوب الى موسى حيث أصبحت الوصية مكتوبة لبنى إسرائيل.
لماذا قبل اللـه قربان هابيل ورفض قربان قايين؟
اختلفت الآراء حول السبب فالبعض قال أن هابيل قدم أفضل ما عنده وهو ما لم يفعله قايين. والبعض رأى أن هابيل قدم ذبيحة دموية فى حين أن قايين قدم ذبيحة غير دموية.
ومع احتمال ما لهذين الرأيين من صواب، إلا أننا نجد فى رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين سبباً واضحاً، حيث يقول ” بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. فبه ( بالإيمان ) شهد الله أنه بار” ( عب 11: 4 ). وهذا معناه أنه لم يكن عند قايين إيمان، وبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه ” إرضاء الله ” ( عب 11: 6 ).
” فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه ” ( تك 4: 5 )
إذن قايين لم يكن يسعى إلى محبة الله، وإلى إرضاء قلب الله، إنما كان يبحث عن كرامته الشخصية ورضاه عن نفسه وعن مركزه.
لو كان يبحث عن محبة الله، لكان فى حالة رفض الله لقربانه، يفتش كيف يرضى الرب، و لا مانع من أن يغير قربانه، ويقدم ذبيحة كهابيل، ويحسن تصرفه 0ولعل هذا ما قصده الرب بقوله : ” إن أحسنت، أفلا رفع ”
( ع 7 ) أى أفلا يرتفع وجهك، إن أحسنت التصرف، وإن أحسنت التقدمة، وإن أحسنت التفكير والشعور..
كانت أمامه فرصة لتحسين موقفه، ولكنه لم يستغلها، ولم يستفد من توجيه الرب ، الذى تنازل وكلمه. لم يشأ أن يعترف بينه وبين نفسه أنه مخطئ فى تقدمته، وأنه يجب أن يسلك كأخيه، إنما ركز على كرامته.
كانت ذاته تتعبه. وليته كان يحب ذاته محبة سليمة ! إن الذى يحب ذاته محبة حقيقية طاهرة من الكبرياء والعناد، لا مانع مطلقاً من أن يصحح لهذه الذات أخطاءها، ويعمل على تطهيرها من نجاساتها. أما محبة الذات الممتزجة بالكبرياء، فإن كبرياءها تعميها عن رؤية أخطائها، فتظل كما هى، وتصر على سلوكها.!
قايين أيضاً ركز كل تفكيره فى ذاته، كيف يتفوق على أخوه ويحظى برضى الرب ؟!. فرأى أن يتخلص من أخيه. يتخلص من هذا البار، الذى كلما يراه تصغر نفسه و يشعر أنه أقل. ورأى أنه إذا تخلص منه، لا يبقى أمامه شخص أفضل، يثير حسده.
كانت كبرياء الذات ، أهم عنده من نقاء الذات. حقا، إنها قصة متكررة، تحدث فى كل جيل، سببها عدم نقاوة القلب والاستسلام لمشاعر الغيرة.
لقد نبهه الرب إلى أن هناك ” خطية رابضة “. وقال له بكل وضوح ” وإن لم تحسن ، فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها، أنت تسود عليها ” . مازال فى متناول يدك أن تتخلص منها. إن الخطية مازالت على باب فكرك، وعلى باب قلبك، وعلى باب إرادتك. ومازالت إرادتك فى يدك، وأنت تسود عليها. فاحذر لنفسك قبل أن تتورط. ما أعمق هذا الحنو، فى معاملة الله للخطاة.
العجيب أن قايين، بعد أن كلمه الله، لم يستجب لكلمة الله، ولم يفتح لها قلبه، بل فتحه للخطية. بعد أن نصحه الرب، لم يستفد من النصيحة، إنما تورط فى الخطية، وبالأكثر، ” قام على هابيل أخيه وقتله “.
وسائط النعمة يستفيد منها من يشاء، ويرفضها من يشاء إنها لا ترغم الإنسان على عمل الخيرفالشاب الغنى، تقابل مع السيد الرب، وسمع نصيحة نافعة من فمه الإلهى، ولكنه بعد سماعها مضى حزيناً، ولم يقل الكتاب إنه نفذ شيئاً من تلك النصيحة إذا المشكلة تكمن فى وجود إستعداد داخلى ورغبة أم لا.
” وقام قايين على هابيل أخيه وقتله “. وهكذا تطورت به الخطية من سئ إلى أسوأ ، و هو مستسلم لها. وبعد أن كان يسود عليها ، صارت تسود عليه.
” أين هابيل أخوك ؟ “ ( تك 4: 9 )
لم يرو لنا الكتاب أن هابيل دافع عن نفسه، أو أنه قاوم الشر، أو حتى أنه شكا أو إستنجد أو إستغاث لقد لاقى مصيره فى صمت، ومات بيد أخيه. ولكن ” الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين “ (مز 103: 6) لم يسكت بل سأل قايين: ” أين هابيل أخوك ؟ ”
والعجيب أن قايين بدلاً من أن يعترف بخطيئته ويطلب المغفرة نجده يتمادى فى الشر ويجيب الرب قائلاً:
” لا أعلم، أحارس أنا لأخى ؟ ! “
حقاً، إن الكذب هو الإبن البكر لكل خطية. هو الغطاء الذى يحاول الخاطئ أن يغطى به على خطيئته فلا تظهر. ولكن الله واجهه بالحقيقة التى تكشف كذبه ، فقال له:
” صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض “. ( تك 4: 10)
إن هابيل لم يتكلم، ولكن دمه له صوت صارخ من الأرض. قد يصمت المظلومون. ولكن صمتهم له صوت صارخ إلى الله. والله يسمع هذا الصوت، صوت صمتهم الصارخ. إن يوسف الصديق قد ظلمه أخوته وظلمته إمرأة فوطيفار، وصمت. ولكن صمته كان يصرخ إلى الله، وسمع الله، وتدخل لينقذه من الظلم. والعمال الذين بخست أجورهم، يقول الكتاب إن هذه الأجرة المبخوسة تصرخ، والصراخ قد دخل إلى أدنى الرب ( يع 5: 4 ). إن الله يقاتل عنكم وأنت تصمتون، لأنه يسمع صوت صمتكم.
” فالآن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك “ ( تك 4: 11 )
هنا بدأت العقوبة. ولأول مرة هنا يلعن الرب إنساناً. عندما أخطأ آدم قال له ملعونة الأرض بسببك، ولكن لم يلعنه شخصياً. لعنت الحية، والأرض، ولكن هنا لأول مرة يلعن الإنسان. فأصبحت الأرض تتمرد عليه ” لا تعود تعطيك قوتها “ وفقد سلامه الداخلى ” تائها وهارباً تكون فى الأرض “.
” ذنبى أعظم من أن يحتمل “ ( تك 4: 13)
للأسف لم تكن عبارة توبة، إنما خوف من العقوبة. أى أن العقوبة أعظم من إحتماله.لذلك فإن الله الرحوم، الذى يشفق حتى على القلوب القاسية إذا ما تذللت أمامه، طمأن قايين الخائف ” وجعل له علامة لكى لا يقتله كل من وجده “ ( ع 15 ). بل قال له أيضا ” كل من قتل قايين، فسبعة أضعاف ينتقم منه “.
ونلاحظ أن قايين لم يطلب مغفرة لخطيئته ، بل أنه لم يقل عبارة أخطأت. كل ما أتعبه هو العقوبة. وإذ جعل الرب علامة لكى لا يقتله كل من وجده، ” خرج قايين من لدن الرب، وسكن فى أرض نود “


شخصية قايين:
عندما نتأمل قصة قايين كما وردت في سفر التكوين (4: 1-16) بالإضافة إلى ثلاث آيات أخرى وردت في العهد الجديد (عب 11: 4، 1يو 3: 12، يه 11) نستطيع أن نرى شخصية قايين وما كانت تتصف به، وإذا كان من المتعذر الإحاطة بها جميعاً، فعلى الأقل نقدر أن نشير في كلمات إلى أهمها وأظهرها، ولعلها :
• الضراوة والوحشية:
فإن كان فمجرد فكرة أن يقوم إنسان على شخص آخر ويقتله فكرة وحشية مجردة من الإنسانية فكيف يكون الحال إذا كان هذا الإنسان شقيقه!!!
• الكبرياء والاعتداد بالذات:
مما لا شك فيه أن قايين كان متكبراً، صلفاً، شديد الاعتداد بالنفس، والذات، ويبدو هذا بوضوح من الطريقة التي قدم بها قربانه لله، إذ كان ينظر الى تقدمته جيدة وسيقبلها اللـه بلا شك، ولذلك اغتاظ عندما لم يقبلها اللـه وفى نفس الوقت قبل قربان هابيل، بل أن سقوط وجهه بعد التقدمة يدل إلى حد كبير على أنه كان في الأصل ذا طبيعة متعالية شامخة !!
• الحسد:
خطية الحسد تملكت قايين وأسقطت وجهه عندما رفض الله قربانه وقبل قربان أخيه.
وللأسف فإن خطية الحسد تولد وتنمو وتثمر في الحال، إذ يكفي أن يرى الإنسان غيره يفضل عليه، حتى يشعر في التو واللحظة أن نيران الجحيم بأكملها قد استعرت فيه. وهى مثل النار الآكلة التى تأكل كل نعمة وبركة روحية ودائماً ما تكون أول ضحاياها المحبة.
• الأنانية وحب الذات:
وهل هناك من شك في أن قايين كان أنانياً، بل كان غارقاً في الأنانية وحب الذات؟!! ألم ير الدنيا وكأنما هي أضيق من أن تتسع له ولأخيه، وكأنما لا تستطيع أن تحملهما معاً متعاونين متحابين متساندين؟!! بل ألا تبدو هذه الأنانية في قوله لله: “أحارس أنا لأخي” وهي عبارة إن دلت على شيء، فإنما تدل على الذاتية وعدم الاهتمام بالآخرين؟!!
هناك صورة مشهورة لمصور بريطاني عنوانها: “أحارس أنا لأخي” وهي عبارة عن مقعد حجري على نهر التايمز، وقد جلس عليه ستة أو سبعة من التعساء البؤساء المشردين، ممن لم يكن لهم مكان في المدينة، فأتوا إلى ذلك المكان ليقضوا فيه ليلتهم، وتراهم في الصورة وقد ناموا وهم جلوس على المقعد، وكان ثلاثة منهم من العمال العاطلين، ورابع من الجنود المسرحين، وإلى جواره امرأة تحتضن طفلها وتميل برأسها على زوجها الجالس إلى جانبها، والجميع مستغرقون في النوم، وعلى مقربة من المكان فندق عظيم، يتلألأ بأنواره الفخمة التي يسكبها هنا وهناك!!.. والمعنى الذي يقصده المصور من صورته هذه، واضح وظاهر، إذ أن هؤلاء البؤساء ليس لهم مكان بين أخوتهم من رواد الفندق الفخم القريب !!
• الخداع والمكر
هما من الصفات البارزة في قايين فقد جعلت فى استطاعته أن يخفي في نفسه أمر مؤامرته وغدره، ثم يدعو أخاه إلى الحقل دون أن ينتبه هابيل الى نية أخيه. بل انه استغل ثقة أخيه ليخدعه ثم يقتله.
• الكذب:
كذب قايين واضح في الجواب الذي رد به على الله عندما سأله قائلاً: “أين هابيل أخوك” إذ قال: “لا أعلم”، وليس عجباً أن يكذب قايين، بل العجب ألا يكذب وهو من الشرير (أى الشيطان)، فقد قال السيد المسيح عن الشيطان “متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب” (يو 8: 44)
خطايا قايين:
لا نستطيع أن نقوم بحصر وإحصاء لخطايا قايين لان فاحص الكلى والقلوب هو اللـه، ولكن من التأمل فيما كتب عنه فى الكتاب المقدس نستطيع أن نرى بعض الخطايا مثل:
• البر الذاتى:
يعتقد بعض المفسرين أن قايين كان يشعر أنه بار وبلا خطية ولذلك قدم قربانه من ثمار الأرض ولم يقدم ذبيحة كأخيه هابيل. وكما هو معروف فى العهد القديم أن الخاطئ يجب أن يقدم ذبيحة تسفك دمها حيث أن ”بدون سفك دم لا تحصل مغفرة“ (عب 9: 22)
• قتل هابيل أخيه:
وهى خطية ارتكبها قايين مع سبق الإصرار دون أن ينتفع من تحذير الله وإنذاره، وقد اتسمت هذه الخطية على الأقل بعدة سمات، إذ كانت:
أولاً – الخطية القريبة من الباب: فقد قال له اللـه “إن أحسنت أفلا رفع وإن لم تسحن فعند الباب خطية رابضة”.
ثانيا – الإصرار: فقايين لم يقم بقتل أخيه هابيل فوراً بل قتله بعد تقديم القرابين بفترة إذ يقول الكتاب ”وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل“ وخلال هذه الفترة لم يراجع قايين نفسه ولم يتب.
ثالثا – وحشيتها: ففكرة قتل إنسان هى فكرة بشعة وأن يكون هذا القتيل هو أخيه فهى فكرة لا يمكن لعقل سوى أن يقبلها. ولذلك قال أحد الآباء أن اللـه عندما حذر قايين شبه الخطية بوحش عندما قال له ”عند الباب خطية رابضة “.
رابعاً – خطية ارتكبت بيد رفيعة: فقد كان من الممكن لقايين أن ينتصر عليها لو أراد، ولكنه ارتكبها بإصرار وعناد قلب. فبالرغم من تحذير اللـه له وتشجيعه إياه عندما قال له ”وأنت تسود عليها“ إلا انه لم يسمع لصوت اللـه وقام بقتل أخيه.
رفض التوبة:
البعض يقول أن قايين لم يتب، ولكن فى الحقيقة أن قايين رفض التوبة والدليل على ذلك:
+ عندما كانت الخطية فكرة لم يستجب لتحذير اللـه ” فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها “ (تك 4: 7)
+ خلال الفترة بين تقديم القرابين وقتله لأخيه لم يصرخ الى اللـه طالباً المعونة والنصرة.
+ عندما ارتكب الخطية لم يشعر بالندم ولم يطلب المغفرة.
• قساوة القلب:
الإصرار على رفض التوبة وسماع صوت اللـه جعله يصل الى مرحلة قساوة القلب. حتى أن اللـه عندما بدأ يوبخه على خطيئته قائلاً له ” “أين هابيل أخوك ؟“ كانت إجابته قاسية ”لا أعلم! أحارس أنا لأخي ؟“.
وهنا لم يكن هناك طريق آخر سوى اللعنة والعقوبة.
بل أن قايين بعد أن لعنه اللـه وعاقبه قال ”ذنبي أعظم من أن يحتمل“ وكأنه يشتكى ليس من ثقل الخطية ولكن من ثقل العقوبة.
هابيل البار
فليعطنا الرب بركة هابيل البار، أول من ذكر الكتاب أنه قدم محرقة الرب، وذبيحة مقبولة، نذكرها باستمرار في كل قداساتنا. فنقول في مقدمة أوشية بخور باكر “يا الله، الذي قبل إليه قرابين هابيل الصديق.. اقبل إليك هذا البخور من أيدينا نحن الخطاة”..
وذبيحة هابيل الصديق تعطينا فكرة عن أهمية التقليد في الكنيسة. لأن هابيل في تقدمته لم ينفذ وصية مكتوبة، ولم تكن هناك شريعة مكتوبة في أيامه، ولا وصية مكتوبة تأمر بتقديم المحرقات.. إنما أخذها هابيل عن أبيه، الذي أخذها من الله لم تكن هناك وصايا مكتوبة أيام هابيل. ولكن كان هناك التقليد أو التسليم. وجيل يسلم جيلاً وصايا الرب. وظل الأمر هكذا في كل ذبائح نوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب، إلى أن وصلت إلينا الشريعة المكتوبة على يد موسى النبى، بعد آلاف من السنين عاشتها البشرية بالتقليد والتسليم من الآباء..
وجميل جداً هو قول الكتاب عن تقدمة هابيل البار: ”وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها“ (ع 4) لقد قدم البار أفضل ما عنده للرب. بل أنه نفذ وصية البكور، قبل أن يقول الرب على يد موسى النبى ”قدس لى كل بكر، كل فاتح رحم.. إنه لى“ (خر 13: 2).
أتراه قدم البكور، بروح النبوة، قبل الوصية المكتوبة؟ أم تراه فعل ذلك عن طريق التقليد والتسليم أيضاً؟ أم هو القلب البار الحساس الذي يدرك مشيئة الرب ورغبته، دون أن يتلقنها من معلم..؟
إنه هابيل الذي شهد له أنه بار، وشهد الله لقرابينه. ”وبه وإن مات يتكلم بعد“ (عب 11: 4) ولقد ذكره بولس الرسول في مقدمة رجال الإيمان: فقال ”بالإيمان، قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين“ (عب 11: 4). إذن لم تكن هذه الذبيحة مجرد أمر تعوده هابيل، أو تسلمه بلا فهم. وإنما كان عملاً من أعمال الإيمان ”به شهد له أنه بار“..
إن هابيل يمثل الإيمان وهو بكر، في بداية معرفته. إنه أول إنسان في العالم، وصف بكلمة الإيمان.
ترى ماذا كان الإيمان في أيام هابيل؟
إنه على أية الحالات كان بداية لذلك المبدأ اللاهوتى القائل ”بدون سفك دم لا تحصل مغفرة“ (عب 9: 22). الخطية كشفت عرى الإنسان آدم، والذبيحة غطته، حينما صنع له الله أقمصه من الجلد (تك 3: 21)، ورفض أن يغطى بورق التين، وبشئ من ثمار الأرض.
وعرف هابيل هذه الحقيقة: الله يريد الدم لا ثمار الأرض. فقدم الدم من أبكار غنمه ومن سمانها. بينما قدم قايين من ثمار الأرض. وكأنه لا يؤمن بما حدث لأبويه..
وكانت ذبيحة هابيل رمزاً لذبيحة السيد المسيح. وكان هابيل في ذبيحته كاهناً للرب. ولم يكن قايين كذلك..
ولم يذكر الكتاب خطية ارتكبها هابيل، بل شهد له السيد المسيح نفسه أنه بار (مت 23: 35). ويذكرنا بالبر الذى يناله كل من يقدم ذبيحة للرب.
أنستطيع أيضاً أن نقول إن هابيل كان أول شهيد:
لقد قتل لأجل بره، وبسبب ذبيحته التي قبلها الرب، ورضى عنها إنه أول دم بشرى يتقبله الرب.
إنه باكورة الدماء الزكية المقدسة التي تقبلتها السماء، عبر الأجيال الطويلة..
إنه الباكورة التي قدمت بكورها للرب.
وحسناً إنه انتقل إلى السماء بعد تقديمه الذبيحة.
إنتقل وهو في حالة بر، مقدس بالذبيحة التي قدمها.
وعزيز عند الرب موت أتقيائه.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
قصة قايين وهابيل:
قايين وهابيل
قايين وهابيل
قايين وهابيل (2)
قايين وهابيل


الساعة الآن 02:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024